مجتمع القرن الرابع في مؤلفات أبي حيان التوحيدي
الكتاب: “مجتمع القرن الرابع في مؤلفات أبي حيان التوحيدي”
المؤلف: د. وداد القاضي
الناشر: دار المشرق، بيروت
تاريخ النشر: 2019
عدد الصفحات: 296 صفحة
وضعت أطروحة الكتاب لبرنامج الماجستير، وانتهت منها عام 1969، وما تزال الثقافة العربية تتناقل كتبه الرديئة التحقيق حتى الآن، بعضها يعاد تحقيقه برداءة، والآخر يعاد طباعته مصفوفاً.
بينما يخفى على كثيرين غياب مخطوطات كتبه ورسائله الأخرى: الرد على ابن جني في شعر المتنبي، كتاب الزلفة، رياض العارفين، تقريظ الجاحظ، الحج العقلي إذا ضاق الفضاء عن الحج الشرعي، صلات الفقهاء في المناظرة، الرسالة في أخبار الصوفية، الرسالة الصوفية، الرسالة في الحنين إلى الأوطان، المحاضرات والمناظرات.
وقد اعتنت القاضي بمواضيع إشكالية في شخصية التوحيدي، وهي قضية الغريب في فكر التوحيدي، ورسالة السقيفة التي أقر بوضعها، وعرضه للفرق الإسلامية في عصره، ومغزى إحراقه كتبه في سن متأخرة، وموقفه السياسي بشكل عام.
حرر الدكتور بلال الأرفه لي الأطروحة في كتاب هو الصورة التي رسمها أبو حيان التوحيدي (المتوفى سنة 414هـ/1023م) لمجتمعه في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، وهي صورة شديدة الحيوية، مليئة بالتفاصيل الدقيقة التي يتفرد أبو حيان بمعظمها، ولذلك لا يجدها الدارس عند غيره من المؤرخين. وقد ساعد أبا حيان على رسم تلك الصورة ذكاء حاد، وثقافة عريضة تجمع بين الإسلامي والفلسفي، وسفر متصل في شتى أرجاء شرق الخلافة الإسلامية، من بغداد ومكة إلى الري وشيراز، ولقاء أعداد لا تحصى من الناس، المشاهير منهم في شتى حقول العلم والسياسة، والمغمورون من العامة، بمن في ذلك أولئك الذين يعيشون على أطراف المجتمع من الغوغاء والرعاع، وقدرة فذة على المراقبة ومتابعة الظواهر والبحث عن البواعث والأهداف الخفية القابعة خلف التصرفات البشرية، وعجز عن الانضواء الاجتماعي والانتماء لفريق واحد دون سواه، واشتغال جدي بقضايا الإنسان الوجودية، وتراوح متصل بين الواقع والمثال، ولسان حاد لا يخشى صاحبه من التصريح بما يحذر غيره من التلميح به، وتمكنٌ عميق من اللغة العربية ومحبة شديدة لها. وقبل هذا وذاك، قدرة بيانية على الكتابة الفنية، لا يكاد يدانيه أحد فيها من كتاب النثر العربي في العصر الوسيط.
وداد القاضي أكاديمية نالت الدكتوراه من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1973، ودرست فيها وفي جامعات هارفرد ويال وكولومبيا قبل استقرارها في جامعة شيكاغو أستاذة للفكر الإسلامي مدة 21 عاماً حتى تقاعدها سنة 2009. نشرت عدداً كبيراً من الكتب والبحوث العلمية في النثر العربي القديم والفكر السياسي الإسلامي وغير ذلك من الموضوعات. نالت العديد من الجوائز، منها: جائزة الملك فيصل العالمية (1994)، والدكتوراه الفخرية في الآداب من الجامعة الأمريكية في بيروت (2012).
أبو حيان التوحيدي (922-1023م) أديب تلقن علوماً فلسفية وصوفية، من أعلام القرن الرابع الهجري- القرن الحادي عشر الميلادي، عاش أكثر أيامه في بغداد وإليها ينسب، تلقى علومه الأساسية على كل من: أبي سعيد السيرافي، فأخذ عنه النحو والتصوف؛ وأبي زكريا يحيى بن عدي المنطقي، أخذ عنه الفلسفة؛ وعلي بن عيسى الرماني، أخذ عنه اللغة وعلم الكلام. وشكل عمل التوحيدي في الوراقة ردحاً كبيراً من حياته في نسخ الكتب وبيعها؛ رافداً أساسياً من روافده المعرفية، فقد جعلته القراءة المستمرة لما ينسخ -بحكم حرفته- على اتصال دائم بثقافة عصره، وعلى وعي بنتاجات العصور السابقة على عصره في مجالات الفكر والعلم والأدب والعلوم الأخرى، وهكذا عادت عليه هذه الحرفة بالنفع المعرفي، إضافة إلى نفعها المادي، رغم أنه كثيراً ما تذمر منها في كتبه. وكتبه: الإمتاع والمؤانسة، البصائر والذخائر، الصداقة والصديق، أخلاق الوزيرين، المقابسات، الهوامل والشوامل، والإشارات الإلهية.