منبرُنا

الطبقية والاستلاب .. ماركس للجميع

ماركس مفكر اقتصادي وفيلسوف اجتماعي، محلل وناقد للعالَم الرأسمالي نهاية القرن التاسع عشر، عَرض على العالم نظرة جديدة/قديمة للحياة الاجتماعية والاقتصادية، وكنتيجة: تغيير الحُكم السياسي.

فلسفياً، تأثر ماركس بـ هيجل، حيث أخذ منه ”منطق“ التاريخ ومجراه، وتعلم منه أن هناك مساراً محدداً لكل حقبة، وما يبلور هذا المسار هو السببية والبحث الدائم على المثالية.

أما اقتصاديا، فقد كانت سنواته التي قضاها بفرنسا وتأثره بـ بابوف هي الشعلة لنضج فكرته التي ستُسمى لاحقاً بالماركسية.

وعكس هيجل، لم يكن يعتقد ماركس بأن الروحانية هي التي تقود الى المثالية، بل إن الرغبة المادية هي التي تحرّك المسار، وما يغيّر التاريخ هو: الصراعُ الطّبقيّ.

فقد لخّصها في قوله ”تاريخ الإنسانية هو صراع الطبقات.“

إذا تناولنا التاريخ الإنساني، فسنجده يعجّ بالصراعات، إذن، من الصعب أن نجد تعريفاً مُلخّصاً أحسن من تعريفه، لأن الصراعات مصدر التنافسات والمسابقات، وهي المادة التي تحرّك الحضارات، وتستفز العقل البشري للتطوّر في شتى المجالات.

وكما يشير هيجل: ”يتطوّر الوعي عند اصطدامه المتكرر بالنقيض.“

فانطلاقاً من فكرة أن ”الصراع مُحرّك التاريخ“، يجد أن الصراع في ذاته أمرٌ إيجابي، لأنه يدفع لتجاوز الذات في كلّ مرّة، ”من يريد السّلام عليه أن يتهيأ للحرب.“

للوصول الى السلام علينا تخطي الحرب، وللوصول الحقيقة، علينا مواجهة الكذب، وكل هذا يعتمد على الآخر، فالآخر يدفعنا لردّة الفعل المتكررة.

الصراع الطبقي هو صراع اقتصادي، ومن يطبق هذه المسرحية هم المُلّاك والعُمّال، الفاعل والمفعول به، المُسيطِر والمُسَيطَر.

نتائج هذا الصراع، هو الذي سيرينا ما سيصبح عليه العالم غداً.

بالنسبة لماركس، لا يوجد شيء ما ورائي قد يغير المفاهيم، ومن هذا المنطلق، لن تكون هناك نتائج الا من عمل الوعي الإنساني المبني على الصراعات المادية.

فقد أخذ ماركس بمبدأ السببية الهيجيلية ”المثالية“، التي تقول ”العقل من يسيّر المادة” وحوّرها أو ”طوّرها“ الى رغبة في الاستلاب المادي ”المادة من تسيّر العقل.“

يقول :”ليس الوعي من يمثّل الإنسان، إنّما الظروفُ المادية من تصنع ما يُمثّله.“

اختلاف الفكر والعادات والرغبات، يعود لاختلاف الظروف الاقتصادية، ومن هذا المنطلق يبدأ الصراع الطبقي مع الفاعل، في أيّة منطقة من المعمورة، لذلك تفشّت الماركسية بشكل واسع، لأنها ايديولوجية شمولية تلامس كل ”مُحتاج“.

 

المقال الـ136 للكاتب عماد الدين زناف.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى