اللغات السامية وتفرُّعاتُها

لغات قديمة لم تَصمد أمام العربية

- عرفتها جزيرة العرب قبل آلاف السنين -

ليست اللغة العربية التي يتحدث بها سكان جزيرة العرب؛ هي اللغة الأولى والأساسية؛ التي كانت دارجة على لسان أسلاف الشعوب العربية، التي تسكن هذه البقعة قبل ما يزيد على 1500 عام، بل سادت منذ آلاف السنين لغات عدة بعضها لم ينقرض حتى يومنا هذا.


وقد ذكر الطبري في تفسيره أن بعض هذه اللغات كانت بعيدة عن العربية التي نعرفها، مثل الألسنة العربية الجنوبية.


بحوث عديدة تتحدث عن أهمية الحفاظ على لغات من الاندثار، ومحاولات عديدة تصب في هذا المسعى من أجل توثيق لغات في مختلف بقاع الأرض، لا سيما أن آلاف اللغات التي كانت سائدة انقرضت.


وفي هذا الإطار ينفذ مركز الدراسات العُمانية للعام 2021 سلسلة مشاريع بحثية وقد بدأ مشروع دراسة لغة “الهوبيوت” في محافظة ظفار، إحدى لغات جنوب شبة الجزيرة العربية، والذي يعمل عليه باحث من جامعة السوربون الفرنسية يستضيفه مركز الدراسات العُمانية، ضمن توجهات المركز لاستقطاب الخبراء من داخل السلطنة وخارجها، بحسب ما ذكرت صحيفة “الشبيبة” العُمانية، الأربعاء (24 مارس 2021).


هذا المشروع يمثل جزءاً من مشروع علمي واسع أطلق عليه “الماس” تحت إشراف المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية، وبالتعاون مع مركز الدراسات العمانية بالجامعة.


المشروع يهدف إلى دراسة لغات جنوب شبه الجزيرة العربية، إذ تعد لغة الهوبيوت من اللغات التي ينحصر انتشارها في منطقة حدودية ضيقة بين سلطنة عمان والجمهورية اليمنية، وعلى الرغم من أهيمتها اللغوية في سياق مجموعة لغات جنوب شبة الجزيرة العربية فإن هذه اللغة لم تلقَ اهتماماً كبيراً من قبل الباحثين ولم تدوَّن بعد.


علاوة على هذا فإن المتحدثين بالهوبيوت يتحدثون شفهياً دون كتابتها، وهو ما جعلها ضمن اللغات المهددة بالانقراض حسب ما ورد في أطلس اليونسكو للغات العالم المهددة بالاندثار (نسخة 2010).


وتشير الأدبيات إلى تسجيل غياب كلمة “هوبيوت” في مصنّفات المؤرخين العربيّة. ويعتبر المستشرق البريطاني توماس جونستون صاحب السّبق في الإشارة باقتضاب إلى وجود لغة تسمّى “الهوبيوت” في توطئة معجمه اللغة الجبالية سنة 1981.


وجاءت فكرة هذا المشروع ليشكل دراسة لغويّة شاملة على المستوى الصوتي والصرفي والتركيبي للهوبيوت، بمقاربة موضوعيّة ومنهج علميّ، يسعى إلى الإضافة والدقّة.


ويتم الاعتماد خلال البحث على المقابلات والاستماع إلى الناس في حياتهم اليومية الخاصّة والعامة؛ وذلك بالتزامن مع جمع مادة بحثية متنوعة بلغة الهوبيوت من أشعار وقصص شعبيّة وروايات عن العادات والتقاليد والصيد والزراعة.


وفي مرحلة لاحقة يتم كتابة المادة المتوفرة صوتياً، وتتم ترجمتها إلى اللغة العربية ومنها إلى الفرنسية.


بدوره فإن أحمد الربعاني، مدير مركز الدراسات العمانية، يؤكد أهمية هذا المشروع، مشيراً إلى أن المكتبة العمانية والعربية والعالمية تفتقر إلى مثل هذه الدراسات، التي تستدعي توجيه الباحثين من داخل السلطنة وخارجها للاهتمام بدراسة هذه اللغة لما تمثله من قيمة علمية وفكرية ووطنية.


  • سادت فبادت

اللغات التي سادت ثم بادت في الجزيرة العربية، وأخرى على طريق أن تلحق باللغات المنقرضة، كان سبب انقراضها -وفق باحثين- أنها لغات غير مكتوبة، والمتحدثون بها بدو رحل على الأغلب.


يضاف إلى هذا أن الدين الإسلامي الذي انتشر في جزيرة العرب قائم على اللغة العربية، وهو ما زاد من انتشار التحدث به بين القبائل والأقوام والشعوب التي تتحدث لغات أخرى غير العربية داخل جزيرة العرب.


  • اللغة الحميرية

وعلى الرغم من تحدثهم بالعربية فإن اللغة الحميرية أو المهرية وهي لغة قبيلة المهرة المنتشرة في شرقي اليمن وعُمان والكويت والإمارات والسعودية وأيضاً في الربع الخالي، ما زالت لغة متوارثة يتحدث بها أفراد القبيلة.


ليس هناك للغة الحميرية منهج معين، رغم أنها كاللغة العربية لها قواعد وأدب يحتوي على النثر والشعر، ويشرف على تعليم هذه القواعد من لديه معرفة من أفراد القبيلة كعمل تطوعي يفيد فيه أطفال القبيلة.


وسعياً منهم للحفاظ على لغتهم يقوم الآباء بتعليم أبنائهم هذه اللغة لأنها اللغة الرسمية في المنزل ومع أبناء العمومة وفي القبيلة، كما أنها تعيش في ذهن الطفل من بداية ولادته لأنها تأتي بالفطرة كاللغة العربية تماماً.


  • اللغة البطحرية

وفقاً لإحصاء أجرته سلطنة عُمان يعود إلى عام 2011، يتحدث البطحرية نحو 200 بطحري، ويقطنون جنوبي عمان مقابل جزر الحلانيات (خوريا موريا).


تعتبر البطحرية من اللغات المهددة بالانقراض لأن الناطقين بهذه اللغة يتحولون مع مرور الوقت إلى ناطقين باللغة العربية، وبعضهم إلى متحدثين باللغات المحيطة بهم كالمهرية والجبالية.


ليس للغة البطحرية أبجدية مكتوبة، ولا أي نصوص مكتوبة.


وتراث اللغة البطحرية ما يزال شفهياً وغير مدون، وستكون اللغة معرضة للانقراض في العقود المقبلة.


  • اللغة الحرسوسية

الحرسوسية لغة قريبة من المهرية يتحدثها ما بين ألف وألفي نسمة في جدة الحراسيس في ولاية هيماء بوسط عُمان.


تنتمي الحرسوسية إلى مجموعة اللغات العربية الجنوبية الحديثة التي هي فرع من اللغات السامية الجنوبية التي تنتمي إلى العائلة الأفروآسيوية.


  • المتحدثون بها يتحدثون العربية كذلك

واللغة الحرسوسية تعتبر فرعاً من اللغة المهرية، التي يتحدثها المهرة والذين يسكنون في محافظة المهرة الممتدة من حضرموت (باليمن) إلى ظفار (عُمان).


والحرسوسية لم تخط لها قواعد رغم وجودها، وكتب كثير من الأكاديميين والرحالة عنها؛ كالباحثة ميرندا موريس والباحثة الإماراتية جميلة الظاهري، التي سلطت الضوء ولأول مرة على هذه اللغة التي لم ينتبه.


  • اللغة الشحرية

اللغة الشحرية أو الجبالي هي لغة أهل ظفار، وهي إحدى اللغات السامية القديمة.

الشحرية تحتوي على كثير من الكلمات العربية التي لانجدها إلا في الشعر القديم والمعاجم.


هذه اللغة هي لغة أهل جنوب عُمان، وما زالت تستخدم حتى يومنا هذا، وأكثر من 82% من سكان محافظة ظفار يتحدثونها، ولكنها لغة منطوقة غير مكتوبة، وتحتوي على كل حروف اللغة العربية ما عدا (ص، ق، ض)، هذا بالإضافة إلى 8 حروف أخرى.


واللغة الشحرية هي إحدى اللغات السامية، وتنسب إلى قبائل الشحرى التي تسكن محافظة ظفار ومعظم سكان المحافظة يتحدثونها.


تحتوي هذه اللغة على عدة لهجات حسب المنطقة، ولكن الاختلاف بسيط.


في هذه اللغة يتم عكس بعض الكلمات العربية، مثال على ذلك كلمة (قتل) بالعربية بمعنى القتل هي في الشحرية (لتق)، وتعطي نفس المعنى.


  • اللغة اللحيانية

اللحيانية كانت منتشرة في شمال شبه الجزيرة العربية، وبالتحديد في مملكة لحيان التي اتخذت من الحجر عاصمة لها في الفترة (900 ق.م – 200 ق.م).


كانت لغة مملكة لحيان لغة عربية شمالية، وخطهم هو الخط اللحياني المشتق من الخط المسند الجنوبي.


ويُعد الخط اللحياني أحد مراحل تطور الأبجدية العربية، وكان عدد الحروف الهجائية عندهم 28 حرفاً كما هي اللغة العربية اليوم.


اعتمد اللحيانيون في كتابتهم على ثلاث طرق هي؛ طريقة إبراز الحرف: وتتم هذه الطريقة بتفريغ ما حول الحرف وإبرازه، وعادة ما تكون الحروف المكتوبة بهذه الطريقة منسقة في أسطر متوازية أكثر من غيرها، وتوضع خطوط أفقية للفصل بين الأسطر، ووجد عدد منها داخل براويز.


طريقة الحز: تتم هذه الطريقة بحز الأحرف على الصخرة بأداة حادة حيث تكون الأحرف فيها غائرة.

طريقة النقر: تتم هذه الطريقة بنقر الأحرف على الصخر، وعادة ما تكون الأحرف فيها سميكة. والنقوش المكتوبة بهذه الطريقة عادة ما تكون مخربشات غير مكتملة وناقصة وتفتقد إلى الأسلوب الجيد في الكتابة.


المصدر : الخليج أولاين

بالعربيّة

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تعليق واحد

  1. صحيح اللهجة الحرسوسية لا قواعد مكتوبه لها‘وهي تشترك مع المهرية في عمان والأمهرية في أثيوبيا في كثير من الألفاظ الحيوية .
    جميلة الظاهري
    اللسانيات الحديثه/باحثه في اللهجة الحرسوسية
    [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى