أيُّ خطابٍ في ”لسانيات النص وتحليل الخطاب” ؟
حينَما نَبحثُ في لسانيات النَّصّ وتَحليل الخطاب فإنَّنا نبحثُ في ضَميمَة أو تَركيبَة تتألَّفُ من دراسة الخطاب وتحليله على أساس اللسانيات المتعلقة بالنص؛ فلسانيات النص وتحليل الخطاب تَعْني تَحليل الخطاب ذي الأصول اللغويّة، وبمنهج لسانيّ يفتَرضُ أنّ الخطابَ بُنِيَ ورُكِّبَ مُراعياً البناءَ اللسانيَّ ومَعايير التَّركيب اللغويّ.
فإذا قيَّدْنا المَقصودَ بتحليل الخطابِ تَقْييداً لسانياً انتهَيْنا إلى نتيجةٍ واضحةٍ مفادها أنَّ كثيراً من نماذج الخطاب ينبغي أن تُخْرَجَ من دائرَة المَفْهوميّة التي يَشملُها مُصطَلَح لسانيات النص وتحليل الخطاب، فينبغي أن نُخرِجَ الخطابَ الفلسفيَّ والخطابَ الاجتماعيّ والخطابَ السياسيَّ… وغيْرَه من أنماط الخطاب التي لا تنضبطُ بضوابط اللسانيّاتِ.
وإذا تقرَّرَ هذا الشّرْطُ فإنّ كلَّ بحث في لسانيات النص وتحليل الخطابِ ليسَ مُلْزَماً بالنَّظَر في خطاب أنجَزَه فلاسفةٌ أو مفكّرونَ مثل محمد عابد الجابري أو نصر حامد أبو زَيْد أو طيب تيزيني؛ أو محمد أركون… فهؤلاء لم يُنتجوا خطاباً لسانياً في قضية من القضايا الفلسفية أو الفكرية، ولم يُؤلِّفوا في لسانيات النّص كلاماً أو نظراً صريحاً في هذا الباب.
وإذا تقررتْ هذه النتيجةُ سَقَطَ الاحتجاجُ على بَحثٍ من البُحوث لم يُدْرجْ هؤلاء الكُتَّاب والمُفكِّرينَ.
الرأيُ عندي ألاّ نَحشُرَ في تحليل الخطاب كلَّ خطاب!!! فإنْ حَشَرْنا فيه كلَّ خطابٍ ضَلَّ عنّا المَقصود ولَم نَهْتد إلى التَّقييد الذي أفادَته الضَّميمَة، وحَوَّلْنا المناقَشَة من تَفْكيك نصّ البَحث إلى تَقْديم دُروسٍ نظريّةِ بعيدةٍ عَن مَقاصِدِ البَحث.
بارك الله فيكم وشكرا لكم على هذه المعلومات