جيل الضياع العربي .. 100 مليون لا يقرؤون ولا يكتبون
يشكل التعليم إحدى أهم ركائز نهضة الحضارات وينقل الأمم والدول من براثن الجهل والتخلف والفقر إلى التطور والبناء والهيمنة والنفوذ الاقتصادي والسياسي أحيانا.
في المقابل، فإن تدهور الوضع التعليمي وتزايد أعداد الأميين يهددان مستقبل التنمية في البلدان التي ينتشران فيها، ويعتبران مؤشرا خطيرا على نشوء أجيال تبطئ أو توقف لسنوات أو ربما عقود عجلة الازدهار وبالتالي ضياع فرصة النهوض واللحاق بركب الأمم المتقدمة أو حتى النامية.
ويعيش في الدول العربية ما بين 70 و100 مليون شخص أمي تشكل النساء نسبة كبيرة منهم حسب تقديرات عربية وأممية مختلفة، ورغم تراجع نسبة الأمية منذ سبعينيات القرن الماضي فإن عدد الأميين بارتفاع دائم نظرا للزيادة السكانية المطردة في المنطقة.
بيد أن التفاوت في هذه الأرقام لا يلغي الحقيقة المرة والصعبة من أن عدد الذين يجهلون القراءة والكتابة في عالمنا العربي يزداد يوما بعد يوم في ظل أوضاع مأساوية تعيشها المنطقة ما بين حروب ونزاعات وفقر وأوضاع اقتصادية وأعراف وموروثات وعادات اجتماعية تحرم نصف المجتمع من التعليم.
وتشير أحدث الأرقام التي نشرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألسكو) إلى أن معدل الأمية في الدول العربية لا يزال مرتفعا مقارنة بدول العالم النامي، إذ إن 21% من العرب أي نحو 96 مليون نسمة يعانون من الأمية مقارنة بـ13.6% كمتوسط عالمي.
وتحدد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عدد الأميين العرب بنحو سبعين مليون شخص.
وبحسب تقرير المنظمة العربية، فإن نسبة الإناث من الأميين العرب تتجاوز 25% عموما، لكنها في بعض الدول العربية تتراوح بين 60 و80%.
كما تشير المنظمة العربية إلى أن نحو ستة ملايين طفل في الدول العربية ممن هم في سن الدراسة غير منخرطين في العملية التعليمية، وأن بين 20 و30% من الأطفال الذين يلتحقون بالتعليم الأساسي يتخلفون عنه خلال المرحلة الدراسية الأولى.
- أمة لا تقرأ
وتنعكس هذه الإحصاءات على الواقع المعرفي والثقافي والدفاع للاطلاع والقراءة في العالم العربي إذا ما قورنت بمثيلاتها في الدول الغربية وحتى النامية.
فبحسب نتائج خلصت إليها لجنة متابعة شؤون النشر في المجلس الأعلى للثقافة في مصر عام 2016، فإن معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويا، ويعتبر هذا المعدل تراجعا عن السنوات الماضية.
وفي عام 2003 أشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو إلى أن كل ثمانين عربيا يقرؤون كتابا واحدا، في حين كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابا في السنة.
وفي السياق، يوضح تقرير التنمية البشرية عام 2011 الصادر عن مؤسسة الفكر العربي فإن العربي يقرأ ما يعادل ست دقائق سنويا، في حين يقرأ الأوروبي مئتي ساعة سنويا.
وقد عزت دراسة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2015 قتامة صورة القطاع التعليمي العربي إلى الميزانيات المحدودة المخصصة لقطاع التعليم والتي لا تتجاوز 5% في أقصاها من مجمل الناتج المحلي، إضافة إلى غياب الإستراتيجية الواضحة، وضعف الهيكل التنظيمي والبنى التحتية والتجهيزات المدرسية، ومستوى المناهج المدرسية، وأخيرا وليس آخرا النزاعات والحروب التي فاقمت الأزمة.
ووفق تقرير لليونيسكو عن تحقيق أهداف “التعليم للجميع”، كانت النزاعات سببا رئيسيا في تراجعه، ورصد التقرير وجود 34 مليون طفل ومراهق خارج المدارس في بلدان الصراعات، وأبرزها سوريا والعراق، وهو ما يجعل هدف محو الأمية في العالم العربي بعيد المنال في عدد كبير من الدول وقد لا يتحقق إلا في حدود عام 2050 وفق بعض التقارير.
ففي سوريا ووفقا لتقرير أصدرته منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف) عام 2014، فإن زهاء ثلاثة ملايين سوري لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة داخل البلاد أو في دول اللجوء المجاورة، في حين بقي عام 2016 أكثر من 1.7 مليون طفل سوري داخل البلاد بلا مدارس، إذ إن مدرسة من كل ثلاث مدارس تهدمت بسبب الحرب.
خلصت بعض التقارير الدولية إلى ضرورة فرض الاستقرار في الدول العربية المتضررة من الصراعات واتخاذ مسارات جديدة في إصلاح أنظمتها التعليمية، إلى جانب اتخاذ الإجراءات الفاعلة لتحسين مستويات المخرجات التعليمية إلى سوق العمل.
ولدى العرب -الذين يحثهم دينهم الإسلام على العلم والقراءة- تجارب ماثلة وقدوة في ذلك من التاريخ الحديث، إذ شكل التعليم إحدى أهم ركائز نهضة جمهورية سنغافورة الحديثة، فنقلها من براثن الجهل والتخلف عند استقلالها عام 1965 إلى نهضة كبرى جعلتها في مصاف الدول المتقدمة ورابع مركز مالي في العالم حاليا.
وكان لاستشعار الولايات المتحدة خطر التطور العلمي عندما علمت بتفوق الاتحاد السوفياتي السابق عليها في مجال الفضاء سببا في إصدار التقرير الشهير “أمة في خطر” في عام 1983 أظهر مدى ما يستشعره ساسة أميركا من خطر إزاء تدني نوعية التعليم فكان صرخة لتعديل المسار التعليمي لإبقاء تفوق الأمة الأميركية وحماية الأجيال المقبلة من الضياع.
وفيما يلي نسبة الأمية في البلدان العربية وفق أحدث الأرقام الصادرة عن منظمة اليونسكو:
– موريتانيا: 48%
– اليمن: 30%
-المغرب: 28%
– مصر: 24%
-السودان: 24%
-الجزائر: 20%
-العراق: 20 %
-تونس: 18%
-سوريا: 14%
-ليبيا: 9%
-لبنان: 6%
-الإمارات: 6%
-سلطنة عمان: 5%
-السعودية: 5%
-البحرين: 4%
-الكويت: 4%
-الأردن: 3%
-فلسطين: 3%
-قطر: 2%.
عقبة الأحمد: صحفي سوري