البحث العلميتربية وتعليم

التعليم العالي والبحث العلمي في المغرب .. أرقام مخيفة

أدى سوء التدبير وافتقاد النفس الاستراتيجي في السياسات العمومية المتبعة في المغرب بخصوص تأهيل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في السنوات الأخيرة، إلى التأثير سلبا على القطاع، فالأصل أن أي فلسفة لإصلاحه، مفروض عليها أن تتأسس على ربطه بمجالات المنظومة الشاملة، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.


ولأنها مجالات متسمة بتحولاتها العميقة ووتيرتها المتسارعة ، فهذا يفرض على كل خطة لإصلاح قطاع التعليم العالي، أن تكون خطة ذات رؤية متجددة تتجاوز عوائق المنطق التقليدي وتتوسل بآليات مغايرة ومبدعة لتطوير المنظومة التربوية.


ونظرا لغياب هذه الرؤية، وهذه الفلسفة، عن خطط الإصلاح التي توجهت بها الحكومة من أجل تأهيل هذا القطاع، فقد أصبح وأكثر من أي وقت مضى، يعاني العديد من الإشكالات سواء على مستوى البرامج الجامعية والتأطير البيداغوجي أو على مستوى التدبير المالي وتقوية التجهيزات والبنيات التحتية.


فالواقع يؤكد أن المغرب لم يستطع مسايرة التجارب الدولية في مجال التعليم العالي إذ سجل في ما يخص التسجيل في التعليم العالي نسبة 13 %، وهي نسبة متواضعة مقارنة مع النسبة المتوسطة المحددة في 32,1 % ومقارنة مع دول مماثلة أو قريبة مثل تركيا (46 %) والأردن (38 %)، وهو لحد اليوم مجال يطغى عليه التكوين النظري على حساب التكوينات التطبيقية والتوجيهية.


كما يكشف أن تمويل الدولة للبحث العلمي، هو تمويل ضعيف جدا، إذ لم تصل النسبة المخصصة له إلى حدود اليوم 1,25 % من الناتج الداخلي الخام وظلت محصورة في أحسن الحالات في 0,8 %، مما يحد من تأثير البحث العلمي الوطني في المنظومة البحثية الدولية إذ لا يشكل سوى 0,8 % من الإنتاج العلمي العالمي.


هذا الواقع تزكيه أكثر، الدينامية الجامعية المحدودة جدا داخل فضاءات الشغل، والتي تبرز المعطيات الرقمية المتعلقة بمجال التعليم العالي، وجود فارق كبير يقدر بحوالي 42 % بين أعداد الخريجين الجامعيين وأعداد الأطر الحاصلة على مناصب للشغل .


ولا حل لتجاوز هذا الواقع، غير إقرار تصور متماسك ومنسجم لمعالجة إشكالات التعليم العالي و على كل المستويات المرتبطة به، و من أجل هذا فإن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يرى أن المدخل لنجاح أي خطة لإصلاح هذا القطاع، هوي إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للتعليم العالي، وخاصة القانون 00/01 والنظام الأساسي للأساتذة الباحثين.


و بطبيعة الحال في إطار منظور متقدم للحكامة الجامعية يتجاوز التدبير اليومي الظرفي نحو تدبير مهيكل منبثق من المشروع المجتمعي التشاركي وقائم على النجاعة والفاعلية وضمان شروط الجودة والإنصاف واقتصاد المعرفة، بغية معالجة مشاكل التدريس والتأطير والبحث العلمي من جهة وتحفيز الأطر الجامعية من جهة أخرى .


جريدة الاتحاد الاشتراكي – عدد 7 نوفمبر

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى