سرديات

“السرديات”: من رولان بارت إلى ما بعد البنيوية

 

يُشكِّل كتاب “السرديات”، الذي يضمّ دراسات لمجموعة من الباحثين، دليلاً للمهتمّين بالنقد الأدبي والقراءات النقدية العميقة للأعمال السردية وتاريخ الأدب، ومصدراً موثقاً للعديد من المفاهيم الأساسية وأدوات التحليل التي يمكن تطبيقها على دراسة مجموعة واسعة من النصوص. لكن أبرز أهداف العمل الذي حرّره كلٌّ من سوزانا أونيجا وخوسيه أنخيل غارثيا لاندا، هو فهم الكيفية التي تطوّر بها السرد، ضمن دراسة متعدّدة التخصّصات.

يتضمّن الكتاب الصادرةُ ترجمته حديثاً عن “دار شهريار” في بغداد، تحت عنوان “السرديات: من البنيوية إلى ما بعد البنيوية”، بترجمة السيد إمام، مقدّمة مع نظرة عامة مفصّلة وتعريف للسرد بمعناه الأوسع، وخمسة فصول؛ يتناول الأول البنية السردية للمتن الحكائي أو “الفابولا”، وفيه مقالات حول التحليل البنيوي عند رولان بارت، ومنطق الاحتمالات السردية عند كلود بريموند، ونموذج أ. ج. غريماس المعروف بتفكيك الفعل إلى ستة عناصر.

دراسة متعدّدة التخصّصات تتناول الكيفية التي تطوّر بها السرد

أمّا القسم الثاني منه، فيتطرّق إلى البنية السردية للقصّة، وفيه مقالات حول أفكار ميير سترينبيرغ وبول ريكور وجونثان كولر وميكي بال، في حين يتضمّن الجزء الثالث تحليلات مختلفة ونماذج للبنية السردية للنص، منها نماذج ووكر جيبسون وواين سي بووث وجيرالد برينس وليندا هاتشون، بينما يضمّ الفصلان الأخيران نقاشات مختلفة حول السرديات والأفلام، وسرديات ما بعد البنيوية.

في مجملها، تُؤدّي دراسات الكتاب المختلفة إلى البحث في السرد كمصدر للعديد من المفاهيم الأساسية والأدوات التحليلية التي جرى تطبيقها على مجموعة واسعة من النصوص الأدبية وغير الأدبية.

في مقدّمة الترجمة العربية، يبيّن السيد إمام أنّ فن الحكي مرتبطٌ بالمحاكاة والفعل والحبكة، أمّا فن السرد فيرتبط بطريقة التعبير اللفظية عن المحتوى، مضيفاً أنَّ السرد اللفظي هو “إحدى الصيغ العديدة الممكنة للتعبير عن المحتوى (أو الفعل) ونعثر عليه في الملحمة، والقصة القصيرة، والرواية، والتقرير الصحافي، والسيرة الشعبية، والسيرة الذاتية… بينما تتجلّى فنون أخرى، مثل السينما والمسرح، عبر وسائط سيميوطيقية تنتمي إلى أنظمة أخرى للعلامات، والصورة، والحركة، والإيماءة، والإيقاع”.

يُذكَر أن ترجمة الكتاب صدرت بالتزامن مع صدور كتاب آخر بترجمة السيد إمام أيضاً عن “دار شهريار” أيضاً؛ هو “نظرية السرد ما بعد الحداثية” لمارك كوري، وهو عمل يُقيم كاتبه صلات مباشرة بين الأعمال الأدبية وتلك الخاصة بالعالم غير الأدبي، حيث يرسم الانتقال في نظرية السرد من بداياته الشكلية وحتى التفكيك والتاريخية الجديدة والتحليل النفسي، من خلال موضوعين رئيسيَّين: علاقة السرد بالهوية ودور الوقت في التجربة، حيث يستكشف الكتاب الروابط بين الأدب والنقد والأيديولوجية، التي تمثّل مساهمةَ نظرية السرد في فهم ثقافة ما بعد الحداثة.


المصدر

 

لارا عبود

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى