صحافة وإعلام

اللبنانيون وأمهات الصحف العربية

- مؤسِّسون ورموز -

أهم الجرائد والمجلات المصرية الفاعلة، التي ما يزال بعضها يصدر إلى اليوم كصحيفة “الأهرام”، أسسها صحافيون لبنانيون مهاجرون. من أبرز هؤلاء؟ وما هي المطبوعات التي أسسوها ؟


يتساءل أبناء الصحافة عن الصحافيين الأوائل، ومسيرتهم الأولى في هذه المهنة التي سُميت، على مرّ التاريخ، “مهنة المتاعب”. ولعل تلك التسمية أتت من المشاقّ التي كان الجيل القديم يتكبّدها في البحث عن الخبر، أو صنعه، وبالتالي التفتيش عن مصدره في سباق مع الوقت.


ولعلّ أولَ ما يتبادر الى الذهن أولئك الصحافيون الشوام، الذين غادروا بلادنا حاملين ثقافتهم وأحلامهم، ليؤسسوا دوريات صحافية ومجلات في بلاد العالم، وخصوصاً في مصر.


وبحسب رأي الأديب والناشر سليمان بختي، في حديثٍ خاصٍّ إلى “الميادين الثقافية”، فإنَّ هؤلاء “ذهبوا للبحث عن الحرية التي افقتدوها في الوطن، فالحرية هي المجال الحيوي للإبداع، وأتت هذه الهجرة في سبيل إغناء العالم العربي، بحيث كانت هجرة من الداخل (أي لبنان وبلاد الشام عموماً)، إلى الداخل (أي مصر)، فشهدت مصر نهضة عربية أفعل، نظراً إلى تفاعل اللغة العربية مع الطاقات اللبنانية المثقّفة”.


  • فيما يلي سنأتي على ذكر أبرز هؤلاء:

سليم وبشارة تقلا:

«زي النهارده» .. وفاة مؤسس الأهرام سليم تقلا 12 يوليو 1892 | المصري اليوم
لعلّ أوّلَ ما يتبادر إلى ذهننا، الأَخَوان سليم وبشارة تقلا، اللبنانيان من كفرشيما، واللذان غادرا وطنهما الأمّ، عام 1875، إلى شواطئ الإسكندرية، التي كانت تمتلئ آنذاك بالشوام والأوروبيين.


تمكّن هذان الشقيقان، بفضل ثقافتيهما العاليتين وشبكة علاقاتهما، من طلب إذنٍ بإنشاء “جريدة الأهرام”، في النصف الثاني من القرن الـ19، قبل أن تصبح فيما بعدُ جريدة يومية تصدر في القاهرة. وتوالى على رئاسة تحريرها أهم الصحافيين اللبنانيين والمصريين، ومن آخرهم الصحافيان اللبنانيان أنطون الجميّل ونجيب كنعان، اللذان ترأّسا تحريرها في النصف الثاني من القرن الماضي.


  • جرجي (أو جورجي) زيدان (1861-1914):

جورجي زيدان .. قصة كفاح ونجاح - إسلام أون لاين

هو أديب ومؤرّخ لبناني، وُلد في عام 1861 في جبل لبنان، وأتقن 5 لغات، وعمل في عدد من المجالات، إلّا أنّ هجرته إلى مصر، وعمله في الترجمة والتدريس ورئاسة تحرير مجلة “المقتطف”، فترةً وجيزة، مكّناه فيما بعدُ من تأسيس مجلة “الهلال” عام 1892.


عمل زيدان على تطوير مجلته مع ابنيه إميل وشكري، المسؤولَين عن الإدارة والمحاسبة فيها. وسرعان ما أصبحت “الهلال” من أعرق المجلات العربية وأكثرها انتشاراً، وما زالت حتى يومنا هذا. ويعود ذلك بصورة أساسية الى أهمية أصحاب الأقلام التي كتبت فيها، أمثال أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، خليل مطران، وغيرهم. وأبرز القضايا التي أُثيرت في مجلة “الهلال” تلك المتعلقة بتحرير المرأة، ومقالات قاسم أمين في هذا الشأن.


أتقن جرجي زيدان 5 لغات، وعمل في عدد من المجالات، إلّا أنّ هجرته إلى مصر، وعمله في الترجمة والتدريس ورئاسة تحرير مجلة “المقتطف”، فترةً وجيزة، مكّناه فيما بعدُ من تأسيس مجلة “الهلال”.

لجرجي زيدان عدد من المؤلفات في التاريخ، ولا سيّما تاريخ الحضارات، وفي اللغة العربية وآدابها، والفلسفة، والرواية والقصة، وخصوصاً رواياته في تاريخ الإسلام.

توفّي جرجي زيدان، وهو في عزّ عطائه. وخلال تأبينه، قال عنه الصحافي بشارة تقلا: “لو قاسَ المؤرخون مدى عمر زيدان على آثاره، لاعتقدوا أنّ صاحب “الهلال” بلغ المئة، بينما هو رحل ولم يتجاوز الخمسين من عمره”.

ليس هذا الكلام إلّا دليلاً على دوره النهضوي لدى أبناء جيله. في السياق نفسه، يقول الأديب والناشر سليمان بختي لـ”الميادين الثقافية” إنَّ “المصريين عندما احتفلوا بمئوية المجلة المرموقة (أي الهلال)، أصدروا عدداً خاصاً بمؤسِّسها، كما طبعوا صورته على جنيه مصري مصنوع من الفضة، تكريماً لجرجي زيدان”.

تجدر الإشارة الى أنّ دار “الهلال” أصدرت، وما زالت تصدر، عدداً من المجلات والصحف، ولعل أقدمها هي المجلة الفنية “الكواكب”، التي توقفت مؤخراً عن الصدور الورقي، بعد 90 عاماً من النشر.


  • يعقوب صرّوف (1852-1927):

ذكرى ميلاد يعقوب صروف.. العلم ودوره في المجتمع العربي

وُلد في منطقة الحدث قرب العاصمة بيروت، وتعلّم في الجامعة الأميركية في بيروت. أسس في عام 1876 مجلة “المقتطف”، مع الأديب فارس نمر، والتي ظلّت تصدر مدة 9 أعوام، الى أن نقلها إلى القاهرة في عام 1888. وثابر صرّوف على كتابة أهم الأبحاث العلمية والفلسفية. واستقطبت مجلة “المقتطف” الأقلام المهمة، فكانت لها شهرة واسعة.


أسس يعقوب صرّوف مجلة “المقتطف” في عام 1876، مع الأديب فارس نمر. وقد استقطبت المجلة الأقلام المهمة، فكانت لها شهرة واسعة. كما أسس جريدة يومية سياسية هي جريدة “المقطّم”.

بالإضافة إلى ذلك، أسس صرّوف جريدة يومية سياسية، عُرفت باسم جريدة “المقطّم”، مع الأديبين فارس نمر وشاهين مكاريوس، صدرت بين عامَي 1888 و1952، وترأّس تحريرها الصحافي اللبناني الأصل خليل ثابت.


أنارت الترجمات الأدبية من اللغتين الفرنسية والإنكليزية، والمقاربات الفكرية والفلسفية التي عمل عليها صرّوف في مجلة “المقتطف”، أفكار النهضة العربية، وعرّفت القراء إلى عدد من الأدباء الغربيين التنويريين.


  • فرح أنطون (1874-1922):

فرح أنطون.. داعية التسامح الإبراهيمي - صحيفة الاتحاد

فرح أنطون هو مفكر نهضوي وصحافي، وُلد في مدينة طرابلس (شمالي لبنان). عُرِف بحبه للعلم والأدب. هاجر إلى مصر، حيث أسس مجلة “الجامعة”. عُرِف بأفكاره التنويرية، ودعوته إلى تعليم المرأة. له عدد من المقالات والكتب المعرَّبة، الأدبية والفلسفية، ولاسيما منها “ابن رشد وفلسفته”، وأهدى كتابه هذا إلى “العقلاء الشرقيين في الإسلام والمسيحية وغيرهما”، ودعا إلى بناء مجتمع مدني بعيد عن الطائفية والمذهبية.


شعاره في حياته الشخصية، كما في حياته العملية: “خيرٌ لي أن أكون عالِماً فقيراً، من أن أكون جاهلاً غنياً”.


  • نقولا الحداد (1872-1954):

نقولا الحداد.. الديب العالم" كتاب جديد لسلمى مرشاق - اليوم السابع

هو أديب وصيدلي لبناني، وهو أيضاً زوج الأديبة روزا أنطون، أخت الصحافي فرح أنطون. تعود جذوره إلى بلدة دير القمر في جبل لبنان. درس الصيدلة في الجامعة الأميركية في بيروت. هاجر إلى مصر، وعَمِل مع المفكر فرح أنطون. أسس بعد زواجه بروزا أنطون مجلة “السيدات والرجال”، داعياً المرأة إلى التحرر من القيود المفروضة عليها، في سبيل السعي للعلم والعمل.


كتب نقولا الحداد في عدد من الصحف، وساهم في إنشاء مجلات فكرية وعلمية، كما أصدر نحو 30 كتاباً، تعكس الجو الشامي المصري. ساهم إتقانه عدداً من اللغات في إغناء الأفكار التنويرية، التي نقلها في مقالاته، فعرّف القارئ العربي إلى كبار المفكرين العالميين.

أسس نقولا الحداد بعد زواجه بروزا أنطون (أخت فرح أنطون) مجلة “السيدات والرجال”، داعياً المرأة إلى التحرر من القيود المفروضة عليها، في سبيل السعي للعلم والعمل.

لا نستطيع أن نغفل عن أسماء كثيرة، منها رشيد الشميّل، مؤسس جريدة “البصير” في الإسكندرية، والأديب شبلي الشميّل، الذي كان له دور بارز في النهضة العربية، ولاسيّما من خلال إصداره مجلة “الشفاء”، وهي أول مجلة تُعنى بالشؤون الطبية في العالم العربي.

ويعود إليه الفضل في تأسيس أول نقابة للطب في العالم العربي، ومقرها مصر، من دون أن ننسى الصحافي خليل زينية، الذي أصدر مجلة “المرآة” في القاهرة، والناشر نجيب متري، الذي أسس دار “المعارف” في مصر، عام 1890.

تجدر الإشارة إلى الدور الطليعي للصحافي اللبناني الأصل، حبيب جاماتي، في الصحافة المصرية، وخصوصاً في دار الهلال، والأمر ذاته للصحافي خليل تابت، الذي ترأّس تحرير مجلة “المقطّم”. ولا بدّ من ذكر الصحافي يوسف الخازن، الذي أنشأ في مصر جريدة “الأخبار” عام 1896، بعد أن استلم رئاسة تحرير عدد من الصحف اللبنانية الذائعة الصيت، في ذلك العصر.


المصدر : الميادين

ميشلين مبارك

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى