بصفته مسرحًا لأحداث ساخنة لا تستقر إلا نادرًا؛ شهد العالم العربي محاولات مبكرة في ظهور فن الكاريكاتير السياسي مع نهايات القرن التاسع عشر، خصوصًا في مصر على يد الصحفي والمسرحي المصري يعقوب صنوّع الذي أنشأ جريدة «أبو نضّارة» التي تُعد من أولى الصحف التي احتوت رسوم الكاريكاتير السياسي الذي ينتقد الاحتلال الإنجليزي، والسلطة وقتها المتمثّلة في الخديوي إسماعيل وابنه الخديوي توفيق.
وبحكم قربه من الطبقات الحاكمة في مصر وعمل والده في خدمة الأمير يَكَن، حفيد محمد علي باشا وأحد أهم أفراد الأسرة العلوية؛ استطاع «صنوع» استقراء الأوضاع في مصر بدقة وانتقادها سواء بالرسم بالكاريكاتير الساخر أو بالفن المسرحي الذي يعدّ من أوائل مؤسسيه في مصر، بعدها تم نفيه من قبل الخديوي إسماعيل إلى باريس عام 1872 وتوفي أثناء منفاه عام 1912.
شهدت سوريا أيضًا أولى التجارب العربية لفن الكاريكاتير على يد الرسام السوري «عبد الوهاب أبو السعود» عام 1921 بجريدة فكاهية ناقدة باسم «جراب الكردي» التي انتقد فيها بالكاريكاتير الكثير من الأمور السلبية الاجتماعية، والسياسية وبعض أفعال الحركات الصهيونية في فلسطين، وحتى حكومة الانتداب الفرنسي أحيانًا كثيرة، كما عمل على ابتكار العديد من الشخصيات الكاريكاتورية التي مثّلت المواطن السوري بمختلف أطيافه.
اعتبر الكثيرون مصر من أولى الدول العربية التي عرفت بثراء عالمها الصحفي والسياسي. وبعد إعلان الملكية في مصر على يد الملك فؤاد الأول، خلفه ابنه الملك فاروق الذي استخدم الكاريكاتير السياسي في حملته الكبرى ضد منافسه العتيد مصطفى النحاس باشا، زعيم حزب الوفد عام 1944 بواسطة رسّام الكاريكاتير المصري الكبير محمد رخا بمعاونة الصحفي مصطفى أمين،
في تحول مفاجئ بعدما سُجن «رخا» عام 1933 بتهمة رسوم مسيئة للملك فاروق طبقًا لما رواه الكاتب والصحفي السوري «غسان الإمام» في مقالاته عن الكاريكاتير العربي في جريدة الشرق الأوسط، وقد شهدت بعدها حركة الكاريكاتير النقدي في مصر هدوءًا إجباريًا أثناء حكم الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات.
صورة الكاريكاتير : (جريدة «أبو نضارة» المصرية النقدية الساخرة – المصدر the newyorker).