الدراسات اللغوية

“اللَّكنات” في عِلم اللغويات الاجتماعية

“اللُكْنَة “؛ في علم اللغويات الاجتماعية، هي الطريقة التي ينطق بها إنسان أو منطقة أو أمة معينة. يمكن تحديد اللكنة عن طريق موطن متحدّثيها أو وضعهم الاجتماعي الاقتصادي، أو عرقهم أو طائفتهم أو طبقتهم الاجتماعية أو تأثير اللغة الأم.


تختلف اللكنات إجمالاً في جودة الصوت والنطق والتفريق بين الصوائت (حروف العلة (الصوتية)) والصوامت (الحروف الصامتة) والتشديد ونظم الشعر، رغم أن النحو والمعاني والمفردات وغيرها من خصائص اللغة تختلف في بعض الأحيان بالتزامن مع اللكنة. وقد تعود كلمة «لكنة» بالتحديد للفروق النطقية، في حين أن كلمة «لهجة» تشمل فروق لغوية أوسع، وتعتبر «اللكنة» فرعاً من «اللهجة».


مع توزع البشر إلى مجتمعات متفرقة، تنشأ مواطن التشديد وخواص النطق، ومع الوقت قد تتطور هذه الخواص إلى لكنات مميزة. في شمال أمريكا، تفاعل البشر من عدة خلفيات عرقية مع بعضهم البعض ساهم في تشكّل لكنات أمريكا الشمالية المتنوعة.


ومن الصعب قياس أو توقع الفترة التي تحتاجها لكنة ما لتتشكل، ومثال ذلك أن اللكنات في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا تطورت بفعل امتزاج لكنات ولغات مختلفة من مجتمعات متعددة وتأثير ذلك في اختلاف النطق بين المستوطنين البريطانيين.


وفي عدة حالات، أثّرت لكنات المستوطنين غير الإنجليز من الجزر البريطانية في لكنات عدة مستعمرات بشكل مختلف، فقد كان للمهاجرين الإيرلنديين والإسكوتلنديين والويلزيين لكنات أثرت بشكل كبير جدا في نطق الصوائت (حروف العلة (الصوتية)) في مناطق معينة من أستراليا وكندا.


يستطيع الأطفال اكتساب اللكنات بصورة أسرع من غيرهم، ومثال ذلك أن لدى أطفال العائلات المهاجرة نطقا أكثر قربا للنطق الأصلي من آبائهم رغم أن الأطفال وآباءهم قد يكون لديهم لكنة غير أصلية بشكل واضح.


ولكن نجد أن هناك اختلافاً بشكل عام حيث أن لكنة الآباء تتأثر أكثر بالنظام الصوتي للغتهم الأم، بينما يميل الأطفال أكثر إلى تطبيق النطق الصحيح بشكل مبالغ فيه وذلك نتيجة حاجتهم لتصحيح الأخطاء التي يرتكبها آباؤهم في التحدث بطلاقة. ويبدو أن اللكنات تبقى مرنة إلى أن يبلغ المرء بداية العشرينات من عمره فتصبح لكنته بعدها أكثر ثباتا.


وكما هو الحال في جميع اللكنات، فإنها لا تثبت حتى في سن الرشد، وفي تحليل صوتي قام به جوناثان هارينجتون لرسائل عيد الميلاد الملكية للملكة إليزابيث الثانية، أوضح أن أنماط التحدث تستمر في التغير خلال حياة الإنسان حتى وإن كان شخصية متحفظة جدا كالملكة.


أهم عامل لتوقع المستوى الذي تصل إليه اللكنة حتى تصبح معروفة (أو قوية) هو السن الذي تم فيه تعلّم اللغة غير الأصلية، فتقول نظرية الفترة الحرجة أنه إذا تم التعلّم بعد الفترة الحرجة (عادة ما تكون في سن البلوغ) لاكتساب النطق الأقرب للأصل، تضعف إمكانية اكتساب لكنة قريبة للأصل، ولكنها نظرية يختلف عليها الباحثون.


رغم أن الكثير منهم يأيدون الفترة الحرجة بشكل ما، إلا أنهم يضعونها قبل سن البلوغ أو يعتبرونها تميل أكثر لأن تكون «نافذة» حرجة قد تختلف من شخص لآخر وتعتمد على عوامل أخرى غير السن كفترة الإقامة والتشابه بين اللغة غير الأصلية والأصلية ومدى استخدام اللغتين.


وبالرغم من ذلك، حين ينتقل الأطفال في سن السادسة إلى بلاد أخرى فإنهم يتحدثون غالبا بلكنة غير أصلية بشكل واضح كالبالغين. وهناك أيضا حالات نادرة للأشخاص القادرين على الظهور بمظهر المتحدثين الأصليين حتى وإن تعلموا اللغة غير الأصلية وهم في بداية سن البلوغ.

غير أن المعوقات العصبية المرتبطة بنمو العقل تحدّ من قدرة معظم المتحدثين غير الأصليين ليبدو وكأنهم متحدثون أصليون. ويتفق معظم الباحثين على أن اكتساب لكنة أقرب للأصل في لغة غير أصلية أمر شبه مستحيل بالنسبة للبالغين.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى