أخبار ومتابعات

رواية الكيميائي لثائر الناشف .. عندما تصبح الأوهام جزءًا من حياة الإنسان

عندما يؤمن المرء بالأوهام التي لا تلبث أن تصبح معتقدات راسخة في ذهنه لا يرقى إليها الشك دون أن يكون بوسعه دحضها أو تفسيرها، ولا حتى ردّها إلى أصلها الأول، فتستولي على وجدانه لوقت طويل، لكنه –المرء- لا ينفك يكتشف أنّ تلك الأوهام لا تستولي على ذهنه فحسب، بل على الواقع برمته.


يستعرض الكاتب السوري ثائر الناشف في روايته الصادرة حديثا عن دار موزاييك للنشر والدراسات شخصية سليمان صالح، وهو خبير كيميائي سوري يعيش في فرنسا، يضطر إلى مغادرة محل إقامته، والانطلاق إلى بلدة سلمى بعدما يتلقى رسالة خاصة من شخص يدعى إبراهيم يخبره فيها بمقتل أخويه، ويقايضه بالحفاظ على ممتلكات عائلته مقابل أن يقدم خدماته في تصنيع البارود، بغية نسف الجسور والحواجز العسكرية في منطقة الساحل.


قبل بدء رحلته المريرة إلى سورية، يمسي سليمان فريسة للوهم والكوابيس، حالما يحط رحاله في بيت الجرحى الذين يخبرونه أنّه المسعف الذي ظلوا ينتظرون وصوله إليهم بفارغ الصبر، لكن تشتته الذهني، فضلا عن رهبة المكان تجعله في حالة عجز مطلق دون أن يكون قادرًا على الكشف عن شخصيته الحقيقية.


ينطلق الكيميائي إلى سورية بصحبة أفراد المجموعة التي كان قد تفاوض مع زعميها المدعو إبراهيم، لكنه سرعان ما يقع ضحية لأوهام شتى لا ينفك أفراد المجموعة يشيعونها في ذهنه، فبدلا من أن يعبر الحدود التركية إلى سورية بصفته خبيرًا كيميائيا، يجد نفسه وقد أصبح صحفيًا نزولًا على رغبة أفراد المجموعة، وتحولات الواقع الغامض الذي يعيش فصوله العاصفة.


يصل سليمان إلى بلدة سلمى بعد محاولات تسلل شاقة دون أن يكون بوسعه لقاء إبراهيم آغا الذي يتحول إلى شخصية غامضة في وجدانه، فيبدأ الغرق في خضمّ صراعات نفسية شديدة، خاصة بعدما سمع من إحدى نساء البلدة أن شقيقيه ليسا ميتين، فيتوهم وجود أشياء ليس لها أي وجود في الواقع، ليكتشف أن الواقع المادي بكل موجوداته مجرد فقاعة يصنعها خيال الإنسان ليُحيط بها أذهان الآخرين.


ثائر الناشف كاتب وإعلامي سوري، ولد عام 1982 في الرقة، درس الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق، وتخرج في كلية الإعلام والصحافة عام 2005، غادر سوريا عام 2007، وأقام في القاهرة حتى مطلع عام 2015، أصدر العديد من المؤلفات المسرحية والروائية والكتب الفكرية، ومنها رواية المسغبة في ثلاثة مجلدات، وقيامة الروح، وقمر أورشليم، ومسرحية الزمن الرديء، وظل الديكتاتور، وظلال الحب والسلام التي كانت قد تأهلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الهيئة العربية للمسرح دورة عام 2021، يقيم في النمسا منذ عام 2015.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى