الطيب صالح: الرجل الذي استفادت منه دول ولم تستفد منه السودان
الطيب صالح، الروائي السوداني الذي ترك بصمة كبيرة على الساحة الأدبية والإعلامية، استفادت منه عدة دول ومنظمات على مر السنين، بينما لم يتمكن بلده السودان من استثمار موهبته كما فعلت الدول الأخرى.
في الخمسينيات، عمل الطيب صالح في إذاعة لندن الدولية، حيث استفادت منه بريطانيا في مجال الإعلام. ثم انتقل ليخدم منظمة اليونسكو، موظفًا في مجال الثقافة والإعلام. وفي وقت لاحق، استقدمت دولة قطر الطيب صالح للإشراف على تأسيس بنيتها الإعلامية، والتي أصبحت الآن إمبراطورية إعلامية ضخمة وقوية تؤثر في المنطقة.
لكن المفارقة تكمن في أن السودان، موطنه الأصلي، لم يستفد من هذه الكفاءات الجبارة. على الرغم من شهرة الطيب صالح الدولية، اكتفت البلاد بتوظيف اسمه إعلاميًا فقط، دون أن تستثمر في مواهبه العميقة التي قدمتها دول أخرى. كما عبّر عن ذلك في روايته السيرذاتية “المنسي” حيث قال:
“رجل قطع رحلة الحياة القصيرة وثبا، وشغل مساحة أكبر مما كان متاحا له، وأحدثَ في حدود العالم الذي يُحرَّك فيه ضوضاء عظيمة، حمل عدَّة أسماءٍ .. مثَّلَ على مسرح الحياة عدة أدوارٍ، حمالاً وممرضا، ومدرِّسا، وممثلا، ومترجما، وكاتبا وأستاذاً جامعيا، ورجل أعمالٍ ومهرِّجا. ولد على ملة ومات على ملة.”
وفي هذا السياق، يتساءل الطيب صالح في روايته عن كم من “طيب صالح” دُفن في أوحال التردي العربي، وكم من طيب صالح حُجب عن الظهور والعطاء بسبب التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعيشها العديد من الدول العربية.