“تيفيناغ” .. أبجدية “الطوارق” و”الأمازيغ”
“تيفيناغ” أو حروف تيفيناغ المحدثة، وتعرف كذلك بـ “تيفيناغ الطوارق”؛ هي الأبجدية التي يستخدمها الطوارق والأمازيغ لتدوين لغاتهم. وتعرف كذلك بالكتابة الليبية القديمة أوالبربرية، وتعني كلمة تيفيناغ بالأمازيغية «اكتشافُنا»، وهي واحدة من أقدم الأبجديات في العالَم، وقد ظلت تُستخدم من قبل الطوارق منذ نشأتِها وحتى يومنا هذا، في حين انحصر استخدامها نسبيا لدى بقية الأمازيغ في شمال إفريقيا.
وقد بدأ إحيائها من بعض المثقفين الأمازيغ في الأكاديمية البربرية في ستينيات القرن الماضي. أما في المغرب؛ فقد بدأ إحياء هذه اللغة منذ عام 2001 م، عندما أُنشئ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
كان الطوارق يستخدمونها لغرض المراسلات وللإشارة إلى أماكن وجود الماء، ولترميز الحيوانات ووشمها، إضافة إلى تحديد الأقاليم. وكانت حروف تيفيناغ منذ نشأتها وكما يستخدمها الطوارق تكتب كحروف ساكنة فقط، وأما الحروف المتحركة فلا تكتب إلا في بعض الأحيان، حيث تكتب في نهاية الكلمة، وأما اتجاه الكتابة؛ فهو من اليمين إلى اليسار، لكن في النقوش القديمة؛ كانت الحروف تكتب تقريبا من كل الاتجاهات.
مؤخرا عدلت الحكومة المغربية تيفيناغ كأبجدية رسمية لكتابة اللغة الأمازيغية والتي كانت تكتب هناك إما بالحروف العربية أو اللاتينية، وذلك من خلال إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عام 2001 م.
وقد أضيفت حروف لتيفيناغ التقليدية لتمثل حروفا متحركة، وكذلك لتعبر عن أصوات ليست موجودة في الأبجدية الأصلية، وتم أيضا تغيير اتجاه الكتابة ليصبح من اليسار إلى اليمين، ويسمى هذا النموذج «بتيفيناغ المحدثة». ومنذ عام 2003 م بدأ تعليمه للأطفال في المدارس الإبتدائية المغربية لكتابة اللغة الأمازيغية.
تيفيناغ (والتي تعرف أيضا بالكتابة الليبية القديمة أو البربرية) واحدة من أقدم الأبجديات التي عرفها التاريخ، والتي يؤكد بعض المختصين أنها عاصرت الكتابة الأولى التي عرفت في منطقة سومر ببلاد الرافدين ، ويرجع تاريخها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام كما تشهد على ذلك الكتابات والنقوش الموجودة في الصحراء الكبرى كما يذهب إلى ذلك الباحث الحجي آمي.
أما التقديرات الأجنبية لعمر تيفيناغ فقد بنيت على الافتراض الذي يزعم بأن تيفيناغ منحدرة من الأبجدية الفينيقية، ووفق لها فإن عمر تيفيناغ حوالي ثلاثة آلاف سنة وهو وقت وصول الفينيقيين إلى شمال إفريقيا، وعموما فإن عمر تيفيناغ يعد مسالة لم تحسم بعد، وبحاجة إلى بعض الوقت.
ولكن تيفيناغ مما لا شك فيه سابقة للأبجدية الفينيقية بقرون كما أثبتت الدراسات الأثرية الحديثة، الأمر الذي ينفي بما لا يدع مجالا للشك الافتراض الذي تبناه كثير من الباحثين الأجانب من أن تيفيناغ ذات أصل فينيقي، وتتمثل هذه الدراسات باكتشاف صخرة موحدة بين الجزائر والمغرب، في نهاية جبال الأطلس تتضمن رسم جداري لرجل موشم بتيفيناغ وعثر بقربه على رمح برونزي،
مع العلم أن ظهور البرونز يعود إلى حوالي 1500 ق.م بينما الأبجدية الفينيقية ظهرت حوالي 1200 ق.م، أي أن ظهور الكتابة الفينيقية متأخر بقرون عن آثار التيفيناغ التي عثر عليها، ولذلك فإن تيفيناغ هي نتاج محلي للأمازيغ في شمال إفريقيا، ومعنى تيفيناغ «اكتشافنا» باللغة الأمازيغية.