منبرُنا

الجاليات العربية في أمريكا

يتوهم البعض ان المجتمع العربي الذي يعيش في امريكا هو مجتمع واحد , ويمكن ان نطلق عليه تسميه الجالية العربية لمجرد استخدامهم اللغة العربية او تناولهم الفلافل كوجبة رئيسية.


الذي يعرف التناحر والانقسام والبغض في المجتمعات العربية , يستطيع ان يتصور ذات التفاصيل هنا في امريكا مع فارق كبير هو ان القانون الامريكي يحمي الفقراء على عكس مجتمعاتنا العربية التي تسحق الفقير او الضعيف وإن كان شريفاً او على حق.


ومع ذلك فأن الدسائس والضفائن والمكر العربي يلبس الثوب الغربي لينتج هجين خالي من اي قيم اخلاقية.


من المعروف ان الاقليات في دول المهجر تجتمع في اماكن محددة لعدة اسباب منها على سبيل المثال لا الحصر :


  • خلق اجواء اجتماعية تفتقدها وسط ايقاع حياة مختلف عنها تماماً .
  • المحافظة على عاداتها وتقاليدها .
  • الاحساس بالامان من خلال مشاركة الاخر المشابه .

وغيرها من الاسباب التي تجعل الاقليات تجتمع في احياء خاصة بها , مثل الحي الصيني الذي يعتبر اكثر احياء المهاجرين تميزاً , سواءً الموجود في مانهاتن او في لوس انجلوس .


لكن الموضوع مختلف تماماً في التجمع العربي , فلقد احضر العرب معهم الى امريكا اهم ميزاتهم مثلما احضروا معهم طرقهم الملتوية في التعامل مع الاخر ومع القانون .


هناك الكثير من الاحداث والحوادث التي تؤكد ان العنصرية بين الجاليات العربية اخطر بكثير من اي عنصرية اخرى يتعرضون لها من الخارج.


لا سيما وإنها تتم وفق نظام المؤسسات والتجمعات المرخصة من قبل الحكومة , بمعنى هناك مؤسسات عربية كبيرة وكثيرة وهناك تجمعات وجمعيات بعناوين معتدلة مختلفة لكنها بالحقيقة تعمل على اساس عنصري.


اما مذهبياً او دينياً او حتى مناطقياً يستطيع اي شخص التأكد منها اما من خلال اسمائها او من خلال متابعة نشاطها .


لذلك لا يوجد لوبي عربي كبير يستطيع ان يؤثر على صناعة القرار الامركي على اقل تقدير فيما يخص الدول العربية او حتى يوازي اللوبيات الاخرى , على الرغم من عمر الجالية العربية الذي يمتد الى اكثر من قرن في امريكا.


هذا لا يمنع وجود ( العرب في امريكا ) اسماء مهمة وكبيرة في عدة مجالات ومنها الحكومية بكل اقسامها , ولكن هذه الاسماء الكبيرة تسقط في ذات الهوة العنصرية فتبدو وكأنها حامية لمصالح الاقارب والاصدقاء.


استناداً الى قاعدة (( الاقربون اولى بالمعروف )) العربية بامتياز او حتى المثل الغبي المتداول بكثيرة (( انا واخي على ابن عمي …………….. )) ,هذه الامثلة وهذه الافكار المتخلفة التي جلبها العرب معهم من اوطانهم السقيمة.


صنعت جحيماً جديداً لمن هاجر من بلده الى امريكا ليجد الجحيم العربي امامه هذه المرة يلبس ثوب الغرب.


وانا إذ اقول الجاليات العربية في امريكا اقصد جميع العرب بكل اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم بدون استثناء , اما الاكثر ايلاماً في الجاليات العربية فهو حضور الدين بشكل لافت في التعاملات العربية العربية.


فلا غرابة من وجود اذاعة مسيحية تعمل ليل نهار ضد الاسلام , وكذلك وجود اصوات اسلامية تقوم بذات الشيء ضد المسيحيين ناهيك عن المذاهب في الدين الواحد التي تتبنى مواقف الصراعات في اوطانهم.


من المؤسف ان يكون المواطن العربي انعكاساً لحالة وطنه المتناحر المُقسم في الغرب , ولا يكون فعالاً في بناء جسور المحبة والتواصل بين المهاجرين وبين الاخر سواءً في الوطن او حتى مع صانع القرار في دول المهجر.


ايضاً من المؤسف ان تأخذ كما اسلفت حالة البغض والكراهية شكل مؤسساتي ممنهج ولا تقتصر على الافراد فقط.


واخيراً فأن الاموال التي تمنحها الحكومة للمؤسسات والتجمعات والجمعيات العربية على اعتبارها تقدم خدمات مجانية للجالية العربية.


او التي تحصل عليها من خلال الاعفاءات الضريبية التي تمنحها الحكومة لها تذهب هذه الاموال لجيوب القائمين عليها ولا تقدم اي خدمات مجانية للغرباء من الجاليات العربية الاخرى.


صادق العلي – ديترويت.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى