تحميل كتاب “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” لرفاعة الطهطاوي PDF
في سياق مشروعها المعرفي لإحياء النصوص التأسيسية للنهضة العربية الحديثة، تهديكم منصة بالعربية النسخة الرقمية الكاملة من الكتاب النادر: “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، للعلامة رفاعة رافع الطهطاوي، رائد التنوير ومؤسس الفكر النهضوي الحديث في مصر والعالم العربي.
- أدب الرحلة النهضوي وتأسيس الوعي العربي الحديث
لم يكن أدب الرحلة مجرد تسجيل لانطباعات المسافرين أو توثيق للمشاهد الجغرافية الغريبة، بل كان، في لحظة مفصلية من التاريخ العربي الحديث، أداة معرفية لصناعة النهضة وتشكيل الوعي الذاتي.
فقد شكلت رحلات النخبة العربية إلى أوروبا خلال القرن التاسع عشر — خصوصا مع البعثات العلمية المصرية في عهد محمد علي باشا — بوابة للاحتكاك المباشر مع الحداثة الغربية، ليس بهدف الاستلاب أو التقليد، بل بقصد التأمل، والمقارنة، وإعادة النظر في الذات والمجتمع.
ويأتي كتاب “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” لرفاعة الطهطاوي بوصفه نقطة تحول مركزية في هذا المسار؛ إذ لم يكتف الطهطاوي بدور الراصد المنبهر، بل تبنى مشروعا إصلاحيا واعيا، أعاد فيه قراءة مفهوم الدولة، والتعليم، والعدالة، والحرية، من خلال عدسة عربية إسلامية متفاعلة مع الواقع الغربي، لا منبهرة به.
لقد نجح هذا النص في تأريخ لحظة عبور حضاري، حيث انتقل الوعي العربي من نمط تقليدي ساكن إلى أفق نقدي يقارن بين نظم الشرق والغرب، ويبحث في شروط التقدّم وأسباب الانحطاط. ومن هنا، فإن “تخليص الإبريز” ليس فقط وثيقة أدبية، بل أحد الأركان التأسيسية لهوية فكرية جديدة، تمهّد لبروز مشاريع الإصلاح والتنوير في العالم العربي.
- حول الكتاب:
يُعد كتاب تخليص الإبريز مرآة فكرية حية لتجربة استثنائية عاشها الطهطاوي حين رافق البعثة العلمية المصرية إلى باريس سنة 1826م، بتكليف من الشيخ حسن العطار وبتزكية من محمد علي باشا. وكان من أهدافه الإشراف على الطلبة، لكنه سرعان ما تحوّل إلى شاهد حضاري وثقافي.
وخلال خمس سنوات من الإقامة في فرنسا، انكب الطهطاوي على دراسة اللغة الفرنسية، وشرع في تدوين مشاهداته وتأملاته، لينتج لنا عملا فريدا يجمع بين الترجمة والوصف والتحليل.
ويُعتبر هذا الكتاب من أوائل النصوص التي مهّدت لنشوء الفكر الحداثي العربي من بوابة المقارنة الحضارية، لا سيما في مجالات: التعليم، نظم الحكم، الحقوق، الأخلاق، الحياة الاجتماعية، والمعمار المدني.
إنه ليس مجرد يوميات سفر، بل مشروع تأصيلي يؤسس للوعي التاريخي والنهضوي من داخل تجربة الرحلة.