بين نظريات المؤامرة وفرضيات العلماء – أين وُلد كورونا؟
لم يتوقّف العلماء والباحثون منذ بدء انتشار فيروس كورونا عن محاولات معرفة مصدر الوباء، وفي ظل غياب المعرفة بمنشأ الفيروس الجديد، انتشرت نظريات متنوّعة بلا دليل واضح في محاولات مستميتة لمعرفة أصل الفيروس.
واعتبرت بعض النظريات فيروس كورونا مؤامرة إقتصادية، واتهمت أخرى تكنولوجيا إنترنت الجيل الخامس، في حين قالت نظريات إنّه سلاح بيولوجي صنع في الصين، أو صنعه الجيش الأميركي وجلبه إلى الصين، لكن أكثر النظريات شعبية كانت تلك التي تؤكد أنّ مصدره سوق مدينة ووهان.
ونقلت شبكة “CNN” الأميركية عن عدد من خبراء الفيروسات أنّ أي شخص يدعي معرفة مصدر “كوفيد- 19″، إنما هو يخمّن، مؤكّدين أنه لا يوجد دليل على أن الحكومة الصينية أو الأميركية نشرت الفيروس الجديد بين الناس بشكل متعمّد، وأن الاحتمال الأقرب إلى الواقع حتى الآن، هو أنّ الفيروس انتقل من الخفافيش.
ورغم أن العلماء يستبعدون نظريات المؤامرة حول استخدام الفيروس كسلاح بيولوجي، إلا أنهم منقسمون حول أمور أخرى، بما في ذلك النظرية الأكثر قبولاً التي تقول إن الفيروس نشأ في سوق ووهان، ويعتقد من يؤيدون هذه النظرية أن هذا السوق المزدحم بالناس والحيوانات البرية هي الأكثر ترجيحاً.
بينما يستشهد المشكّكون بدراسة تؤكد أن العديد من المرضى الأوائل المعروفين لم تكن لهم علاقة مباشرة مع السوق.
- حادث عرضي
وطرح باحثان صينيان، في مطلع فبراير/شباط، نظرية تؤكد أن أصل الفيروس يعود إلى حادث عرضي في واحد من مختبرين يقعان بالقرب من سوق ووهان. بيد أنّ معظم الخبراء استبعدوا هذه النظرية، وقالوا إنها غير مدعومة بالأدلة. كما أنكرت الحكومة الصينية هذه النظرية بشدة.
في المقابل، قال خبير الأسلحة البيولوجية في جامعة روتجرز، ريتشارد إبرايت، إن نظرية الحادث تبدو منطقية، وأن “احتمال وصول الفيروس إلى البشر من خلال حادث مختبر لا يمكن استبعاده”، مستبعدا نظرية السوق التي يرى أن لا صلة لها بنشأة فيروس كورونا، “لكنّها ربما شاركت في تفشيه، لكنه نشأ في مكان آخر في ووهان قبل شهر تقريبًا”.
ويتفق الباحثون على أن الفيروس انتقل من الحيوان إلى الإنسان، وكتب 27 باحثا في مجال الصحة العامة، من جميع أنحاء العالم، رسالة في الصحيفة الطبية “ذا لانسيت”، تدين نظريات المؤامرة، وجاء فيها أنّ “نظريات المؤامرة لا تفعل شيئًا سوى خلق الخوف والشائعات، والتحيزات التي تعرقل التعاون العالمي في مكافحة الفيروس الخطير”.
واستشهد الخبراء بأدلة علمية تدعم نظرية أن الفيروس نشأ في البرية، وأحد هؤلاء كان بيتر داسزاك، وهو خبير فيروسات بارز يعمل في الصين منذ 10 سنوات. وقال داسزاك إنّهم واثقون من أن “كوفيد-19” جاء من الخفافيش، لكنّهم لا يعرفون المكان الذي انطلق منه بالضبط، أو أي أنواع الخفافيش بالتحديد، كما يجهلون عدد الفيروسات الأخرى الموجودة التي يمكن أن تظهر في المستقبل.
- الخفافيش
على صعيد آخر، يدور نقاش حول ما إذا كان الفيروس ينتقل مباشرة من الخفافيش إلى الإنسان، أو ما إذا كان هناك حيوان وسيط، ويرجّح داسزاك أن أحد الخفافيش يمكن أن يكون قد أصاب حيوان مزرعة أليفا، ثمّ جلب هذا الحيوان إلى السوق على قيد الحياة، وبقي بين الناس في أحد أفضل الأماكن الحاضنة للعدوى الفيروسية، وهو سوق ووهان الرطب.
لكن الدراسة التي نشرت في مجلة “ذا لانسيت” أثارت بعض الشكوك حول هذه النظرية، وبيّنت أن “نحو ثلث المرضى الأوائل لم تكن لهم علاقة بالسوق، وكان من بينهم المريض الأوّل المعروف الذي بدأت الأعراض بالظهور عليه في 1 ديسمبر/كانون الأول، والذي لم يتم العثور على علاقة وبائية بينه وبين الحالات اللاحقة”.
وفي السياق، يقول فنسنت راكانيلو، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة كولومبيا، إنّه يعتقد أن “الناس دخلوا سوق السمك وهم مصابون بالفيروس”. كما يقترح نظرية أخرى ترجّح أنّ مصدر تفشي فيروس كورونا هو أحد المزارعين،
وأن “هذا الفيروس يوجد في براز الخفاش الذي يستخدمه المزارعون في العديد من البلدان لتخصيب حقولهم. بعد الإصابة، دخل مزارع إلى ووهان، وبدأ في إصابة أشخاص آخرين”.