- 1- مدرسة (سابير) المتوفى عام 1933م:
- أولا: نشأتها وأبرز مؤسسيها
“ارتبط نشوء هذه المدرسة في النصف الأول من القرن العشرين بعلم (الأنثروبولوجيا)؛ لأن المؤسسين الأوائل اعتنوا في وصف لغات المجتمعات التي قاموا بدراستها وتحليل لغاتها على مناهج الأنثروبولوجيين،
وهي لغات الهنود الحمر في أمريكا التي تخلو من التاريخ المعروف والوثائق المكتوبة أو المخطوطات المفيدة، وكان من أبرز الدراسات في ذلك كتاب: فرانز بوب 1942-1858 Franz Bob (الموجز في اللغات الهندية الأمريكية) الذي ذكر فيه مقدمة هامة عن علم اللغة الوصفي، style=’font-size:16.0pt;font-family:”Traditional Arabic”,serif’>edward sapir صاحب كتاب (اللغة) الصادر سنة 1920م، ولم يكن سلوكيا مثل (بلومفيلد)، وإنما ركز على إبراز الصفة الاجتماعية وأهمية الدور الفردي فيها،
وإلى جانب ذلك كان (بلومفيلد). أما أعلام هذه style=’font-size:16.0pt;font-family:”Traditional Arabic”,serif’>Harris)، (وهوكت Hockett
- ثانيا: من أهم مبادئ هذه المدرسة ما يأتي
– تأثر أتباع المدرسة بالمذهب السلوكي في علم النفس، وعدوا اللغة مجموعة من العادات السلوكية؛ لذا عرف (بلومفيلد) اللغة بأنها: سلوك لغوي يشبه ما عداه من أنواع السلوكيات الأخرى .
– درست اللغات المغمورة واعتبرتها في الأهمية في مستوى اللغات المعروفة، وركزت في بحث اللغة على مبدأ ما يساهم به المتحدثون من فكر وثقافة، وبأن لا فرق في البحث بين اللغات السامية واللهجات المحلية، فلكل ذلك إذن الأهمية الواحدة في نظر العلم.
– التركيز على لغة الحديث؛ لأنها اللغة الوحيدة الجديرة عند هذه المدرسة، والتي هي لغة الكلام.
– يرى أتباع المدرسة أن الطريقة التي يتحدث بها الناس هي مرجعهم الوحيد في الحكم على اللغة بصرف النظر عما تقوله كتب النحو التي تحاول إخضاع اللغة للقواعد المحددة الثابتة.
– قالت بضرورة التركيز على تعلم لغة النطق أولا، ثم تعلم لغة الكتابة بعدها. ويبدو هنا الخلط واضحا بين طريقة البحث العلمي للغة وبين طريقة التعليم، وقد يكون هذا قريبا من الصحة؛ لأننا إذا دققنا الأمر فسنرى أننا نتعلم اللغة أولا في صورة الكلام والنطق، وليس من خلال الكتابة وصورة تدوينها، ونتعلم المستعمل الشائع لا المختار والمقنن.
– على هذا الأساس رأت هذه المدرسة مبدأ الاستعمال والشيوع اللغويين ذا قيمة تتضاءل بجانبه قوانين النحو؛ لذا أيدت كل جديد في اللغة وعملت به. ومع ذلك اهتمت بالمنهج الوصفي البنيوي في دراسة اللغة، وذلك في مستوياتها الصوتية والصرفية والتركيبية.
– يظهر مما سبق أن هذه المدرسة لم تقم بدراسة للمعنى، لكنها لم تنكر أهميته في الدرس اللغوي؛ لأن أبرز أعلامها -وهو بلومفيلد- قال: «لا يمكن في اللغة فصل الأشكال عن معانيها، ومن غير المرغوب فيه
-وربما من غير المجدي- دراسة أصوات اللغة فقط دون إعطاء أي اعتبار للمعنى، ولكن يجب أن نبدأ من الأشكال لا المعنى». وهو القائل أيضا في أهمية الدراسة الدلالية: «لكي تقدم تعريفا صحيحا علميا عن معنى كل شكل لغوي، لا بد لنا من أن نملك معرفة صحيحة علميا عما يكون عالم المتكلم؛ إذ التطور الحالي للمعرفة الإنسانية غير كاف لتحقيق هذه الغاية» .
وقد كان صارما في بحث اللغة علميا بالصرامة ذاتها التي عزف فيها عن الخوض في الدلالة رغم إدراكه لأهميتها كما قال، وذلك لأن آليات البحث الدلالي المدققة لم تكن لتتوفر كما يلزم في آنئذ .
– لقد تميزت المدرسة بالطابع العلمي التجريبي، فركزت على تحليل الأشكال اللغوية وتجنبت بحث المعنى أو دراسة الدلالة، وتطرقت إلى المساهمة في تعليم اللغة لأول مرة، وكان الفضل إليها في نشأة علم اللغة التطبيقي الذي يعنى بتدريس اللغات، وهي المدرسة التي حصرت مهمة اللغوي في وصف الكيان العام المكتوب أو المجموعة الكاملة المسجلة لأي لغة من اللغات.
– إن ما يحدد وضع أي عنصر لغوي إنما هي الأوضاع التي يمكن أن يشغلها في مجموع العناصر في الكيان التام المكتوب إلى جانب الاستبدالات في تلك الأوضاع؛ فالأشكال اللغوية هي التي جعل منها (بلومفيلد) موضوعا للوصف التوزيعي في علامات لغوية يعرفها بأنها: أشكال صوتية ذات معان، رغم أنه لم يضع المعنى في الاعتبار. لقد ظل وصفه التوزيعي محصورا في دائرة الصورة الصوتية.
ويصح القول: إن بلومفيلد طور المنهج الوصفي إلى منهج تصنيفي يعتمد على التوزيع الذي قال به وطبقه من جاء بعده من الباحثين، مثل: هاريس، وهوكت، وبايك، الذين حاولوا إدخال تعديلات إلى التحليل التوزيعي الذي ظل سائدا من 1920م إلى 1950م؛ حيث ظهر الاتجاه التحليلي اللغوي الذي يعرف (بالاتجاه التوليدي التحويلي لنعوم تشوفسكي) الذي يعد أشهر لغوي في عصرنا .
- 2- المدرسة التوزيعية (distributionnelle)، أو (المدرسة السلوكية) مع بلومفيلد:
(لم يكن النحو التوليدي التحويلي ليظهر في حقل الدراسات اللسانية، ويحظى بالمكانة المرموقة التي ذاع بها، لو لم تكن ثمة أرضية تمهد لظهوره وتطوره، وتكون البذرة الأولى لهذا الاتجاه اللساني، وبالفعل فقد حدث هذا الأمر، وتمثل خاصة في الاتجاه اللساني الأمريكي الوصفي الذي تزعمه «هاريس (Harris.))، والمعروف بالتوزيعية(Le distributionnalisme)..
وفي الواقع، إن هذا المنحى التوزيعي في الفكر اللساني الأمريكي ينادي أساسا بضرورة وصف اللغة مستقلة عن المعنى الفضفاض وغير المحدود، واعتماد -بدل ذلك- العلاقات الموجودة بين الكلمات، أي الأماكن المتواترة التي تتواجد فيها، في السلسلة الخطية لعملية التكلم.وهذا ما يعرف بالتوزيع) .
(إن هذه الدعوة لإبعاد المعنى من التحليل اللساني ظهرت ابتداء عند بلومفيلد (Hloomfield) (Langares) الذي وسم بأنه إنجيل علم اللغة الأمريكي؛ لكونه أرسى دعائم اللسانيات الأمريكية، وولد مفاهيمها على أسس وصفية بحتة، لا يراعي فيها سوى الجانب السطحي والشكلي.
فاللغة عنده ناتجة عن الاستجابة للمثيرات الخارجية. وقد شرح فكرته من خلال القصة الشائعة بين جاك وجيل والتفاحة؛ حيث كانت “جيل” جائعة، فرأت تفاحة أثرت فيها، فدفعها هذا إلى تحريك بعض العضلات في الجهاز الضوئي، نتج عنه الكلام، واندفع “جاك” متسلقا الشجرة، وأحضر لها التفاحة.
فالجوع حسب بلومفيلد هو المنبه، وسلوك جاك يعد استجابة له. وانطلاقا من هذا المبدأ السلوكي (مثير ـ استجابة) يفسر بلومفيلد كافة العادات اللغوية؛ حيث يعتبر اللغة إنتاجا آليا، واستجابة كلامية ناتجة عن حافز سلوكي. وبهذا يتجلى لنا إبعاد المعنى عن الوصف اللساني) .
(فالتوزيع هو منطق التحليل اللساني في المدرسة الأمريكية الوصفية، وهو ينطلق من مدونة محدودة ليحصر مجموع السياقات أو المواضع التي ترد فيها الوحدات اللغوية الدالة (أي الكلمات) عن طريق استبدال كلمة بأخرى من أجل تحديد توزيعها، أي: القسم الذي تنتمي إليه، متميزة بذلك عن الوحدات الأخرى؛ فالتوزيع إذا هو: مجموعة القرائن الخاصة بالعناصر).
إن التوزيع مفهوم يرتبط بالموضوع الذي توجد فيه الكلمات، أي: كل ما يحيط بها يمينا أو شمالا. وهذا ليس غريبا عن اللسانيات العربية التقليدية؛ ذاك لأن تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف يعد ضربا منه، إن لم نقل: هو التوزيع نفسه. ما دام ينطلق في ذلك من جملة المحددات التي تدخل عليها من اليمين أو اليسار، فتميزها عن الأنواع الأخرى من الكلم؛ فالاسم -مثلا- يحدد بالقرائن التي تتصل به، كالجر والتنوين، والتعريف والنداء.
فهذه القرائن هي توزيع الاسم، وأما الفعل فإنه تميز عنه بتوزيعه الخاص؛ إذ تدخل عليه بعض الحروف؛ مثل: قد، سوف، السين، أدوات النصب والجزم؛ فلكل توزيعه الذي ينفرد به .
(إن هذا المذهب في التحليل اللساني ظهر أولا مع «بلومفيلد، وتطور على يد (هاريس)، إلى ما يعرف باسم التحليل إلى المكونات المباشرة (Analyse aux constituants immédiats) وعليه،
لم تعد الجملة في هذا الاتجاه سلسلة خطية بسيطة، بل إنها تبدو في شكل هرمي، قاعدته الجملة (ج) التي تتفرع إلى مجموعة من الطبقات (تحتوي الكلمات) تدعى المكونات المباشرة؛ حيث كل مكون مباشر متداخل فيما قبله، أي: هو جزء من الطبقة التي تفرع منها،
وهكذا يتم تقطيع الجملة إلى وحداتها الكلامية (أي: مكوناتها المباشرة) عن طريق استبدال كل مكون بأصغر وحدة ترادفه وتؤدي معناه؛ حتى يتحصل في الأخير على أصغر مورفيم لا يدل على معنى؛ بحيث لا يمكن تجزيئه مرة أخرى) .
وعلى العموم يمكن حصر السمات لهذه المدرسة التوزيعية كما يلي :
– ركزت الاهتمام على التركيب الشكلي أو البنية الظاهرة للغة، ووصف كثيـر مـن اللغات صوتيا وصرفيا وتركيبيا، وتوصلت إلى كشف قواعد وصفية لكل لغة من اللغات الأوروبية الحديثة من خلال الكلام المنطوق في تلك اللغات؛
فكانت القواعد بذلك وصفية، وليست معيارية مبنية على الخطأ والصواب، كما هو حال المنهج التقليدي، وبأن كل ما يقال يسجل باستثناء كلام السوقة واللهجات المحصورة جدا.
– تأثر علماء اللغة في هذه المرحلة بالمذهب السلوكي في علم النفس الذي سـاد فـي أوروبا وفي أمريكا، والذي عني بدراسة ظاهرة السلوك لا غير باعتباره مكونا من عادات مختلفة (نشير هنا إلى تجارب (ثورندايك) في أمريكا، و(باقلوف) في روسيا،
وهكذا نظروا إلى اللغة في هذه الحقبة على أنها مجموعة من العادات كغيرها من العادات السلوكية الأخرى، ومن هؤلاء العلماء: (سكينر) Skinner (ت 1980).
– رأى السلوكيون اللغة مجموعة من علامات صوتية يكيفها حافز البيئة، وليست عندهم سوى شكل من أشكال الحافز؛ فالاستجابة للحافز: قصة (جاك وجيل).
– ركز اللغويون على اللغة المنطوقة وأهملوا اللغة المقيدة (المكتوبة)، واللغة نظـام من الأصوات أولا، وهكذا وضعوا كل اهتمامهم في هذا النظام.
– اعتمدوا من دراستهم على ظاهرة اللغات، وبرزت الدراسات المقارنة من نوع جديد في المنهج، وفي الهدف: تقارن بين لغتين معينتين بحثا عن أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بينهما في مستويات: الصوت، والصرف، والتركيب؛ بغية التوصل إلى أنجع الطرق التي تعتمد في تعليم اللغات الأصلية أو الأجنبية،
وهكذا تأسست مدرسة بلومفيلد الأمريكية، الذي اهتم فيها بدراسة التركيب الشكلي أو البنية الظاهرة، واعتمدت على:
– مفهوم الهيكلية structuralisme: يشير إلى أن دراسة اللغة تنطلق مـن هيكلها ومن العلاقات التي تربط بين مختلف عناصرها المكونة؛ لذا أطلق عليهم مصطلح الهيليون أو التوزيسيون.
– اللغة: الإنسان يتعلم اللغة بالتقليد، يقلد ما يسمع في بيئته، والتقليد يمر بمرحلتين: مرحلة المحاكاة بالأصوات، ومرحلة القياس: وهي عملية ذهنية تبدأ آليا في ذهن المتعلم (الطفل).
- 3- المدرسة التوليدية التحويلية (Transformational-Generative):
لقد نشر تشومسكي كتابه الأول عام 1957م، وكان كتابا ضئيل الحجم مقتضبا، وكانت أفكاره غير مقيدة بالتناول العلمي والفني لقضايا هذا العلم إلى حد ما، ومع ذلك فقد كان الكتاب ثورة في الدراسة العلمية للغة. ظل تشومسكي بعدها يتحدث بسطوة منقطعة النظير في نواحي النظرية النحوية كافة سنوات طويلة.
ويرى بعض الباحثين أنه لا يعترف تشومسكي نفسه بفضل سوسير في مجال اللغويات. ويتحدث تشومسكي عما يسميه النحو العالمي، وهو تعبير عن الثوابت اللغوية العالمية؛ ولذا ينكر تشومسكي وجود لغات بدائية، تماما كما ينكر كلود ليفي شتراوس وجود نظم معرفية بدائية، أو ما يسمى قبل المنطقي.
(لقد ظهرت أوليات اهتمام تشومسكي بالنحو التوليدي التحويلي، منذ أن كان طالبا في معهد ماساشوست؛ حيث قدم بحثا حول لغة بانيني (Panini) النحوي، وآخر حول مورفولوجيا اللغة العبرية؛ وتوالت بحوثه شبه التحويلية حتى خرج سنة 1957م بكتاب مهم، ينظر لهذا الاتجاه الجديد في علم اللسان الأمريكي.
وقد تمثل في: (Les structures syntactiques). ففيم يتمثل هذا الجديد الذي جاء به تشومسكي؟
إن النحو التوليدي لم يعد محاكيا للنحو التقليدي المدرسي في المفهوم والأهداف؛ لأنه لا يرمي إلى تحديد المعايير التي تمكن المتكلم من استعمال لغته الأم استعمالا سليما دون أخطاء،
بل إن النحو عنده هو مجموعة من القواعد الكامنة في ذهن المتكلم، الراسخة فيه والمكتسبة من محيطه الاجتماعي منذ طفولته. والتي تمكنه فيما بعد من اكتساب لغات أخرى، كما تمكنه من إنتاج جمل جديدة لما يسمعها بعد. ومن هنا يصبح نحو تشومسكي توليديا.
إن النحو عنده ليس المعرفة غير الواعية بقواعد اللغة فحسب، بل إنه القدرة على اكتشاف هذه القواعد، ووصف اللغة بواسطته.
وعلى هذا، فالنحو التوليدي هو: «نظام من القواعد التي تقدم وصفا تركيبيا للجمل بطريقة واضحة، وأكثر تحديدا، وهذا هو المراد بالنحو التوليدي، وكل متكلم تكلم لغة يكون قد استعملها واستبطن نحوا توليديا،
وهذا لا يعني أنه على وعي بالقواعد الباطنية التي يكون قد استعملها أو سيكون على وعي بها… إن النحو التوليدي يهتم بما يعرفه المتكلم فعلا، وليس بما يمكنه أن يرويه من معرفته) .
والنحو التوليدي هو نظرية لسانية وضعها تشومسكي، ومعه علماء اللسانيات فـي المعهد التكنولوجي بماساشوسيت (الولايات المتحدة) فيما بين 1960م و1965م بانتقاد النموذج التوزيعـي والنموذج البنيوي فـي مقوماتهما الوضعية المباشرة، باعتبار أن هذا التصـور لا يصف إلا الجمل المنجزة بالفعل،
ولا يمكنه أن يفسر عددا كبيرا من المعطيات اللسانية، مثل: الالتباس، والأجزاء غير المتصلة بعضها ببعض؛ فوضع هذه النظرية لتكون قادرة على تفسير ظاهرة الإبداع لدى المتكلم، وقدرته على إنشاء جمل لم يسبق أن وجدت أو فهمت على ذلك الوجه الجديد.
والنحو يتمثل في مجموع المحصول اللساني الذي تراكم في ذهن المتكلم باللغة، يعني: الكفاءة (competence) اللسانية، والاستعمال الخاص الذي ينجزه المتكلم في حال من الأحوال الخاصة عند التخاطب، ويرجع إلى القدرة (performance) الكلامية.
والنحو يتألف من ثلاثة أجزاء أو مقومات :
مقوم تركيبي: ويعني نظام القواعد التي تحدد الجملة المسموح بها في تلك اللغة.
مقوم دلالي: ويتألف من نظام القواعد التي بها يتم تفسير الجملة المولدة من التراكيب النحوية.
مقوم صوتي وحرفي: يعني نظام القواعد التي تنشئ كلاما مقطعا من الأصوات في جمل مولدة من التركيب النحوي.
والشبكة النحوية (composante): يعني البنية النحوية، وهي مكونة من قسمين كبيرين؛ الأصل الذي يحدد البنيات الأصلية.
والتحويلات التي تمكن من الانتقال من البنية العميقة المتولدة عن الأصل إلى البنية الظاهرة التي تتجلى في الصيغة الصوتية، وتصبح بعد ذلك جملا منجزة بالفعل.
وعمليات التحويل تقلب البنيات العميقة إلى بنيات ظاهرة دون أن تمس بالتحويل، أي: بالتأويل الدلالي الذي يجري في مستوى البنيات العميقة. أما التحويلات التي كانت وراء وجود بعض المقومات فإنها تتم في مرحلتين:
إحداهما: بالتحويل البنيوي للسلسلة التركيبية؛ لكي نعرف هل هي منسجمة مع تحويل معين؟
والثاني: باستبدال بنية هذا التركيب بالزيادة أو بالحذف أو بتغيير الموضوع أو بالإبدال، فنصل حينئذ إلى سلسلة متتالية من التحويلات تتطابق مع البنية الخارجية.
ويقصد بالتحويل في النحو التوليدي: التغيرات التي يدخلها المتكلم على النص، فينقل البنيات العميقة المولدة من أصل المعنى إلى بنيات ظاهرة على سطح الكلام، وتخضع بدورها إلى الصياغة الحرفية الناشئة عن التقطيع الصوتي.
والتحويل ومقوماته لا يمس المعنى الأصلي للجمل بل صورة المؤشرات التي هي وحدها قابلة للتغيير، ونقصد بالمؤشرات (les marqueurs) العقد التي تضفر فيها خيوط الكلام، فالتحويلات عمليات شكلية محضة، تهم تراكيب الجمل المولدة من أصل المعنى.
وتتم بشغور الموقع، أو بتبادل المواقع، أو بإعادة صوغ الكلمات أو باستخلافها؛ حيث يستخلف الطرف المقوم بطرف آخر مكانه، أو بإضافة مقوم جديد له .
من فضلكم يرجى ادراج المصادر و المراجع