“المستوعر بن ربيعة البارقي”: سيرة ملك وفارس جاهلي عظيم
المستوعر بن ربيعة البارقي (نحو 105 ق هـ – 45 ق هـ / 520 – 578م)؛ يعد من أعلام العرب في الجاهلية ومن ملوكها البارزين.
عاش في فترة كانت تموج بالصراعات السياسية والقبلية في شبه الجزيرة العربية، واشتهر بقوته الجسدية الفريدة، شجاعته المذهلة، وحنكته العسكرية.
ينتمي المستوعر إلى قبيلة بارق الأزدية، وهي قبيلة ذات شأن كبير في الجاهلية. امتد نفوذه ليشمل شمال اليمن وصولاً إلى مكة، مما جعله منافسًا قويًا للملوك الآخرين في زمانه، كـ معديكرب بن سميفع (ذي يزن) وأبرهة الحبشي.
- صفات المستوعر: القوة والشجاعة
وصفت المصادر التاريخية المستوعر بأنه فارس قلّ نظيره. يقول عبد الملك بن قريب عنه:
“كان المستوعر فارسًا مجيدًا، وبطلًا عنيدًا، ضخم الهامة، كبير الأعطاف والأكتاف، كأنه البرج المشيد”.
تميز المستوعر بجثته الضخمة التي لم تتحملها الخيول العادية، فكان يمتطي الجمال البجاوية ذات القوة والثبات. كما امتدحه الأصمعي قائلاً:
“لم يكن في فرسان الجاهلية أعظم منه خِلقة، ولم يكن أهول منه في الميدان”.
- المستوعر والسيادة القبلية
حكم المستوعر قومه بحزم، وكان زعيمًا بارزًا على القحطانيين، بل امتد نفوذه ليشمل بعض قبائل معدّ العدنانية. عرف بفرض الإتاوات على القبائل، حيث كان يتلقى الجزية سنويًا في منطقة حباشة، مما يدل على هيبته وقوته.
- المستوعر وعنترة بن شداد
في عصر المستوعر، كان فارس عبس الشهير عنترة بن شداد يمثل تهديدًا لسادات العرب. اشتكى العرب من ظلم عنترة، مما دفع المستوعر للتدخل. تشير الروايات إلى أن المستوعر قاد جيشًا ضخمًا نحو مكة، حيث أنزل معلقة عنترة من الكعبة في تحدٍ صريح له.
التقى المستوعر بعنترة في معركة ضارية استمرت ساعات، وانتهت بمقتل المستوعر على يد عنترة، وفقًا لروايات عديدة. هذا الحدث كان بمثابة انتصار معنوي لقبيلة عبس وحلفائها، لكنه لم ينتهِ بانتصار كامل لأي طرف.
- نسب المستوعر وألقابه
ينحدر المستوعر من نسب عريق، حيث يعود إلى بارق بن حارثة من الأزد. في التراث الشعبي بمنطقة بارق، يُطلق عليه اسم “الملك اليذمري”، وينسب إليه كثير من القصص البطولية والأسطورية.
يُذكر أنه كان هناك شاعر يحمل نفس اسمه واسم أبيه، وهو المستوعر الأكبر، الذي عاش قبل الملك المستوعر بسنوات طويلة، ما أدى إلى التمييز بينهما في التسمية.
- إرث المستوعر البارقي
يعد المستوعر بن ربيعة من الشخصيات التي خلدتها الذاكرة العربية بفضل صفاته الفريدة وإنجازاته العسكرية والسياسية. وقد ألهمت سيرته العديد من المؤرخين والشعراء، حيث وصفوه بأنه “الملك الفارس” الذي هابته القبائل وأذعن له الملوك.
رغم مقتله في معركة مع عنترة، يبقى المستوعر رمزًا للنخوة والشجاعة في تاريخ العرب قبل الإسلام.