اضطراب عُسر الانتباه نموذجا
سنقتصر في هذه الورقة على ملامسة نوع واحد من الاضطرابات التي تؤدي إلى الفشل الدراسي وهو؛اضطراب عسر الانتباه. يرجع اهتمامنا بهذا الموضوع إلى كونه يُشكل سببا مباشرا في ظهور صعوبات التعلم، كما أنه يَغلُبُ أن يتعالق مع اضطرابات أخرى؛ قد تؤدي في حالة عدم علاجها إلى الفشل في جميع مناحي الحياة سواء العِملية أو الأسرية أو الاجتماعية.
سنقارب هذا الإشكال انطلاقا من الوقوف على محورين أساسيين:
– عسر الانتباه المرتبط بالحركية المفرطة.
ـ عسر الانتباه غير المرتبط بالحركية المفرطة.
وذلك من خلال الوقوف عند مجمل الأسباب المولدة لهذين النمطين من الاضطراب و خصائصهما المحددة و النتائج المتمخضة عنهما، كما سنحاول محاورة مجموع الحلول المقترحة بهذا الخصوص.
إن الاستراتيجية المؤسسة لهذه الورقة هي أن الفشل المدرسي ليس قدرا حتميا و إنما هو معطى يمكن التغلب عليه.
1ـ تحديد اضطراب عسر الانتباه
1 ـ 1ـ إشكال المفهوم
ننطلق في هذه المقاربة من الوقوف عند تحديد مفهوم الانتباه الذي يوضع عادة في مقابل الاصطلاح الغربي attention و هو مصطلح مشتق – كما تشير إلى ذلك جاكان (2008 : 8)- من الأصل اللاتيني attendere و يدل على حالة تسمح بتلقي المؤثرات الخارجية، بذلك يمكن ربطه بمجال الارتكاسات Reflexes.
يشير هوار و رومانفيل (2003: 2) إلى أن الانتباه ليس عملية ذهنية موحدة، و إنما هو مزيج من عمليات ذهنية متنوعة تجمع بين انتقاء المعلومة و التبئير و تفعيل الموارد و التركيز و الجهد و مقاومة السهو و مراقبة النشاط، لذلك نجدهما يربطان في تحديدهما للانتباه بين فعل الانتباه و اختيار الأسبقيات.
“أن نكون منتبهين يعني أن نؤسس أسبقيات، و بالتالي يمكن تحديد الانتباه بأنه؛ الإجراء الذي بواسطته يؤسس الفرد أسبقياته في معالجة المعلومة، ذلك لأنه لا يمكن الانتباه إلى كل المعلومات المتاحة و إنما ننتبه إلى ما له دلالة خاصة بالنسبة لنا.”
بهذا يكون الانتباه آلية معرفية تسمح بمعالجة المعلومة و تدبيرها (كانيي1996) كما تسمح بانتقاء المعلومة الملائمة و تنحية المعلومات الأخرى بحسب الهدف. إن الانتباه إذن هو البوابة التي تمكن من الولوج إلى اكتساب المعرفة و ممارسة فعل التعلم. فإذا لم يكن المتعلم منتبها فلن يتمكن من تلقي المعلومة و تحليلها و فهمها و تذكرها، و بالتالي لن يستوعب المسائل الأساسية الضرورية لعملية اكتساب معرفة جديدة.
يمكن تنميط الانتباه إلى نمطين هما:
– الانتباه التلقائي: يحيل على الاستعداد القبلي للإدراك و تلقي معلومة بفضل الحواس الخمسة.
– الانتباه الانتقائي: يحيل على الحالة التي يتم فيها انتقاء قرائن ملائمة من بين قرائن متعددة، و ذلك بمواجهة المعلومات التي تأتينا من المحيط الخارجي بالمحيط الداخلي.
إن كلا النمطين من الانتباه يساعد على الإدراك و اكتساب المعارف. إن التعلم كما يشير إلى ذلك بوجون (2007 :31) يقتضي الانتقال من الانتباه التلقائي إلى الانتباه الإنتقائي، و الوصول إلى هذا المستوى الثاني يقتضي جهدا، و هذا الجهد هو ما يمكن نعته بالتركيز.
إن التركيز هو ترجمة للمقابل الغربي concentration وهو يأتي في مرتبة أعلى من الانتباه: إنه فعل إرادي يقتضي التفرغ لتوجيه الذهن إلى شيء محدد، فينجم عن ذلك تقليص الانتباه نحو العالم الخارجي. إنه يسمح بإيجاد معلومة و تثبيتها في الذاكرة، و من هنا أهميته في اكتساب المعارف،
بحيث إن تشتت الانتباه عند المتعلم يعيق التفاعل معه و يقف حاجزا أمام استجابته لكل ما يحيط به (جاكان 2008 : 153) و بالتالي يعطل قدراته على التعلم بفعالية، و قد يكون مؤشرا قويا على أنه يعاني مما يسمى باضطراب عسر الانتباهtrouble de déficit de l’attention.
عرف هذا الاضطراب تحت تسميات متعددة منها “التلف الدماغي البسيط” و”الخلل الوظيفي (أو الاضطراب) الدماغي البسيط و”الإعاقات السلوكية و إعاقات التعلم”، و”فرط الحركة”. و إذا تصفحنا الدليل التشخيصي والإحصائي الثالث للاضطرابات النفسية الصادر سنة 1980 نجد أنه قد تضمن الحديث عن هذا الاضطراب باستخدام مفهوم. “اضطراب عسر الانتباه المصاحب أو غير المصاحب بحركية مفرطة”. و قد تم تعريفه في الدليل التشخيصي و الإحصائي الرابع الذي ظهر سنة (1996 : 1008) كالتالي:
” وضع مستمر من عدم الانتباه أو الحركية المفرطة- الاندفاعية أكثر تواترا و أكثر حدة مما نلاحظه عادة عند الأشخاص الذين لهم المستوى نفسه من النمو.” وهو التحديد الذي يؤكده فانسان (2010 : 125) بقوله:
“اضطراب عسر الانتباه – سواء – المصاحب بالحركية المفرطة أو بدونها هو مشكل عصبي يسبب صعوبات في مراقبة أو الحد من الأفكار(عدم الانتباه) و الحركات (التململ) و السلوكات (الاندفاعية)”. غير أن استعمال هذا المفهوم في هذا التاريخ لا يعني أن هذا الاضطراب لم يكن معروفا قبلا،
بل إنه عرف لأول مرة سنة 1902 حيث قدم جورج ستيل (1) وصفا كلينيكيا له انطلاقا من معاينته لمجموعة من الأطفال الذين يتميزون بسلوكات مشوشة و قد قادته أبحاثه إلى اكتشاف أن بعضا من هؤلاء الأطفال يعاني من إصابات في الدماغ و أن سلوكهم الاندفاعي يرجع إلى الرغبة في الإشباع الفوري للرغبات دون تقدير النتائج، و قد لاحظ أن هذا الاضطراب يتعالق مع صعوبات التعلم (ازوفي ص 9)،
و هذا يقودنا إلى الربط بينه و بين الفشل الدراسي، بل و الربط بينه و بين مجموعة من الاضطرابات السلوكية. بينت العديد من الأبحاث أن المتعلم الذي يعاني من عسر الانتباه قد يعاني أيضا من حركية مفرطة و اندفاع كبير ناتجين عن اختلافات دالة على مستوى النشاط الكيميائي في مختلف مناطق الدماغ.
- 1– 2 – إشكال التنميط:
تم تصنيف اضطراب عسر الانتباه إلى ثلاث فئات هي:
– اضطراب عدم الانتباه trouble predominant de l inattention حيث يصعب على المتعلم توجيه انتباهه إلى مهمة محددة لفترة 15 دقيقة أو أكثر، و بالتالي يكون من السهل استثارة انتباهه بمثيرات خارجية.
– اضطراب الحركية المفرطة و الاندفاعية Trouble prédominant hyperactivité impulsivité d، حيث تلاحظ حركة دائمة للأطراف مع صعوبة في إنجاز المهام بهدوء والتوقف عن الحديث و الاندفاع.
إذ يقوم المتعلم الذي يعاني من هذا الاضطراب بمهامه بسرعة و بدون تفكير لأنه يعجز عن الانتظار إلى حين الانتهاء من سماع أو قراءة التعليمات.
– اضطراب عدم الانتباه و الحركية و الاندفاعية Trouble prédominant d inattention et d hyperactivité impulsivité تظهر لديه كل الأعراض السابق ذكرها.
بربط هذه الأنماط الثلاثة بعسر الانتباه يمكن تقليصها إلى نمطين (ليبين 2011) اثنين:
– عسر الانتباه المصاحب بالحركية المفرطة déficit de l’attention avec hyperactivité
– عسر الانتباه بدون الحركية الزائدة déficit de l’attention sans hyperactivité
و هو التنميط الذي أشار إليه الدليل التشخيصي والإحصائي الثالث للاضطرابات النفسية.
يرتبط النمطان معا بمشكل عصبي يؤدي إلى صعوبات في قولبة الأفكار(عدم الانتباه) و الحركات و السلوكات، و هي صعوبات تجعل المتعلم يعاني من عدم انتظام في تفكيره و من السهو و المماطلة و عدم القدرة على تقدير الوقت، بل قد يعاني أيضا من صعوبة في قولبة حجم ردوده الانفعالية، فتتولد لديه حساسية مفرطة مقرونة بعدم تقدير الذات (كادرا2011).
2 ـ تشخيص الاضطراب
يرتبط تشخيص المرض بمعايير دقيقة لابد من مراعاتها في تحديد الأعراض. حددت هذه المعايير في كتابين تشخيصيين أساسيين هما:
ـ التصنيف الدولي للأمراض la Classification internationale des maladies (CIM-10)
ـ الدليل التشخيصي و الإحصائي الرابع الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
2 ـ 1 ـ أعراض عسر الانتباه غير المصاحب بالحركية المفرطة:
يتسم المتعلم الذي يعاني من هذا الاضطراب بالأعراض التي حددها الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية كالتالي:
ـ لا ينتبه غالبا إلى الجزئيات.
ـ يبدو و كأنه لا يسمع إلى من يتحدث معه.
ـ يجد صعوبة في المحافظة على مستوى معين من الانتباه سواء في العمل أو اللعب.
ـ لا يلتزم في أغلب الأحيان بالتعليمات و يجد صعوبة في إنهاء واجباته سواء
المدرسية أو غيرها.
ـ يجد صعوبة في تنظيم أنشطته.
ـ يتجنب غالبا المهام التي تتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا.
ـ يفقد غالبا أغراضه اللازمة لإنجاز المهام.
ـ يتسم بتشتت الذهن بسهولة، إذ غالبا ما تجذبه المؤثرات الخارجية.
ـ كثير النسيان أثناء ممارسة الأنشطة اليومية.
بالإضافة إلى هذه الأعراض نجد أعراض أخرى منها :
ـ غالبا ما يرتكب أخطاء سواء في واجباته المدرسية أو باقي الأنشطة الأخرى بفعل عدم الاكتراث.
ـ ينتقل بصفة دائمة من نشاط إلى آخر دون إتمام النشاط السابق، إذ يجد صعوبة في تركيز الانتباه على تنظيم و استكمال عمل ما أو تعلم شيء جديد.
ـ يشعر بالملل من أداء نشاط واحد بعد بضع دقائق فقط ما لم يكن هذا النشاط ممتعا بالنسبة إليه.
ـ يجد صعوبة في معالجة المعلومات بدقة و بسرعة كالآخرين.
تتقاطع هذه الأعراض مع ما أورده براون ( 1996) كالتالي:
ـ صعوبة في الشروع في العمل و في التنظيم بحيث يميل إلى تأجيل العمل و خاصة إذا كان لا يكتسي أهمية خاصة بالنسبة له أو يتطلب جهدا ذهنيا.
ـ نسيان الأدوات و التعليمات بشكل متواتر.
ـ صعوبة في الحفاظ على التركيز بحيث يجد المتعلم صعوبة في تجاهل الأشياء التي تجذبه في المحيط الداخلي أو الخارجي، كما يجد صعوبة في تركيز الجهد في نقطة معينة بحيث يصيبه التعب بسرعة، و يفقد اهتمامه فينتقل من نشاط إلى نشاط دون إنهاء النشاط الأول.
ـ عجز في ذاكرة الاشتغال القصيرة الأمد، بحيث يصعب عليه تذكر المعلومة القصيرة الأمد، لهذا لا يستطيع إنهاء العمل الذي يتطلب عدة مراحل.
ـ يجد صعوبة في القراءة و ينسى معنى النص بسرعة.
ـ تشتت داخلي مهم حيث يكون فريسة لأحلام اليقظة.
ـ عسر انتباه انتقائي بحيث يصعب عليه انتقاء المثير الملائم.
ـ عسر انتباه مجزأ يحيل على صعوبة في إنجاز مهمتين في آن واحد، بحيث أنه يصعب عليه مثلا الانتباه إلى شرح الدرس و تسجيل بعض الأفكار في آن واحد.
يمكن أن تتعالق هذه الأعراض الرئيسية مع بعض الأعراض الثانوية منها:
ـ عدم تقدير الذات.
ـ الميل إلى اختلاق الحكايات و التلفيق نتيجة للصعوبة التي يجدها في تذكر الأحداث.
ـ الميل إلى عدم تحمل المسؤولية.
ـ صعوبة إدراك الخطأ و تقويمه.
ـ المشاحنات مع الأقران.
ـ البطء في الأداء بحيث لا يستطيع مواكبة الآخرين.
ـ الانسحاب من الجماعة، إما نتيجة رفض الآخرين له أو نتيجة السلوكات غير الملائمة أو نقص في المهارات الاجتماعية.
ترتبط هذه الأعراض في مجملها بكون العمليات العقلية التي تقوم بمعالجة المعلومات بطيئة، لذلك تكون عملية استدعاء المعلومات التي سبق تخزينها في الذاكرة البعيدة المدى بطيئة جدا، و بالتالي تقتضي وقتا طويلا في عملية التفكير فتكون النتيجة صعوبات في التعلم و فشل في الدراسة (تعوينات 2009).
- 2 ـ 2 – أعراض عسر الانتباه المصاحب بالحركية المفرطة:
عرف اضطراب عسر الانتباه المصاحب بالحركية المفرطة في القرن 19. حيث وصف هوفمان في ألمانيا سنة 1845 و برنفيل في فرنسا سنة 1897للمرة الأولى حالات عدم الاستقرار الحركي عند الطفل أولا ثم عند البالغ (جيتان 2009)، بعد ذلك توالت الدراسات إلى حدود 1980 حيث سيقترن باضطراب عسر الانتباه على اعتبار أن الاندفاع هو نتيجة له.
تشير جاكان (2008 : 9) في تحديدها لاضطراب عسر الانتباه المصاحب بالحركية الزائدة إلى أنه:
“اضطراب يتميز بحركات غير إرادية من نوع غير مرتبط بالصرع non épileptique .”
رغم أن سبب هذه الحركية الزائدة غير معروف، فإن الاحتمال الأورد هو أن هذا المفهوم يشمل اضطرابات متمايزة لها تمظهرات مشابهة غير أنها مختلفة الأسباب.
هناك مجموعة من الأعراض التي تمكن من التعرف على المتعلم الذي يعاني من اضطراب عسر الانتباه المصاحب بالحركية الزائدة و الاندفاع، منها ما نجده واردا عند ليبين (2011 ) الذي لاحظ الأعراض التالية:
– يغادر مقعده في القاعة بكثرة.
– يتحدث كثيرا في أغلب الأحيان.
– يقاطع الآخرين في أغلب الأحيان.
– الاندفاع.
– الحركة المبالغ فيها.
– قلة الصبر، فهو يغتاظ بسهولة.
– تغيرات في المزاج.
– عدم الانتباه و التشتت و عدم التركيز.
– أحلام اليقظة.
– صعوبة في الشروع في العمل.
– يبدأ عدة أشياء دفعة واحدة.
– نوبات عصبية.
– التحدي و رفض الالتزام بالتعليمات.
– غير اجتماعي.
– سهل استفزازه.
– الانجذاب نحو المثيرات الخارجية.
– نقص في النظام.
– الإحساس بعدم الحماية.
– القلق.
– التأتأة.
– صعوبات التعلم.
– البحث عن أحاسيس قوية كالسرعة المفرطة و الرياضات القوية و المخدرات.
– الميل إلى الاكتئاب.
– النفور من الروتين.
– إثارة الآخرين.
– له طبع قوي.
تتقاطع هذه الأعراض مع ما ورد في الدليل التشخيصي و الإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية كالتالي:
– يحرك أطرافه بشكل مبالغ فيه.
– يجري و يقفز في كل مكان.
– يغادر مقعده دونما حاجة إلى ذلك.
– غالبًا ما يصعب عليه اللعب أو الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية في هدوء.
– يتميز بالحركة الدائبة والنشاط في كثير من الأحيان.
– كثير الكلام.
– كثيرًا ما يقاطع الآخرين أو يتطفل عليهم أثناء الحديث أو اللعب.
– يجيب بسرعة قبل إتمام طرح السؤال.
– يصعب عليه انتظار دوره و يفرض وجوده.
و يتقاطع كذلك مع ما ورد عند لوفر و دونهولف (1957 :25) كالتالي:
ـ نقص الانتباه و التركيز.
ـ تقلب كبير في الإنجاز.
ـ الاندفاعية.
ـ نقص في التوقع.
ـ التهيج.
ـ طبع حاد
ـ مردودية دراسية ضعيفة.
ـ مردودية ضعيفة في المهام المرئية-الحركية visuo motrices الذي يكون له
انعكاس على الكتابة و القراءة و الرياضيات.
ـ النشاط الحركي المفرط.
بالإضافة إلى كل هذه الأعراض نجد أعراض أخرى منها:
ـ عجز عن تعديل السلوك في حالة الحصول على نتيجة سلبية، إذ نجد المتعلم يكرر السلوك نفسه و يبدو أنه يصعب عليه أن يخزن في ذاكرته الأفعال الماضية و النتائج التي أدت إليها لكي لا يكرر الخطأ نفسه.
ـ صعوبة في الحفاظ على الجهد في العمل.
ـ تصور رديء للزمن، إذ يجد صعوبة في التموضع في الماضي أو المستقبل، فما يهيمن بالنسبة إليه هو الحاضر
ـ تصور رديء للمجال إذ يجد صعوبة في تنظيم المجال المحيط به.
ـ عدم تقبل الإحباط.
ـ سرعة في الانجاز على حساب الجودة، بحيث أنه لا يأخذ الوقت الكافي لإنجاز ما يطلب منه.
ـ عدم التمكن من القدرة على التحدث بحيث يكون خطابه مفتقدا للتلاحم غير مراع للتسلسل الزمني للأحداث و لا الروابط المنطقية بين المعلومات، كما أن الجمل التي ينتجها لنقل حدث ما تكون ناقصة (فائقة محمد بدر 1999: 55)
لقد أسهمت العلوم العصبية المعرفية في السنوات الأخيرة في ضبط هذه الأعراض و تفسيرها، و ذلك انطلاقا من توظيف مناهج تقويمية أكثر دقة مكنت من الفهم الجيد للإجراءات المعرفية الأساسية و من حصر الخلل الذي يمكن أن يصيبها.
و بالتالي من الكشف عن الاضطرابات المعرفية المرتبطة بعسر الانتباه بنمطيه خاصة فيما يتعلق بالوظيفية الإنجازية fonctionnement executive (كاي و لابورت2006: 38) إذ خلصت مجمل الدراسات في هذا المجال إلى أن تعميق المعرفة بوظيفية المهارات الإنجازية يسمح بضبط الجوانب المعرفية الخاصة بهذا الاضطراب (بواسون 2006 : 64).
في هذا الإطار نجد برونوفسكي (1967-1977) يفسر عسر الانتباه بوجود خلل في الوظائف الإنجازية التي حددها كالتالي:
– تمديد الحدث: تسمح لنا هذه الوظيفة بالمحافظة على تمثيل ذهني لوضعية ما و ملاحظتها و دراستها مما يسمح بفهمها بشكل جيد.
ـ التمييز بين الأحداث و المشاعر: تسمح هذه الوظيفة بتقسيم المعلومة إلى جزأين: الأحداث و المشاعر . يتيح هذا التقسيم دراسة المعطيات بشكل موضوعي.
ـ اللغة الداخلية: بموجبها نمتلك القدرة على نتحدث مع ذواتنا و ما يتيحه ذلك من التحكم في سلوكاتنا و ردود أفعالنا.
ـ إعادة بناء: تتضمن هذه الوظيفة مهارتين اثنتين: مهارة تفكيك المعلومة إلى أجزاء و مهارة إعادة بناء هذه الأجزاء في رسالة جديدة بشكل يجعلنا نستجيب للحدث بطريقة ملائمة.
تتعالق هذه الوظائف مع الوظائف الإنجازية التي أشار إليها باركلي (1996) كالتالي:
ـ ذاكرة الاشتغال غير ـ الكلامية: تسمح باستيعاب الأحداث و تمكن الذهن من تصور كيفية التأثير عليها، و بالتالي تتيح تكوين تصور محدد يؤدي إلى توقع ما يمكن أن يحدث.
ـ ذاكرة الاشتغال الكلامية: تتضمن الحوار الداخلي و تسمح بوصف المشاكل و إيجاد الحلول و التساؤل الذاتي و تعميم القواعد و تفعيل التعليل الأخلاقي.
ـ الضبط الذاتي: تسمح لنا هذه الوظيفة بممارسة المراقبة على مشاعرنا و امتلاك منظور اجتماعي معين و إدراك معنى التخطيط الطويل الأمد.
ـ إعادة بناء: تتيح لنا هذه الوظيفة تحليل السلوكات الكلامية و غير الكلامية.
اعتبر بركلي (1996) أن هذه الوظائف تمكننا من قولبة تجاربنا و سلوكنا عبر آلية المراقبة الذاتية، و بالتالي فإن اضطراب عسر الانتباه ناتج عن اضطرابات إنجازية تعوق تفعيل المراقبة الذاتية للسلوكات، و قد أرجع هذه الاضطرابات الإنجازية إلى اضطرابات معرفية، بالنظر إلى تضمنها عدة إجراءات معرفية متمايزة و ضرورية لإتمام السلوكات الموجهة نحو هدف محدد.
- 3 ـ الانعكاسات
تنجم عن هذا الاضطراب بنمطيه انعكاسات سلبية كثيرة يمكن أن نوجز أهمها كالتالي:
ـ عدم تقدير الذات نتيجة للإخفاقات المتكررة التي تجعل المتعلم يحس بأنه لا يستطيع إنجاز ما ينجزه الآخرون بكل سهولة و يسر..
ـ صعوبات اجتماعية قد تقوده إلى الانسحاب و الانكماش حول ذاته نتيجة لرفض الآخرين له.
ـ العلاقة مع السلطة: يتطور لدى المتعلم الميل إلى المعارضة خاصة و أنه يجد صعوبة كبيرة في معرفة أخطائه و الاستفادة منها، كما يجد صعوبة أيضا في الالتزام بالقواعد و التعليمات.
ـ النمو العاطفي: إن الإخفاقات الاجتماعية المتكررة تجعل المتعلم يحس بالإحباط و تجعله عرضة لنوبات عصبية تفقده القدرة على التحكم بمشاعره، و هذا قد يقوده إلى القيام بسلوكات عدوانية و قد تقوده أيضا إلى الاكتئاب، كما يلاحظ أن الإحساس بالقلق قد يتمظهر في بعض الأعراض التي قد يشكو منها كوجع البطن و الرأس و الظهر.
ـ اللجوء إلى المخدرات في مرحلة المراهقة بوصفها وسيلة هروب، خاصة إذا لم يتلق أي مساعدة من محيطه.
ـ الأمن الشخصي: ليس لدى المتعلم التي يعاني من هذا الاضطراب القدرة على تقدير حجم الخطر و هذا ما يعرضه لحوادث قد تودي بحياته.
بالإضافة إلى هذه الانعكاسات السلبية تتعالق مع اضطراب عسر الانتباه اضطرابات أخرى منها:
ـ اضطراب المعارضة و العصيان و اضطراب السلوك. يؤدي هذان النوعان من الاضطراب كلاهما إلى سلوكيات مرفوضة من المجتمع مثل العناد أو العنف أو نوبات الغضب المتكررة أو الخداع أو الكذب أو السرقة و هي تصرفات قد تنجم عنها، خاصة في سن المراهقة، مشاكل سلوكية واجتماعية تعيق اندماج الفرد في المجتمع و تؤثر سلبا على جميع الوظائف الحياتية سواء في العمل أو العلاقات الاجتماعية أو الأسرية.
ـ صعوبات في التعلم التي قد تؤدي إلى الفشل الدراسي. في هذا الإطار، يشير جوليكور (1994) إلى أن المتعلم يجد صعوبة في تنظيم عمله و في القيام بالأنشطة التي تتطلب مجهودا فكريا كبيرا، إذ يلاحظ أنه يميل إلى السهو الذي يتمظهر بطريقة محيرة و انتقائية من حين لآخر و تظهر خصوصا مع القيود البيداغوجية و التربوية، فيصبح قليل الاهتمام و مهملا.
و بالتالي عاجزا عن تنمية قدراته الفردية. هذا ما أكدته أيضا الدراسات الحديثة التي أوضحت أن اضطراب عسر الانتباه يرتبط بالضعف المعرفي و التأخر الدراسي، فالمتعلم الذي يعاني من هذا الاضطراب لا يفهم إلا 30% من المعلومات الشفهية التي يسمعها، الأمر نفسه يصدق على المعلومات المكتوبة حيث يلاحظ أنه لا يستطيع معالجة كل ما يستقبله من المعلومات المقروءة.(جنان سعيد الرحو 2005 : 133)(2)
- 4 ـ الأسباب
تبنى الباحثون مقاربات نظرية مختلفة توخت وضع فرضيات تفسيرية لتعليل الأسباب الكامنة وراء هذا الاضطراب منها:
ـ الفرضية العصب- بيولوجية: تشير هذه الفرضية إلى وجود استعداد بيولوجي قبلي لهذا الاضطراب حيث أن مجموعة من المشاكل العصبية تمس النسق العصبي المركزي و تولد صعوبات سلوكية (ماسي 1999). إن الإصابات التي يتعرض لها الدماغ في مرحلة الولادة و ما بعد الولادة يمكن أن تفسر بعض الحالات منها:
ـ إصابة دماغية: حسب هذه الفرضية تخفف الإصابة و خاصة في المنطقة الجبهية من المراقبة على السلوك و الانتباه.
ـ تعقيدات أثناء الولادة و هي فرضية تبناها تاوبن (1980) و كذلك باركلي (1997) الذي اعتبر أن 10% إلى 15% من الحالات تمثل إصابة دماغية ناتجة عن تعقيدات الولادة كالتعرض إلى دخان السجائر أو الكحول .
ـ الفرضيات العصب- كيميائية: اعتبرت هذه الفرضية أن وجود خلل في القواعد الكيميائية للناقلات العصبية هو السبب في هذا الاضطراب (موال و كول1977)، حيث اعتبرت أن بعض آليات نقل المعلومة التي تساعد على نقل الإشارات عبر شبكات المخ و قولبة الأفكار تعاني من خلل وظيفي.
يرى العلماء أن اختلال التوازن الكيميائي لهذه الناقلات يؤدي إلى اضطراب آلية الانتباه، فتضعف قدرة الفرد على الانتباه و التركيز و تقوي اندفاعه و نشاطه الحركي (علي سيد أحمد 1999 : 38) (3).
ـ الفرضية الجينية: تؤكد هذه الفرضية على دور الوراثة في نمو هذا الاضطراب، حيث تذهب إلى القول بأن المورثات التي تحملها الخلية التناسلية تقوم بنقل العوامل الوراثية الخاصة بتلف أو ضعف بعض المراكز العصبية المسؤولة عن الانتباه بالمخ، بذلك تنقل هذه المورثات عيوبا تكوينية تسهم في تلف أنسجة المخ و تضعف نموه فيؤثر ذلك سلبا على المراكز العصبية الخاصة بالانتباه (علي سيد أحمد 1999 : 39 -40) (4)
ـ الفرضية البيومحيطية bioenvironnemental : ترجع هذا الاضطراب إلى عوامل التغذية كالملونات و المواد الحافظة و التسمم بالرصاص أو إلى تعرض الأم في فترة الحمل لبعض المؤثرات السلبية منها تعرضها لقدر كبير من الأشعة أو تناولها للمخدرات أو الكحول أو بعض العقاقير الطبية أو إصابتها ببعض الأمراض المعدية أو تعرض الطفل في فترة الولادة لبعض المشاكل كضغط الجفت على رأس الجنين أو إصابة الجنين أو جمجمته أثناء الولادة أو إتلاف الحبل السري أو توقف وصول الأكسجين إلى مخ الجنين أو تعرضه في مرحلة ما بعد الولادة إلى بعض المشاكل كوقوعه على رأسه من أماكن مرتفعة أو حدوث ارتجاج في المخ نتيجة حادث أو الإصابة ببعض الأمراض كالحمى القرمزية التي تؤدي إلى إصابة بعض المراكز العصبية للمخ خاصة المسئولة عن الانتباه و التركيز (5)
بالإضافة إلى هذه الفرضيات نجد بعض الباحثين قد ركزوا على المحيط الأسري للطفل و على طبيعة العلاقة بينه و بين الوالدين. في هذا الإطار يشير باركلي وآخرون (1993) إلى أن أسلوب تعامل الوالدين مع الطفل المبني على الإهمال و الرفض قد يؤدي إلى إصابته باضطراب الانتباه، و هي خلاصة أكدها كابلان و آخرون في إطار دراسة ميدانية انصبت على عينة من الأطفال الذين يعيشون في المؤسسات الخيرية و الذين يعانون من الحرمان العاطفي مقارنة مع عينة من الأطفال الذين لا يعانون من هذا المشكل.
غير أنه ينبغي التأكيد على أن هذه الفرضيات المقدمة لتفسير أسباب هذا الاضطراب رغم اختلافها تجمع على أن الأعراض الناتجة عنه لا يمكن إرجاعها إلى تربية غير سليمة أو توتر نفسي، و إنما هي ناتجة عن خلل في المناطق المسؤولة عن المراقبة و منع السلوكات غير المرغوب فيها و تقدير النتائج المترتبة عنها و الحفاظ على المعلومة في الدماغ، و هي كلها سمات تجعل الفرد غير قادر على حل المشكلات، كما تجعله عاجزا عن التخطيط للمستقبل و فهم تصرفات الآخرين و التحكم في الدوافع.
- 5 ـ سبل التعامل
5 ـ 1ـ معايير التشخيص:
ليس من الضروري أن تتوفر الأعراض الخاصة باضطراب عسر الانتباه كلها في المتعلم لكي نخلص إلى القول إنه يعاني من اضطراب عسر الانتباه، بل إن لكل حالة خصوصيات لا بد من مراعاتها أثناء التشخيص الذي من الضروري الالتزام فيه بمعايير دقيقة حددها الدليل التشخيصي و الإحصائي الثالث الصادر سنة 1980 فيما يلي:
ـ ظهور بعض الأعراض قبل سن السادسة أو السابعة.
ـ استمرارها لأكثر من ستة أشهر.
ـ ملاحظتها في محيطين مختلفين، المدرسة و المنزل مثلا.
بالإضافة إلى هذه المعايير وضعت الأكاديمبة الأمريكية للطب النفسي الخاص بالأطفال و المراهقين المعايير التالية:
ـ يجب أن تعوق الأعراض المتعلم إعاقة حقيقية عن مواصلة حياته في مجالين على الأقل من المجالات التالية:
ـ في الفصل.
ـ في فناء اللعب.
ـ في المنزل.
ـ في البيئات الاجتماعية.
ـ يجب أن تفوق هذه الأعراض مثيلاتها الموجودة لدى أقرانه.
و الجدير بالذكر أن هذه المعايير لا بد من مراعاتها مجتمعة، لأن هناك مواقف كثيرة يمكن أن تؤدي إلى إثارة سلوك مشابه للسلوك المصاحب لاضطراب عسر الانتباه بنمطيه منها:
– حدوث حالة وفاة أو طلاق في العائلة أو فقدان أحد الوالدين لوظيفته أو أي تغير مفاجئ.
– الإصابة بنوبات مرضية غير متوقعة.
– إصابة الأذن بعدوى و التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات مؤقتة في السمع.
– مشاكل في أداء الواجب المدرسي نتيجة مواجهة إحدى صعوبات التعلم.
– القلق أو الاكتئاب.
– عدم كفاية النوم .
– المعاملة السيئة.
وبالتالي تطرح ضرورة استيفاء المعلومات من وضعيات كلينيكية متنوعة و مصادر متعددة حددها كورطيز (2010) في:
– الأسرة.
– الطفل.
– تسجيلات للسلوك في الأوضاع الطبيعية سواء في البيت أو المدرسة.
– معلومات أخرى مستقاة من الدفتر الصحي.
– تقارير عن فحوصات الطبيب المعالج و الطبيب المدرسي.
– استمارات موجهة إلى الوالدين والأطفال و المعلمين.
– الفحص الطبي الذي يمكن من الكشف عن بعض الاضطرابات المصاحبة.
– التقويم العصب نفسي neuropsychologique
كل هذا يؤدي بنا إلى القول إن التعامل مع هذا الاضطراب يجب أن يكون في إطار تقويم تعددي تشاركي (باركلي ومورفي 1998) يشترك فيه عدة متخصصين تجمعهم رؤية موحدة ووسائل تدخل محددة و خطة عمل تجمع مابين البعد الصحي و التربوي، و ذلك لتحديد هذا الاضطراب و ضبط درجته و المشاكل المتعالقة معه و حصر مجمل العوامل المشكلة له سواء النفسية منها أو الاجتماعية أو غيرها و كذا الاضطرابات المترابطة معه.
- 5 ـ 2 ـ أساليب العلاج
إن عسر الانتباه بنمطيه يمس نواحي عديدة من حياة الطفل، لذلك اقترح الباحثون أنواع متعددة من العلاج منها:
ـ العلاج الطبي: تتلخص في استعمال منبهات للنسق العصبي المركزي و التي تتمثل في بعض العقاقير الطبية التي أثبتت فعاليتها في إعادة التوازن الكيميائي للقواعد الكيميائية للمخ خاصة في الناقلات العصبية و نظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ كريتالين و سيليرت وديكسادرين. لوحظ أن استخدام هذه العقاقير الطبية قد أدى إلى تحسين مستوى الانتباه لدى المتعلم،
كما أدى إلى التقليل من شرود الذهن و الاندفاع و العدوانية و النشاط الحركي المفرط، غير أن باركلي (1990) أوضح أن نسبة معينة من الأطفال الذي يرجع اضطراب الانتباه لديهم إلى خلل في المخ لا يستجيبون للعلاج بالعقاقير الطبية لذلك وجب تنويع أساليب العلاج.
ـ العلاج السلوكي: مستمد من نظرية التعلم و يقوم بالأساس على تحديد السلوكات غير المرغوب فيها و تعديلها، و ذلك عن طريق تدريب المتعلم في مواقف تعليمية محددة على القيام بالسلوكات المرغوب فيها . يوظف العلاج السلوكي مبدأ التعزيز الايجابي الفوري الذي يقضي بإثابة المتعلم عند قيامه بسلوك ايجابي بشكل فوري و تجاهل السلوك السلبي.
ما يؤاخذ على هذا العلاج هو صعوبة الحفاظ على المكتسبات، فرغم أنه يشتغل على السلوكات الهدف و المهارات الاجتماعية و الإنجازات المدرسية فإنه لم يثبت فعاليته في تقليص أعراض عسر الانتباه بنمطيه.
ـ العلاج الأسري: إن الهدف الأساس من هذا النوع من العلاج هو تعديل البيئة الأسرية لكي تصبح ملائمة، ذلك لأن المشكلات العائلية و الخلافات الزوجية تشكل عائقا أمام تحقيق الأهداف المرجوة،
لذلك صممت بعض البرامج منها على سبيل المثال برنامج فورهاند و ماكماهون الذي ينطلق من نظرية التعلم الاجتماعي لأجل تدريب الوالدين على طريقة التفاعل الصحيحة مع السلوك المشكل لدى الطفل و تعديله إلى سلوك مقبول اجتماعيا. ما يلاحظ أن هذا العلاج يسعى إلى التعامل مع الطفل في بيئته الطبيعية أي المنزل، غير أن أهم علاج يمكن تقديمه هو العلاج التربوي لكونه يتحكم بدرجة كبيرة في النجاح أو الفشل الدراسي .
ـ العلاج التربوي يقوم على الالتزام ببعض الشروط الضرورية من نحو:
– حسن اختيار المعلم الذي يجب أن يتميز بالصبر و يكون لديه الاستعداد النفسي والبدني للتعامل مع هذه الفئة من المتعلمين.
– أن يتم تدريبه على كيفية التدريس.
– يجب أن يتم تشكيل فريق عمل مكون من المدير و المعلم و الأخصائي النفسي و الأخصائي الطبيب.
– يجب أن يقوم فريق العمل بوضع خطة علاجية شاملة يشترك فيها أعضاء هذا الفريق كل حسب تخصصه، كما يجب أن تكون هناك متابعة كل حسب تخصصه
– يجب أن يكون هناك اتصال بين فريق العمل و أسرة الطفل للحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالتاريخ التطوري لهذا الاضطراب.
كما يقوم على ضرورة إتباع بعض التوجيهات الأساسية منها:
ـ تجنب التعليمات المعقدة و توخي البساطة و الوضوح.
ـ التأكد من أن المتعلم منتبه، و ذلك بأن ننظر إليه مباشرة في عينيه و بأن نطلب منه إعادة ما سبق قوله.
ـ تعليمه التحدث بتمهل، لأن ذلك يساعده على التفكير بتمل و يتيح له التركيز أكثر على محور واحد و محدد.
ـ استعمال بعض التقنيات المعرفية لإثارة القدرة على الانتباه كالتسجيل الذاتي و بعض الإشارات السمعية و التي من شأنها أن تساعد المتعلم على ضبط درجة انتباهه.
ـ المزاوجة بين العمل و التسلية.
ما يمكن استنباطه من خلال هذه التوجيهات هو أن العلاج التربوي يركز بالأساس على آليات اشتغال الانتباه و التركيز. تتأسس هذه الآليات ـ حسب تصور جاكان 2008- 2009 ـ وفق أربع مراحل من السلوك لابد من تدريب المتعلم الذي يعاني من اضطراب عسر الانتباه عليها بشكل منظم حتي يكون قادرا على الالتزام بها، و هي:
– الاستمرار في الجلوس بهدوء لدقائق عدة في وقت محدد.
– النظر إليك و الاستجابة لك عندما تناديه أو تذكر اسمه.
– النظر إلى شيء معين عندما تطلب منه ذلك.
– أداء عمل أو نشاط معين لفترة محددة.
إن الاشتغال على هذه المراحل الأربع من السلوك يقتضي استحضار وسيطين اثنين هما:
– هناك بعض الشروط التي تفيد التركيز و تقويه، من هنا ينبغي معرفة هذه الشروط لكي تتم الاستفادة منها.
– التركيز يتعلم، من هنا دور المدرس الذي ينبغي أن يلجأ إلى وسائل بيداغوجية تمكنه من مساعدة المتعلم على التركيز و هذه مسألة أساسية يمكن أن تؤدي إلى تجاوز هذا النوع من الاضطراب.
إن التركيز ـ كما تشير إلى ذلك جاكان 2008- 2009 ـ يرتبط بالحافز و القرار الشخصي لكن المعلم له نصيبه من المسؤولية، فالديداكتيك الذي يعتمده يمكن أن يساعد على تقوية التركيز عند المتعلم أو على العكس من ذلك يمكن أن يضعفه. في هذا الإطار تشير هازورد (2007 : 35) إلى أن التركيز يرتبط بما ننتظره من المعلم.
و من هنا أهمية الدور الذي يقوم به، و الذي ينبغي أن يركز على جعل المتعلم في وضعية الانتباه و تدريبه على الملاحظة و تطوير روحه النقدية و تفعيل معارفه مع الأخذ بعين الاعتبار إيقاعه البيولوجي، و ذلك بالنظر إلى حاجاته الجسدية و الثقافية و الشعورية و الروحية. في الاتجاه نفسه يعتبر هوار و رومانفيل (2003 : 14) أن الانتباه نشاط تفاعلي يرتبط بالمتعلم (الإرادة ـ الجهد ـ الاستراتيجيات) من جهة و بالمعلم (شد الانتباه إلى المضامين و المناهج) من جهة أخرى كما يرتبط بالمحيط العام(الوقت ـ وتيرة العمل ـ تنوع الدروس)،
ويقترحان إستراتيجية تعتمد على تطوير الميتامعرفة التي تقوم بالأساس على تدريب المتعلم على تحليل و تنظيم كيفيات التعلم التي يلجأ إليها و إغنائها بمقارناتها مع ما لدى زملائه، و ذلك من منطلق اعتبار أن المتعلم لا يمكن أن يبلور قدراته الانتباهية إلا بالوعي بتمثيلاته، بذلك ينبغي للمعلم أن يعمل في إطار هذه الإستراتيجية على ما يلي:
ـ تنمية معارف المتعلم الخاصة والمعارف الميتامعرفية المرتبطة بقدرة الانتباه.
ـ تفعيل استعمال هذه المعارف لدى المتعلم لتطوير قدرته على الانتباه.
ـ تدريب المتعلم على بعض الاستراتيجيات الذهنية كوضع خطة للعرض وبناء صورة ذهنية و إقامة العلاقة بين ما يعرفه و بين ما يسمعه.
خلاصة الأمر ليس هناك وصفة سحرية ينبغي تطبيقها و إنما ينبغي اعتماد مقاربة تعددية تتضافر فيها جميع الجهود، بالإضافة إلى هذا لابد من الإرادة الحسنة و من تقوية معارفنا لكي نتمكن من التعامل مع هذا النوع من الاضطراب عوض اللجوء إلى الأساليب الردعية.
الهوامش
1 ـ ينظر بهذا الخصوص وثيقة الدعم التي قدمتها وزارة التربية ووزارة الصحة و الخدمات الاجتماعية 2003 كيبيك.
2ـ نقلا عن تعوينات 2009.
3ـ ن.م.
4ـ ن.م.
5ـ ن.م.
- المراجع
تعوينات. علي 2009: اضطرابات الانتباه وعلاجها http://taouinet.maktoobblog.com
الدريج. محمد 2009: الفشل الدراسي و أساليب الدعم التربوي. شبكة الصحيفة العربية الالكترونية.
http://arabwebpaper.com/play/php ?catsmktba=2615
العربي. ربيعة. 2009: تعلم القراءة: مقاربة معرفية. مجلة البحث العلمي العدد 51 ص 139 – 159. المعهد الجامعي للبحث العلمي.الرباط .
العربي. ربيعة. 2011: صعوبات التعلم و ظاهرة الفشل الدراسي الموقع الفرعي لربيعة العربي في الحوار المتمدن.
الدخيل. عبد الستار إبراهيم 1993: العلاج السلوكي للطفل أساليبه و نماذج من حالاته عالم المعرفة 180.
على أحمد – فائقة محمد بدر1999: اضطراب الانتباه لدى الأطفال- مكتبة النهضة المصرية.
American Psychiatric Association1996. DSM-IV: manuel diagnostique et statistique des troubles mentaux, Paris, Masson.
Azouvi. P :Neuropsychologie de l attention aspects théoriques évaluation rééducationhttp://www.cofemer.fr/UserFiles/File/113%20Attention.pdf
Barkley, R. A. 1993 : A New Theory of ADHD», ADHD Report, New York, vol. 1, no 5.
Barkley, R. A. 1994: More on the New Theory of ADHD», ADHD Report, New York, vol. 2, n 2.
Barkley, R.A, 1997. ADHD and the nature of self- control, New York, Guilford Press. Barkley R. A 1997 behavioral inhibition sustained attention and executive functions; constructing a unifying theory of ADHD# psychological bulletin 121, 65, 94
Boujon. C 2007 Attention et contrôle de l activité in D Gaonac h Coord psychologie cognitive et bases neurophysiologiques du fonctionnement cognitif. Paris.PUF.
Bradley, C., et M. Brown. 1941. « School Performance of Children Receiving Amphetamine (Benzedrine) Therapy for Children’s Behavior Disorder », American Journal of Orthopsychiatry, vol. 11.
Caddra Trouble du déficit de l’attention avec ou sans hyperactivité (TDAH) Psychiatry 30 : 499- 513.. http://onlinelibrary.wiley.comChilders, A. T. 1997 Hyper-Activity in Children Having Behavior Disorders », American Journal o BARKLEY, R. A. ADHD and the Nature of Self-Control, New York, Guilford Press.
Collège des médecins de Québec et de l ordre des psychologues du Québec 2001 .le trouble de déficit de l attention hyperactivité et l usage des stimulants du système nerveux central lignes directriceshttp://www.cmq.org/fr/Public/Profil/Commun/AProposOrdre/Publications/~/media/142E6602A48B4F568C6E3087BC372AAB.ashx?sc_lang=fr-CA&90911
Cortese, S2010.Démarche pratique pour le diagnostic de TDAHhttp://wwwt.dah-france.fr/-Histoire-du-TDAH-.html
Dunod. disorder: a clinical workbook, 2nd edition, New York, Guilford Press.
Gagné, P.P1996 : Être attentif, ça s’apprend : volet 2 : caractéristiques de l’attention et outils d’intervention . Orthographe Plus, vol. 8, no 2, printemps.
Getin.C 2009 Histoire de TDAH. http://wwwt.dah-france.fr/-Histoire-du-TDAH-.html
Gouvernement de Quebec2000 : Trouble de déficit de l’attention .Agir ensemble pour mieux soutenir les jeunes .Plan d’action Québec
Guay. M.C .Laporte. P 2006 Profile cognitif des jeunes avec un TDAH. Presses de l’université de Québec
Jacquin .P 2008- 2009: comment favoriser la concentration des élèves de cycle 2.mémoire professionnel en vue de l obtention de DPPE. Institution Supérieur de Formation pédagogique.
Jolicoeur, C. 1994. À propos de l’hyperactivité infantile, [en ligne], AEI.CA.
Hazouard.F2007 : le monde de l’éducation 354
Hollingsead .C.C.H 1997 : Difficultés d’apprentissage .revue d’éducation adventiste .n 7.http://circle.adventist.org/files/jae1997fr071304.pdf
Houart.M et Romainville. M 2003: Etre ou ne pas etre dans la lune, telle est l’attention
http://www.comportement.net/pedagogie/pdf/02.PDF
Lépine. P 2011 :Trouble de déficit de l’attention /hyperactivité (TDAH)http://passeportsante.net
Massé, L. 1999 : Le déficit de l’attention/hyperactivité », dans E. Habimana, L. S. Éthier, D. Petot et M. Tousignant. Psychopathologie de l’enfant et de l’adolescent : Approche intégrative, Gaëtan Morin,
Montréal.
Ministre de l’éducation ministre de la sante et des services sociaux2003 TDAH agir ensemble pour mieux soutenir les jeunes. document de soutien q lq formation. Connaissances et interventions. Québec. rédaction Charles Robitaille, psychologue Nadine Vézina,
Moiraud.P 2007 Le monde de l’éducation n 354 dossier apprendre à se concentrer.
Montessori,M1970 :Pédagogie scientifique tome 2 chapitre 6 l attention. éditions ESF
Poissant.H 2006: Métacognition et TDAH Trouble déficitaire de l attention avec hyperactivité N. Chevalier .M/C.Guay A. Achim .P. Lageix &t H. Poissant. Presses de l’université de Quebec
Pouchet. A : Deficits d’attention avec ou sans impulsivité : Syndromes Dysexécutifs.
.http://www.lemosdedys.org/ext/http://ww2.acpoitier.fr/ecoles/IMG/pdf/Deficits_d_attention_conseil_AP_4_.pdf
Rutter.M 1989 : Child psychiatric disorders in ICD-10.J child Psychology and
Towbin,A 1980. Neuropathologic factors Factors in Minimal Brain Dysfunction », dans H. E. Rie et E. D. Rie, Handbook of Minimal Brain Dysfonction : A Critical View, Wiley.
Vincent, A. (2010). Mon cerveau a besoin de lunettes: Vivre avec l hyperactivité. Montréal :Quebecor
Vincent.A 2010. history of deficit of attention disorder
http://www.attentiondeficit-info.com/trouble-deficitaire-attention.htm