تُعد مسألة جسور كونيغسبرغ السبعة من أشهر التحديات الرياضية التي شكّلت نقطة تحول في الرياضيات الحديثة. هذه المسألة لم تكن مجرد لغز محليّ في مدينة كونيغسبرغ البروسية (التي تُعرف حاليًا باسم كالينينغراد في روسيا).
بل كانت نقطة الانطلاق لتأسيس نظرية المخططات، إحدى فروع الرياضيات التطبيقية، والتي ساهمت لاحقًا في تطوير علم الطوبولوجيا.
- وصف المسألة
تقع مدينة كونيغسبرغ التاريخية على ضفتي نهر بريغيل، وتضم جزيرتين تتصلان مع البر الرئيسي بواسطة سبعة جسور.
التحدي كان في إيجاد مسار يمر عبر كل جسر مرة واحدة فقط دون تكرار أو تفويت أي جسر.
لكن المسألة أثبتت أنها أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، حيث لا توجد طريقة لتحقيق هذا الشرط.
- تحليل ليونهارد أويلر
في عام 1736، قدّم العالم الرياضي ليونهارد أويلر تحليلاً عبقريًا أثبت من خلاله استحالة إيجاد حل لهذه المسألة. كان الابتكار الحقيقي لأويلر هو تبسيط المسألة إلى عناصر مجردة:
- كل قطعة أرض أصبحت تُعرف باسم رأس (Vertex).
- وكل جسر أصبح يُعرف باسم ضلع (Edge).
بإعادة صياغة المسألة بهذه الطريقة، أنشأ أويلر أول مخطط رياضي (Graph) وأسس لنظرية المخططات. أظهر أويلر أن أي مسار يمر عبر الجسور يتطلب أن يكون عدد الجسور المتصلة بكل قطعة أرض (الرأس) زوجيًا، إلا عند نقطتي البداية والنهاية.
ولكن بالنظر إلى توزيع الجسور في كونيغسبرغ، نجد أن جميع الرؤوس تتصل بعدد فردي من الأضلاع (5، 3، 3، 3)، مما يجعل الحل مستحيلاً وفق القواعد التي وضعها أويلر.
- أهمية المسألة
لم تكن أهمية مسألة جسور كونيغسبرغ السبعة مقتصرة على برهنة استحالة الحل فقط، بل كانت حجر الزاوية في تطوير العديد من المجالات الرياضية والتطبيقات الحديثة مثل:
- نظرية المخططات، التي تُستخدم اليوم في تحليل الشبكات الاجتماعية، والخرائط، وهياكل البيانات.
- الطوبولوجيا، التي تُعنى بدراسة الأشكال والفراغات بغض النظر عن أحجامها أو أبعادها.
التطبيق الحديث
إذا كنت ترغب في استكشاف هذه المسألة أو تجريب ألغاز مشابهة، يمكنك زيارة منصات متخصصة بالألغاز الرياضية مثل موقع Brilliant أو Mathigon، حيث يمكنك حل المسائل بطريقة تفاعلية وممتعة.