الاتصال والتداولية
التداولية من مكونات النظرية السيميائية الجوهرية التي تدرس العلاقات بين العلامات ومستخدميها. ويشير فان دايك إلى حتى التداولية، ينبغي لها حتى تخصص للمجال العملي أوالإجرائي الذي يقوم على قوانين اللغة وماقد يكون لها من آثار في إنتاج المنطوقات وتفسيرها، وهي بوجه خاص لا بد حتى تسهم في تحليل الشروط التي تجعل المنطوقات مقبولة في موقف بعينه عند متحدثي اللغة.
استمدت التداولية في جوهرها من فلسفة اللغة، لاسيما نظرية أفعال الكلام، واستمدت من تحليل المخاطبات ومن الاختلافات الثقافية في التفاعل اللغوي على الشكل الذي تراه العلوم الاجتماعية.
ووفقا لذلك فأننا ندرس تداولية الاتصال من أربعة جوانب:
- التداولية وقوانين التفاعل.
- التداولية وقوانين التفسير.
- التداولية والمقصدية.
- التداولية والموقفية.
- التداولية وقوانين التفاعل
إذا كانت اللغة نظاما، أي طائفة من العناصر التي يشغل جميع عنصر منها وظيفة الإسهام في تشغيل الكل، فإن السلوك الإتصالي communication behavior يحدد النظر إلى اللغة بأنها نظام تفاعلي ما ملاحظة الارتباط بين مستوياتها، وبين العوامل المعهدية والموقفية والثقافية.
وقوانين التفاعل rules of interaction هي مجموعة كامنة من القوانين غير اللغوية التي تحكم زمن وقوع الكلام، وكيفية وقوعه ومدى تكراره لدى جماعة معينة وهي تختلف باختلاف المجتمعات.
وللتفاعل معايير تحكم المسافة الفيزيقية بين المشاركين في واقعية كلامية بعينها وخاصة في المحادثة؛ ومثال ذلك يلاحظ حتى العرب وشعوب آخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط وشعوب أمريكا اللاتينية يفضلون التفاعلات التي تقع عن قرب في المسافة، بينما يفضل الناس في شمال أوروبا الاحتفاظ بالمسافة فيما بينهم. هكذا تحكم قوانين التفاعل النشاط الاتصالي وتوجهه، وعندما تنكسر قوانين التفاعل ينتج الارتباك أوالحيرة، ولذلك يجب على قوانين التفاعل.
- التداولية وقوانين التفسير
تمتلك الجماعات الكلامية قوانين متفردة لتفسير الرسائل سواء اللفظية أوغير اللفظية، وقد كانت قوانين التفسير rules of interpretation من مكونات الكلام الجوهرية، فتختلف بين الأفراد من جماعات كلامية مختلفة، كما أنها تتبع نظم المعتقد في جماعة بعينها، وتختلف من ثقافة إلى أخرى وقد تختلف داخل المجتمع الواحد إذا كان من المجتمعات المتعددة الأشكال، ولا شك حتى الوعي بتلك الاختلافات والحاجة إلى الفهم أمور هامة في الاتصال بين الثقافات.
- التداولية والمقصدية
كان من أبرز مجالات العمل في فهم اللغة النصي، التمييز بين العوامل النصية الخارجة عن النص والعوامل النصية الداخلية، وقد بحثت العوامل الخارجة عن النص في إطار الإتصال النصي، وفي إطار تداولية النص، وأن هناك دائما دوافع وإستراتيجيات تمنع إنشاء النص والانتفاع به، فيجب فهم هذه الدوافع والإستراتيجيات.
ويبين سوونسكي حتى تداولية النص قد عنيت ببحث عوامل التحقيق النصي الخارجة عن النص بالدرجة التي تعيين بها هذه العوامل إنجاز النص وصيغته ومقصده.
كان دوبوجراند ودرسلر قد حددا معايير سبعة للنصية textuality، جعل منها القصدية intentionality، التي تدخل مع الموقفية situationality، في مجال اختصاص تداولية النص. وبالرغم من حتى السبك cohesion والحبك coherence من أوضح معايير النصية التي نعتبرهما معا يشيران إلى كيفية تكيف العناصر المكونة للنص بعضها مع بعض لصنع المعنى غير حتى أفكارنا عن السبك والحبك لا تبدونافعة في دراسة النص إلا إذا تعاملت مع كيفية قيام الصلات والعلاقات بين المتواليات الاتصالية،
إذا السبك والحبك لا يمكن لهما حتى يقدما فواصل مطلفا بين النصوص واللا نصوص في الإتصال العملي، وأن الهجريب اللغوي ينبغي حتى يقصد إلى حتىقد يكون نصا مقبولا حتى يصير نافعا في التفاعل الاتصالي.
ويتضمن مبدأ المقصدية مقاصد منتج النص، ويستطيع منتج النص بحسب الحاجة حتى يقلل الحبك عن عمد لعمل تأثير خاص، إذا المقصدية هي جميع الطرق التي يستخدمها منتجوا النص لتعقب مقاصدهم. واهتم هايمس بالأغراض والأهداف purpose and goals، وجعلها من مكونات الكلام الجوهرية وهي من مكونات التداولية أوغير اللغوية، فكل الأحداث لها أغراض، ويستطيع الأفراض على جميع مستوى من مستويات اللغة تسخير النظام لعوامل شخصية أوجماعية أولمؤثرات فنية.
- التداولية والموقفية
الموقف من العوامل الخارجة عن النص ويعني في دراسة الموقف بتقرير العوامل الاجتماعية التي تكون خلفية المنطوق أوالنص، والتي ترتبط بظروف إنتاجه وعدد المشاركين وطبيعة شخصياتهم والمجالات التي يتحدثون فيها وما يصاحب الكلام من أفعال وحركات جسمية.إلخ. ويعهد فيشمان الموقف بأنه الوقوع المتصاحب لمتحدثين أوأكثر يرتبط إحداهما بالآخر ارتباط خاص، ويقيمان بينهما اتصالا حول محور بعينه، في وضع خاص.
وكان مالينوفسكي قد عرض لما أسماه سياق الموقف context of situation وهومحيط الكلام، وكان يرى ضرورة تحديد ما يخرج عن المحيط المباشر، وقد قدم مالينوفسكي فكرتين ضرورتين لفهم النص فهما مناسبا؛ الفكرة الأولى سياق الموقف، والثانية سياق الثقافة، فينبغي حتى تفهم جميع اللغات في سياقها الموقفي.
وقد تبع فيرث مالينوفسكي في عنايته بخلفية اللغة الثقافية، ولكنه عثر حتى تصور مالينوفسكي سياق الموقف لم يكن مناسبا تماما لاغراض النظرية اللغوية، فكان فيرث في حاجة إلى مفهوم للسياق يمكن حتى يشكل في نظرية لغوية عامة مفهوم أكثر تجريدا من ذلك المفهوم، من أجل ذلك خلق فيرث إطارا لوصف سياق الموقف، وكانت مكونات السياق عنده:
- المشاركون في الموقف.
- عمل المشاركين، أي ما يعملون بما في ذلك العمل اللفظي والعمل الغير اللفظي.
- سمات أخرى تناسب الموقف كالأمور والوقائع المحيطة.
- تأثيرات العمل اللفظي أي ما يطرأ من تغييرات ناتجة عما يقوله المشاركون.
وبد ذلك اتى هاليداي الذي أهتم بالموقف من منظور سيميائي اجتماعي، وقد وضح حتى اللغة تحيا فقط عندما توظف في محيط بعينه، ويحدد هاليداي عناصر النظرية السيمائية الاجتماعية للغة، بالنص والموقف والتنوع النصي أوالسجل، والشفرة، والنظام اللغوي، والبنية الاجتماعية، وهذه العناصر تكون هي الأساس في نظرية اللغة السيميائية الاجتماعية، ويعنينا هنا الموقف.
والموقف هوالمحيط الذي يولد فيه النص، وقد أكد هاليداى ضرورة عرض الموقف في حدود أكثر تجريدا، وهذا يعني حتى الموقف بنية لغوية اجتماعية نظرية. وأيضا هوبنية سيميائية، ويمكن حتى تعرض البنية السيميائية لنمط موقفي على أنها مكونة من ثلاثة أبعاد:
- حقل الخطاب field.
- مجرى الخطاب tenor
- صيغة الخطاب mode.
واتى مورلي واضاف إلى ما تقدم ضلعا رابعا وهذا الضلع هودور الخطاب role of discourse ويعني به وظيفته الاجتماعية. ويحاول بعض اللغويين التمييز بين الموقف والسياق، فإذا كان الموقف هومجموعة العوامل الاجتماعية المتنوعة، التي تكون خلفية الحدث الإتصالي ومحيطه، فإن السياق كما يرى مورلي فهومستوى يقع بين الشكل form والموقف situation ويستخدم السياق عنده لجدولة مظاهر الموقف التي تؤثر في الشكل المختار.
ومن ناحية أخرى فقد اتخذ سول الموقف عاملا من عوامل التمييز بين الرسالة المنطوقة والرسالة المكتوبة، ففي الرسالة المنطوقة يشهجر المرسل والمستمع في موقف غير لغوي بعينه، وفي الرسالة المكتوبة ينبغي للمحرر حتى يخبر القارئ بالموقف، ويؤكد سول على أهمية فهم الموقف في فهم اللغة المنطوقة، وفي الوقت نفسه يشي إلى حتى المحادثات المكتوبة لا تفهم من غير المشاركين فيها.
وبالرغم من هذا التمييز بين الموقف والسياق فأن بعض اللغويون مازال يخلطون بينهما، كما في درس بنية السياق عند دايك، وأيضا في قائمة السياق التي صنفها إنكست، جمع فيها ما أسماه عناصر السياق النصي وعناصر السياف الخارج عن النص التي هي الموقف.
ومن الأفضل حتى نجعل مثل هذا التمييز بين ثلاثة مفاهيم أساسية، هي الموقف، والسياق، والسياق الموقفي. فالموقف يبنى على العوامل الاجتماعية والثقافية والسلوكية التي تصاحب الحدث، أما السياق فيختص بالسياق اللغوي، أما السياق الموقفي فهومشهجر بين كلا النوعين.
- النص الأدبي بوصفه اتصالا
يرى كثير من فهماء اللغة حتى النص هوحصيلة الكفاءة اللغوية لمؤلف بعينه، وقد عني فهم اللغة النصي بتوصيف النص من الناحية الاتصالية، وفي النص الأدبي لا نجد المرسل الذي ينقل رسالته إلى المستقبل نقلا مباشرا كما هي الحال عادة، ولكننا نجد موقفا اتصاليا داخل موقف اتصالي آخر.
وأن الاتصال الأدبي يوجه إلى غير معروفيين للمؤلف، وفي النص الأدبي نجد حتى هذا النص الذي ينتجه المؤلف على إطلاقه ويقبل اجتماعيا على إطلاقة أيضا.