إصداراترقمنة ومعلوميات

مراجعة كتاب: «كيف تكون باحثًا: دليل إستراتيجي للنجاح الأكاديمي»


وينتقل المؤلف إلى الفصل السادس بعنوان “التعاون والإشراف” حيث يؤكد على فوائد التعاون في ميدان الأبحاث العلمية التجريبية بين مختلف الباحثين، والإشراف المشترك من قبل الباحثين على رسائل الماجستير والدكتوراه. ويحثّ المؤلّف الباحثين الأكاديميين على تأطير هذا التعاون في مجموعات بحثية ذات اهتمامات مشتركة في مكان واحد، أو في عدة أماكن مختلفة وبعيدة من خلال التعاون عن بُعد.

ولا يخلو هذا النوع من التعاون من بعض المشكلات كالأحقية في دور الباحث الأول وحقوق التأليف أو الملكية الفكرية والخيانة العلمية والانتهازية التي قد يلجأ إليها بعض المشرفين على طلاب الدراسات العليا؛ حيث يسيئون استخدام سلطتهم الإشرافية على طلابهم فيجبرونهم على إضافتهم كباحثين مشاركين في دراساتهم وأبحاثهم، وهذا يولّد شعورًا سيئًا لدى طلاب الدراسات العليا الذين يضطرون إلى إضافة مشرفيهم كباحثين مشاركين خشية أن يعرقلوهم أو يتحاملوا عليهم في حين رفضوا ذلك. 

يمكن للإشراف على الدكتوراه أن يكون مفيدًا جدًّا، ولكنَّه مهمَّة شاقة ومُرهِقة تحتاج إلى مهارات اجتماعية وفكرية وبحثية. يختم الفصل بتذكير المشرفين بضرورة توجيه طلابهم إلى أفضل الممارسات التي تعينهم على المضي قدمًا في كتابة أبحاث الماجستير والدكتوراه وتسليمها في وقتها. “من الأساسيِّ للمشرف أن يضمن شعور الطُّلَّاب بالضَّرورة الملحَّة ووضع المهمَّة في وحدات أصغر يمكن إدارتها. أوصي بشدَّة أن يُطلَب إلى الطُّلَّاب كتابة عملهم تدريجيًا خلال تقدُّمهم في الدِّراسة” (ص، 87).

وينتقل المؤلف إلى الفصل السابع بعنوان “التواصل بالبحث” من خلال النشر. ولكن قبل نشر البحث لابد من كتابته بطريقة أكاديمية تستوفي عناصر البحث الجيد ومتطلباته العلمية. تختلف الكتابة الأكاديمية العلمية عن الكتابة العادية من حيث اللغة والدقة والتركيب. كما أنّ مهارات العرض الشفهي مهمة جدًا للباحثين الجُدد، لا سيما في المؤتمرات العلمية وورش العمل والندوات العلمية.

وتتطلَّب الكتابة النوعية بيئة مناسبة ومحفّزة تنسجم مع شخصية الباحث وميولاته. “قد تكون هذه البيئة في مكتب الجامعة أو في مكتب المنزل أو في مقهى إنترنت وفقًا لشخصيَّة الفرد وظروفه”(ص، 111). يعتقد مؤلّف الكتاب أنّ أبحاث المجلات العلمية التجريبية أصعب أنواع الأبحاث لأنها تحتاج إلى دقة في التعبير ومنهجية علمية سليمة تقود إلى نتائج منطقية. تخضع الأبحاث في العادة إلى مراجعة علمية دقيقة من قبل باحثين تختارهم المجلة من ذوي التخصص لا يعرفون الباحث، وليسوا على اتصال معه بأي طريقة، لضمان موضوعية حكمهم ونزاهته.

وتبقى كلمة الفصل في قبول البحث أو رفضه عند رئيس تحرير المجلة. ويؤكّد المؤلّف على أنّ رفض الأبحاث العلمية تجربة صعبة يمُرّ بها كل الباحثين، ومن المهم دراسة التغذية الراجعة من المحكّمين والتعلّم من النقد، وبالخبرة ستقُلّ معدلات رفض الأبحاث من المجلات العلمية، ولكن سيبقى هناك رفض للأبحاث، بغض النظر عن خبرة الباحث وتمكّنه من مجال بحثه.

ويذكّر المؤلّف الباحثين والأكاديميين بضرورة الحذر من المجلات المشبوهة والمزيفة التي زادت مؤخرًا بفضل التكنولوجيا الحديثة. وأحيانًا تتم دعوة الباحثين حديثي العهد بالبحث العلمي إلى المشاركة في كتابة فصل ما في كتاب ما، وهذه فرصة ثمينة للباحثين الجدد لممارسة مهارات بحثية ذات صلة بتخصصهم ومجالات بحثهم واستعراض ملكة الكتابة لديهم.

ومن وجهة نظر المؤلف الخبير فإنّ كتابة المقرَّرات الدراسية في المرحلة الجامعيَّة الأولى لن تطوّر مهنة الباحثين بقدر ما تطورها كتابة كتب أخرى أو تأليفها، ولا ينبغي لكتابة الكتب والتأليف أن توقف الباحثين عن الاستمرار في نشاطهم البحثي والنشر في مجلات علمية لأنّ النشر في المجلات العلمية المحكّمة يخضع لمراجعة النظراء والتحكيم العلمي وضمان الجودة، خلافًا لتأليف الكتب الذي لا يخضع في العادة لهذه الإجراءات العلمية الشديدة.


تـابع قراءة المقال …

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تعليق واحد

  1. أقدّرجهدكم الذؤوب لتعميم المعرفة وتنشيط العقول،اللهم أجعل سعيكم هذا في ميزان حسناتكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى