معجم الدوحة التاريخي – تدشين المرحلة الأولى لحفظ اللغة العربية
مراحل عدة مرت بها لغة الضاد في رحلتها عبر الزمان، فمن سعي العلماء نحو البادية بحثا عن مفردات جديدة في أقوال البدو وأشعارهم، مرورا بالخليل بن أحمد صاحب معجم العين.
تأتي الخطوة القطرية بتدشين المرحلة الأولى من معجم الدوحة التاريخي للغة العربية. إعلان تدشين المرحلة الأولى من معجم الدوحة التاريخي جاء خلال حفل أقيم في الدوحة، شارك فيه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعدد كبير من كبار المسؤولين القطريين والمهتمون بهذا المجال.
وتكمن أهمية المعجم في كونه يوفر للباحث ألفاظ اللغة العربية ومعانيها في سياقاتها التاريخية التي استعملت فيها، فيكون بذلك أضخم معجم لغوي على الإطلاق، كما أنه يعد موردا كبيرا لاستخلاص أنواع من المعجمات اللغوية، لتلبية حاجات المستعملين بمختلف أنواعها.
ويشكل المعجم قاعدة انطلاق لعدد من المشروعات العلمية، كبناء أنتولوجيا دلالية عربية، وإنجاز دراسات وأبحاث لغوية ومفهومية معمقة في مجالات المعرفة المختلفة باعتباره يشكل نهضة لغوية عربية حقيقية.
- نقوش ونصوص
ويرصد المعجم ألفاظ اللغة العربية منذ بدايات استعمالها في النقوش والنصوص، وما طرأ عليها من تغيرات في مبانيها ومعانيها داخل سياقاتها النصية، متتبعا الخط الزمني لهذا التطور،
وتعرض مواد المرحلة الأولى الممتدة من أقدم نص عربي موثق إلى نصوص العام 200 للهجرة، عبر بوابة إلكترونية متطورة تقدم أنواعا عدة من الخدمات اللغوية والمعجمية والإحصائية غير المسبوقة.
فمنذ الخامس والعشرين من مايو/أيار 2013 يوم إعلان هذا المشروع وحتى اليوم بذل فريق عمل ضخم مجهودا كبيرا في سبيل بناء ذاكرة الأمة اللغوية، ليتيسر رصد التطورات اللغوية والفكرية التي مرت بها الأمة العربية على مدى عشرين قرنا من الزمان.
وخلال الحفل التدشين تحدث عدد من القائمين على المعجم، عن الإنجازات التي تحققت من خلال إطلاق المرحلة الأولى للمعجم، موضحين أن المعجم حوى قرابة 250 مليون كلمة في 100 ألف مدخل معجمي، خلال رصد للفترة من القرن الخامس قبل الهجرة وحتى عام 200 هجرية.
وتمكن قرابة 300 من أساتذة الجامعات والخبراء والعلماء في عدد من الدول العربية شاركوا في بناء المعجم من إعداد قائمة بمصادر نصوص اللغة العربية الممتدة على مدى الفترة الزمنية المذكورة.
بالإضافة إلى تصميم منصة حاسوبية للمعالجة المعجمية توفر بيئة العمل الأساسية للمعالجين والمراجعين، فضلا عن استحداث بوابة إلكترونية متطورة لنشر مواد المعجم.
- التداول الشفهي
أما الصعوبات التي واجهت فريق العمل فتمثلت في قدم اللغة العربية مقارنة مع اللغات الأخرى التي تمكن الخبراء من عمل معجم تاريخي لها، بالإضافة إلى أن التداول الشفهي للألفاظ العربية يسبق كتابتها بأجيال عدة، فضلا عن صعوبة معالجة اللغة العربية حاسوبيا.
واعتبر المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي الدكتور عز الدين بوشيخي أن إنجاز المرحلة الأولى للمعجم في خمس سنوات فقط هو إنجاز تاريخي غير مسبوق.
خاصة أن المعاجم التاريخية للغات الأخرى تحسب مدة إنجازها بالعقود، معربا عن أمله في إحراز تقدم كبير في السنوات المقبلة لإنجاز المرحلة الثانية من المعجم.
وأوضح بوشيخي، في تصريح للجزيرة نت، أن معجم الدوحة التاريخي عمل تأسيسي منفتح وقابل للنقد والتحديث المستمر، ومنفتح على مشاركة العلماء والباحثين باقتراح التعديل والتصويب، مبينا أن المعجم مشروع غير ربحي، وأنه جرى إنجازه لفائدة الأمة وللباحثين من مختلف دول العالم.
وعقب تدشين المرحلة الأولى من المعجم يبدأ فريق العمل من بداية العام القادم 2019 في المرحلة الثانية للمشروع التي ستتضمن الفترة من عام 200 هجرية حتى الوقت الحالي، وسط توقعات بأن تحتوي المرحلة الثانية زهاء مليار كلمة.
المصدر : الجزيرة.