5 – المنهج البنيوي
أ – الشكلانيون الروس :
قام إثنان من تلامذة العالِـم اللغوي السويسري “دوسوسير” بطبع محاضراته ” محاضرات في علم اللغة العام ” لأنه لم يطل به العمر ليقوم هو نفسه بذلك , وكان هذان الطالبان عضوي جماعة تسمى فيما بعد: “جماعة الشكلانيين الروس”.
وكان دوسوسير يحمل مشروعا كبيرا يبغي من ورائه إخضاع اللغة إلى منطق علمي واضح , بمعنى أنه لم يفكر أبدا في النقد الأدبي, بل كان طموحُه وضع قوانين ثابتة للغة , معتمدا على سلسلة من الثنائيات أهمها :
· ثنائية اللغة والكلام .
· ثنائية المحور التوقيتي الثابت والزمني المتطور .
· ثنائية النموذج القياسي والسياقي .
· ثنائية الصوت والمعنى .
لقد كان من سوء حظ الشكلانيين الروس أن مجهوداتهم الكبيرة صادفت الثورة البولشيفية في روسيا , والتي جاءت بمشروع إيديولوجي يمس كل مناحي الحياة , حتى الثقافية منها. ومن هنا وقع كبت لهذه الحركة لأنها ستجعل المعالجة الإيديولوجية للنص غير ممكنة.
وكان التحليل الماركسي ذو البعد الاجتماعي هو السائد . كما كان مفهوم الانعكاس هو المعتمد في النقد الأدبي (انعكاس قضايا المجتمع في النص الأدبي). وكان التركيز على المضمون (المدلول) والبعد الإيديولوجي هو المقياس الصارم والوحيد .
ومن ثم فإن الشكلانيين الروس دفعوا إلى مراجعة أفكارهم وتقويم ” النقد الذاتي ” وإدخال الجانب الاجتماعي في أعمالهم .
أهم أعلام الشكلانية الروسية هم: شلوفسكي – ايخنباوم – توماتشيفسكي تيتيانوف – بروب – يلكبسون – باختين، أما أهم مبادئهم فترتكز على عدم التفريق بين الشكل والمضمون , وهذا الشكل الذي يمتد في الآثار الأدبية يجب أن يتم الإحساس به ” كشكل ديناميكي ” دائم التحرك ودائم التغير.
لهذا وقع الاهتمام ” بداخلية الأدب ” دون الالتفات إلى المقومات الخارجية , بل تشدد هؤلاء الشكلانيون حتى أنهم نفوْعن النص أي علاقة بظواهر غير نصية كيفما كانت , وهذا هو جوهر الاختلاف مع البنيوية التي ستنشأ في ما بعد .
وإذا كانت جماعة الشكلانيين قد ماتت بسبب العوامل التي ذكرناها , فإنها قد انبعثت فيما سمي ” حلقة براغ ” التي تأسست بمشاركة بعض الشكلانيين الروس في لاهاي عام 1928 وأصدرت ” النصوص الأساسية لحلقة براغ ” وكان المحرك الأساس لهذه الحلقة هو ” ياكبسون “.