تُعتبر الصحافة هي السلطة الرابعة المُسيطرة على الرؤية العامة للرأي العام والمؤثرة بشكل مباشر على قرارات الحكومات في الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية في بعض الأحيان.
وقد تطورت الصحافة من صحافة تحريرية مكتوبة باليد من قبل رجال الأعمال الألمان والإيطاليين تُوزع في أماكن الأعمال الضخمة التي يديرونها وتنشر جميع الأخبار الخاصة بمجال العمل وبالمجال السياسي المؤثر على سير العمل.
بدأ نشر هذه الأعمال في عام 1400، وبحلول عام 1600 بدأ استخدام المطبعة للمرة الأولى في ألمانيا، وبعد بضعة عقود بدأت الحكومات الوطنية في باريس ولندن بطباعة النشرات الإخبارية الرسمية وذلك من خلال منشورات توجز التحركات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي عام 1622 بدأ طبع أول مجلة صحافية بعنوان “A current of General News” وكانت مجلة أسبوعية تنقل الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إنجلترا.
وبعد تطور الصحافة في أوروبا قام محمود الثاني المعروف باقتباسه للتطور الغربي المتنوع بنشر أول جريدة عثمانية تركية بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1831 باسم “تقويم الوقعية” أي “سرد الوقائع” وكانت صحيفة تابعة للقصر العالي، وبعد هذا التاريخ بدأت الصحافة العثمانية بالتطور والتنوع ويمكن سرد الصحف التي كانت تُنشر زمن الدولة العثمانية بالشكل التالي:
- تقويم الوقعية:
تُعتبر أول صحيفة عثمانية تركية يومية، بدأ نشرها بتاريخ 1 نوفمبر 1831 بقرار مباشر من السلطان محمود الثاني الذي كان يسعى من خلالها إلى توعية المجتمع العثماني بالأحداث السياسية الداخلية والخارجية المُحيطة بالدولة العثمانية، كانت الصحيفة تُنشر باللغة العثمانية وكانت المنشورات المهمة تُنشر باللغة العربية واللغة الفارسية واللغة الفرنسية واللغة اليونانية واللغة الأرمنية وكانت الصحيفة تُنشر أسبوعيًا.
وكان يتخلل صحيفة تقويم الوقعية العديد من المقالات السياسية التي تتناول رؤية الدولة تجاه القضايا السياسية في الداخل والخارج وكانت هذه المقالات بشكل عام تدعم الرؤية الخاصة بالدولة.
- تصوير الأفكار:
أول جريدة عثمانية تركية خاصة خاصة، نُشرت بتاريخ 28 حزيران/ يونيو 1862 من قبل المُفكر والأديب العثماني إبراهيم شينازي، جريدة عثمانية كانت تتناول الأحداث والمعرفة المتنوعة، جمعت الجريدة كتابات الكثير من المفكرين والأدباء العثمانيين مثل ناميق كمال، يحيي كمال، رجائي زاده أكرم.
بعد إغلاق الجريدة من قبل السلطات العثمانية عام 1910 تم تحويل إسمها إلى توحيد الأفكار ومن ثم تنوير الأفكار وبعدها انتخاب الأفكار ومن ثم تفسير الأفكار، استمرت الجريدة بالنشر إلى 1949 ولكن تحت اسم تصوير الذي تغير عام 1945 من تصوير الأفكار إلى تصوير.
- ترجمان الأحوال:
بدأ نشرها بتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 1860 من قبل المفكرين العثمانيين آغاه وإبراهيم شيناسي، في بداية الأمر كانت تُنشر فقط يوم الأحد لكن بعد 22 نيسان/ أبريل 1861 بدأت تُنشر ثلاث مرات في الأسبوع، احتوت الجريدة على أراء العديد من الرواد والكتاب والمفكرين في ذلك العهد مثل أحمد وفيق باشا وضياء غوك تورك وغيرهما.
تم إيقافها بشكل مؤقت في أيار/ مايو 1861 بسبب الانتقاد الحاد الذي وجهه المفكر غوك ترك لنظام التعليم العثماني ولكن تم إعادة فتحها بعد أسبوعين من الإغلاق، وتُعتبر حادثة إغلاق ترجمان الأحوال أو حادثة إغلاق لجريدة صحافية في التاريخ التركي، نشرت ترجمان الأحوال 792 ولكن تم إغلاقها بتاريخ 11 آذار/ مارس 1866 من قبل مُديريها لأسباب مادية.
- جريدة الحوادث:
أول جريدة حكومية خاصة تُنشر في التاريخ التركي، بدأت عملية نشرها من قبل الإنجليزي وليام تشرتشل عام 1840، كانت تعمل على نشر الأخبار والمقالات والأشعار التركية والمُترجمة، نُشِرت الجريدة أسبوعيًا وتم نقل أول خبر خارجي من قبل مراسل للجريدة كان متواجدًا في الإسكندرية.
ويُعد هذا المراسل أول مراسل تركي ولكن للأسف يبقى أول مراسل تركي مجهولًا لم تستطع المواثيق التاريخية التركية الوصول لاسمه، وفي عام 1854 قامت الجريدة بإرسال مراسلين حربيين لحرب القرم لتكون أيضًا أول جريدة عثمانية تركية تُرسل مراسلين حربيين للحرب في الخارج.
وقد أغلقت الجريدة بعد نشرها 1212 عددًا في عام 1864 لحدوث مشاكل بين تشرشل والباب العالي.
- عثمانلي:
أول جريدة مُعارضة بحرارة لنظام الحكم، تأسست عام 1897 من قبل أحد مؤسسي جمعية الاتحاد والترقي عبد الله جودت وبمعاونة صديقه إسحاق سكوتي، انتقدت نظام عبد الحميد الثاني بشكل لاذع، وصدر آخر عدد لها عام 1904.
ـ مشوارات: “مشورى”، افتُتِحت عام 1895 في فرنسا وكانت تُنشر باللغتين التركية والفرنسية، نُشِرت كل أسبوعين بشكل دوري، كانت تنشر الأخبار ومقالات الرأي ولكن بسبب الانتقادات اللاذعة التي وجهتها للحكومة العثمانية تم إغلاقها من قبل الحكومة الفرنسية عام 1909.
- إقدام:
نُشر أول عدد لها بتاريخ 5 يوليو 1894، كانت جريدة سياسية تصدر بشكل يومي، تم تغيير اسمها من إقدام إلى اقتحام في شباط/ فبراير 1912، استمرت خلال فترة حرب التحرير التركية التي بدأت عام 1919 وانتهت عام 1921 واستمرت حتى إلى مابعد حرب التحرير وتأسيس الجمهورية وبتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 1928 تم إغلاقها دون أي أسباب مذكورة.