دول الخليج تواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها
حملت تحذيرات معهد التمويل الدولي من إمكانية تضرر اقتصادات دول الخليج العربي هذا العام بسبب أزمة كورونا وما تبعها من تداعيات، في طياتها مخاوف من تعثر حكومات المنطقة في القيام بتنفيذ إصلاحاتها المنتظرة.
ويتوقع خبراء المعهد في تقرير نشر الثلاثاء، انكماش اقتصادات دول الخليج فيما تبقى من العام بنحو 4.4 في المئة، على أن تعود إلى النمو في العام المقبل.
وبحسب توقعات المعهد، فإن إجمالي الناتج المحلي لقطاع النفط سينكمش بنحو 5.3 في المئة نتيجة قرار تحالف أوبك+ بخفض إنتاج النفط، بينما سينكمش الاقتصاد غير النفطي بمعدل 3.8 في المئة نتيجة الإغلاق.
وقال جاربيس إيراديان وصامويل لاروسا المحللان في المعهد إن حدة الانكماش هذا العام هي الأسوأ لدول الخليج، وأن التعافي المتوقع للعام المقبل “يخضع لدرجة عالية من الغموض”.
وأشار المحللان إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي الست ستسجل أسوأ ركود اقتصادي في تاريخها خلال العام الحالي بسبب جائحة فايروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تتأثر قدرة حكومات المنطقة على استيعاب ارتدادات صدمة تراجع الإيرادات الحادة من النفط والغاز والسياحة والاستثمار بشكل متفاوت رغم ملاءتها المالية الجيدة على المدى المتوسط.
ولا يمكن تدارك هذه الارتدادات إذا لم تتضاعف فعليا وتيرة تنويع اقتصادات الخليج مع ضرورة تقليص الإنفاق الحكومي الضخم والاستغناء تدريجيا عن الاعتماد على منظومة العمل التقليدية.
ووفق التقديرات، فإن المنطقة التي سجلت فائضا في ميزانياتها خلال العام الماضي قدره 88 مليار دولار، قد تسجل عجزا قدره 33 مليار دولار خلال العام الحالي.
كما أن معدل العجز المالي المتوقع سيرتفع إلى 10.3 في المئة بنهاية هذا العام قياسا بنحو 2.5 في المئة العام الماضي، بما يعادل 144 مليار دولار.
كما يتوقع تراجع احتياطي النقد الأجنبي المجمع لدول الخليج بمقدار 133 مليار دولار بنهاية هذا العام ليصل إجمالي قيمة الأصول الأجنبية إلى 2.6 تريليون دولار.
وأشار تقرير المعهد إلى أنه في حين يمكن أن تعتمد البحرين على المساعدات الخارجية من دول الجوار لمواجهة الضغوط الخارجية، فإن سلطنة عمان تظهر كنقطة شديدة الضعف في المنطقة في ضوء تزايد دَيْنها العام.
وكانت تداعيات الوباء في دول الخليج أكبر بكثير من مجرد إلحاق الضرر بقاعدة الإيرادات والدخول الشهرية للأسر. وقد دفعت هذه الانعكاسات إلى اعتماد خطط تغيير هيكلية هائلة بطرق لم تأخذها خطط التنويع الاقتصادي في الحسبان.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت دول الخليج يمكن أن تواصل مستقبلا التركيز على المشاريع العملاقة التي تلفت الانتباه مثل مشروع نيوم السعودي، وهي المدينة المستقبلية التي تقدر قيمتها بنحو 500 مليار دولار على البحر الأحمر.
ولكن من المؤكد أنه في أعقاب هذا الوباء، ستضطر دول الخليج إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وسيكون الرهان مستقبلا على الشفافية لتطويق الأزمات.