رواية: الزمن المُوحش – حيدر حيدر
الزمن الموحش؛ رواية للكاتب السوري حيدر حيدر. نُشرت سنة 1973م، صنفت ضمن أفضل مئة رواية عربية إلى اليوم.
من مخيلته العبقرية، استل حيدر حيدر رائعته هاته “الزمن الموحش”، لتبقى أيقونة سردية بديعة، شاهدة على علو كعب كاتبِها في السرد الروائي العربي.
ُنسبت هذه الرواية إلى تيار الوعي بعد هزيمة حزيران 1967م. تمثل الشخصيات المثقفة في الرواية الموقف العلماني، الرافض للتراث، والذي يرى ضرورة قراءة الحاضر في ضوء المستقبل فقط.
يجري السرد بضمير المتكلم، فالسارد هو الشخصية التي تتحدث عبر تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي لتجاربها وتجارب الرفاق الآخرين في واقع التسكع والضياع الذي يعيشونه بين التنظير الأيديولوجي والخمر والنساء.
شكلت رواية الزمن الموحش انطلاقة جديدة للرواية العربية بعد الهزيمة فقدّم الأديب حيدر الشخصيات وأفكارها كما تطرأ في شكلها الواقعي العشوائي، وهو تقنية تكشف عن المعاني والإحساسات من دون اعتبار للسياق المنطقي أو التمايز بين مستويات الواقع المختلفة وهو فن في وصف الحياة النفسية الداخلية للشخصيات بطريقة تقلّد حركة التفكير التلقائية التي لا تخضع لمنطق معين ولا لنظام تتابع خاص..
يُجري المؤلف على هذا التيار عملية اختيار مبدئية واعية، إذ إنه لا يختار من عناصره سوى ما يتفق ومقتضيات روايته من حديث نفسي أو رؤية أو حلم، أو ملاحق، مثل مراثي إرميا أو بعض القصائد النثرية ـ . وقد يستند إلى تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي عند شخصياته.
لم يكن حيدر حيدر في استخدامه تيار الوعي في رواياته مقلّداً رواد هذه النزعة في الغرب، ، بل كانت له سيرته الخاصة التي تطورت فيها هذه النزعة عبر روايات أربع الزمن الموحش، وليمة لأعشاب البحر، مرايا النار، شموس الغجر ففي روايته هذه (الزمن الموحش) يجري السرد بضمير المتكلم، فالراوي / السارد هو الشخصية التي تتحدث عبر تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي لتجاربها وتجارب الرفاق الآخرين في واقع التسكع والضياع الذي يعيشونه بين التنظير الأيديولوجي والخمر والنساء، حيث يتقاطع الصحو/ المحو: الارتطام بالواقع/ الضياع، الحلم/ انكسار الحلم. ويضع أسلوب تيار الوعي الحدث في المكان الثاني، لأنه يضع تقديم مدركات الشخصية وأفكارها في المقام الأول، وبذلك تتراجع الحبكة إلى المكان الثاني، لتتقدم عليها التداعيات ورصد الرؤيا والحلم وتداخل صوت الراوي/ المؤلف مع صوت السارد/ الشخصية.
إنها النقلة الأولى في تطور الرواية السورية تمت بعد هزيمة حزيران باستخدام أسلوب تيار الوعي.