نقد

الشعر الجاهلي…الذي هدمه طه حسين

لايخفى على أحد أن الشعر ديوان العرب ولما أن جاء موقعهم بين القوتين العظمتين بين فارس والروم ، إتخذه طه حسين الذي شكك في كل شيء ، حتى في الشعراء أنفسهم.


” ولسنا نخشى على هذا القرآن من هذا النوع من هذا الشك والهدم بأساً، فنحن نخالف أشد الخلاف أولئك الذين يعتقدون أن القرآن في حاجة إلى الشعر الجاهلي لتصح عربيته، وتثبت ألفاظه نخالفهم في ذلك أشد الخلاف”.


يبدأ أن طه حسين ببحثه عن موضوع الشعر في علاقته بالقرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيبدأ بذكر التاريخ السياسي التي كانت عليه شبه الجزيرة العربية من تصورها ورغبتها في أن تصبح ذو قوة ونفوذ.


ففي العقد الأخير من القرن الثاني الهجري ذاعت خصومة بين علماء ورواة الكوفة والبصرة ، أصبح الكل فيها يهمز للأخر بالنحل والوضع إلى أن جاء ابن سلام الجمحي واخذ يفصل الأمر تفصيلا ، وفي عشرينيات القرن الحالي ترءا لنا باحثان يبحثان في أن الشعر الجاهل هل له وجود؟


إن هاجس القدماء ليس كهاجس المحدثين الذين انتقدوا الأدب العربي فهذه  ثورة إختزلها طه حسين إبان 1926 حيث صدر له كتاب “في الشعر الجاهلي”وأن  أغلبية الشعراء  لم يوثقوا الشعربل نحلوه ووصفوه لمحاولة نيل شهرة او لأغراض أخرى. 


إن العودة إلى الشك في الشعر الجاهلي في تجديد معانيه في اللغة والبناء التي كانت أنذاك وقد ساهم في ملاحظات المستشرقين خصوصا منهم مركليوث الذي نفى أن يكون هذا الشعر الجاهلي موجودا عند العرب وخصوصا شبه الجزيرة العربية. 


فلم يكن مركليوث وطه حسين إلا وقد تشارك في على أن الشعرالجاهلي ليس له وجود وأنه لايجوز التعويل به في فهم القرآن الكريم ، فالمستشرقون والباحثون الذي يتحدون في تعريف  الشعر برمته يتخطا معنى اللغة إلى ماهو أكبر ألا وهو البناء. 


ومركوليوث الذي برز في التدقيق والإيضاح على أن للشعر الجاهلي نواقص وعيوب يحق لها أن تظهر وأن أصله جاء بحثه في كيفية معرفة أديان العرب كما يقول النقاد أو مانفع من تصوره الإنثربولوجي.


ولعلنا ندرك أن طه حسين  في حديثه عن التشكك في ماهية الشعر القديم وكان يتوخى تصنيف المدارس الفنية فيه. 


لما أن جاء الإسلام إنشغل العرب عن الديوان بالدين،تحت هول الصدمة التي لازامت االعرب في أم القرى ومن حولها،  بعد ماأفحمهم وتحداهم ، فنكص المشركون بينما هوت أفئدة المؤمنين على الدين الجديد ، يدافعون عنه دفاعهم عن أحسابهم وأنسابهم ، فوجدوا في من ألفاظ ومعاني جديدة إستنبطوها من الشعر الجاهلي. 


يقول الشافعي :”لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا ولانعلمه  يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي”.


والثابت ان ماوصلنا من لسان العرب قليل وأنه لايمكن أخذ جميع الفاظ اللغة من مصادرها ، ولو “لم تؤخذ اللغة الا عن أهل الوبر وقد تركوا الأخذ عن أهل المدر والحضر لما عرض للغاتها من الاختلال والفساد والخطل” فهذا دليل على أن الشعر الجاهلي قد جاء ليفسر القرآن.


فقد كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه هذه القولة تنسب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه،  فالشعراء أنفسهم الذين حولهم هذا الكتاب كأمثال إمرؤ القيس أنه كان يمتاز بالنحل وبالإختلاط ، وإذ لم يكن هنا كتابه مدعاة للهدم في تحليل الشعر الجاهلي والغريب في الامر أنه تجرأ على القرآن والنبي محمد صلى عليه وسلم، فهل كان العميد يعرف مدى هدم هذا الكتاب؟.


فبالرغم من اعتباره ناقصا في بعد تحليله لخطاب الشعر القديم وإبتعاده عن اللغة ببناءا وشكله ومضمونها ، فالطريقة التي إعتبر به طه حسين أن الشعر الجاهلي لم يكن أفضل منه الشعر الأجنبي، إلا أن هذا الكتاب كان سيكون مثل الكتب التي انتقدت الشعر الجاهلي من ناحية البناء واللغة والشكل ولو لم يجمع طه حسين بين نشأة اللغة وبين وجود العرب أصلا وبين نزول القرآن الكريم وبين نسب الرسول عليه السلام،  لما كان ناقد من ينتقد الكتاب ويحاول تصحيحه. 


_الخصائص،لابن جني 

_المزهر في علوم اللغة وانواعها ، جلال الدين السيوطي.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى