التعليم المغربي يُضيع الكثير من المال لإنتاج «خردة»
جودة التربية والتكوين في المغرب في ظل دستور 2011.. عشر سنوات من التردد
خلُص تقرير أعده الخبير التربوي عبد الناصر ناجي، رئيس “الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم-أماكن”، إلى أن نتائج الامتحانات وحدها لا تكفي لتقييم أداء التلاميذ، بل لا بد من إجراء استطلاعات محددة بناء على اختبارات موحدة تهدف إلى تقييم نتائج التعلمات، خاصة في نهاية التعليم الإلزامي.
وقال التقرير المعنون بـ”جودة التربية والتكوين في المغرب في ظل دستور 2011.. عشر سنوات من التردد”، إن الدراسات التقييمية الدولية يمكن أن تكون فرصة جيدة لتحقيق هذا الهدف، مع توفير عناصر المقارنة مع الدول الأخرى التي يمكن للمرء أن يستثمرها لتحديد أفضل الممارسات”.
وسجل معدل التكرار خلال الفترة ما بين 2011 و2020 ارتفاعاً كبيراً في التعليم الإعدادي؛ إذ انتقل من 16.7 في المئة في الموسم الدراسي 2011، إلى 22.9 في المئة في الموسم 2018-2019، قبل أن ينخفض إلى 20.7 في المئة في الموسم الدراسي الماضي.
ويخفي التكرار المسجّل واقعاً أمرّ بكثير، يتمثل في التعامل معه بمنطق تدبير التدفقات بين مختلف أسلاك التعليم دون أن يكون الهاجس الأساس هو تحسين جودة التعلمات، بحسب التقرير الذي اعتبر أن هذا التعاطي ينذر بما هو أسوأ.
وإذا كان التكرار في التعليم الابتدائي قد شهد تراجعاً خلال العشرية الأخيرة، بانخفاضه من 17.1 في المئة في الموسم الدراسي 2011-2012، إلى 10.8 في المئة خلال الموسم الدراسي 2019-2020، فإن تقرير جمعية “أماكن” يرى أن “غالبية كبيرة من التلامذة الذين ينتقلون إلى التعليم الإعدادي كل عام لا يستحقون النجاح إذا اعتمدنا فقط المعدلات التي حصلوا عليها في الامتحان الإقليمي”.
وفسّر التقرير انسيابية انتقال التلاميذ من التعليم الابتدائي إلى التعليم الإعدادي بـ”النقط المتضخمة للغاية للتقييم المستمر والامتحان المحلي التي تؤدي إلى انخفاض معدل التكرار في المدرسة الابتدائية إلى المستوى اللاحق، وإلا فإن المعدل الحقيقي لمن يستحق التكرار أعلى بكثير”.
وقال إن نظام التعليم المغربي يحتوي على مردودية داخلية وخارجية منخفضة للغاية، مما يجعلها مثل مصنع أشباح كبير يضيع الكثير من المال في إنتاج الخردة، وإعادة المنتجات غير الصالحة إلى دورة الإنتاج دون أن تصبح بالضرورة مطابقة لمواصفات المناهج الدراسية.
لذلك وبدلاً من إعادة النظر في مجانية التعليم أو الترويج للتعليم الخاص على حساب التعليم العمومي، سيكون من الحكمة العمل على تحويل تكاليف عدم الجودة التي تفوق أكثر من 20 مليار درهم سنوياً إلى مصدر لتمويل التعليم العمومي.
وأبرز أن الموارد البشرية تشكل نقطة ضعف أساسية لمنظومة التربية والتكوين في المغرب، فشلت العديد من الإصلاحات إما لعدم انخراط الطاقات البشرية أو عدم تأهيلها، يضاف إلى شر آخر عبارة عن الدعم التربوي مدفوع الأجر والتي يفرضها بعض المدرسين تحت طائلة العقوبات المفروضة على التلامذة الذين يجرؤون على الرفض.
“النظام التعليمي المغربي يدبر بشكل سيئ لسببين رئيسيين على الأقل، أولهما أن وزارة التربية الوطنية لا تتوفر على رؤية واضحة ومشتركة بشأن السياسة التعليمية التي يجب اعتمادها على المدى الطويل، أما الثاني فيتعلق بفشلها في تنفيذ مبادئ الحكامة الجيدة التي تدعي تبنيها”.
ولم تتمكن الوزارة من التدبير الفعال لمرحلة حاسمة من الإصلاح التربوي وهي تصميم المنهاج الدراسي الموحد المبني على إطار مرجعي وطني واضح، حيث يعود تطوير البرامج الدراسية بشكل شامل إلى أزيد من عشرين سنة وتتم مراجعتها بين الحين والآخر وفق أجندات ظرفية دون نهج مشترك.
وأشار التقرير إلى أن مستوى التحصيل الدراسي للتلامذة سيستمر متدنياً حتى يتم حل مشكلة اللغة، طيلة أكثر من عشرين عاماً من سياسة التعريب التي توقفت عند بوابة التعليم العالي لتترك الطلاب لمصيرهم، ولو يجرؤ أحد على اتخاذ قرار جريء يحل مسألة لغة التدريس.
وأوصى بإشراك جميع الأطراف المعنية في تطوير استراتيجية الوزارة والتنسيق مع مختلف الشركاء لبلورة السياسات العمومية التربية والخطط الاستراتيجية الناتجة عنها، مع تطوير وتنفيذ خطة استراتيجية للتواصل حول الإصلاح بناء على نظام تواصل من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل، قادر على توعية الأطراف المعنية، بالإضافة إلى إنشاء صيرورة للتعامل بسرعة وفعالية مع شكاوى الأطراف المعنية، بناء على طرق حل المشكلات التي تضمن التحسين المستمر للسياسات والممارسات.
الرباط ـ «القدس العربي».