الدراسات الأدبية

نظرات حول منهج البنيوية التكوينية

 

تأسست البنيوية التكوينية كمنهج نقدي ماركسي يستهدف تفسير كل إنتاج إنساني، في إعتماد على تحليل البنيات على يد الناقد الفرنسي الروماني الأصل لوسيان غولدمان 1970/1913 وفق تصور فكري وفلسفي يؤمن بوجود تأثير للمعطيات الإجتماعية في الواقع على الإنتاج الأدبي ومن ضمنه جنس الرواية التي إهتم بها في هذا الإطار النظري ليس فقط هذا الناقد الذي نحن بصدده بل وأستاذه لوكاش أيضاً الذي ساهم في تشكيل رؤية العالم بعد دراساته المتعددة للواقعية وخصوصا فيما يتعلق بأعمال والتر سكوت وربط رؤيته الفكرية بتصور عن التاريخ بدأ يتشكل في أوروبا تحت تأثير فلسفة هيغل، وكذا تنبيهه إلى ضرورة إحتياط الناقد من الوقوع في الخطأ الفادح الذي ينشأ عن النظرة الميكانيكية في تفسير أعمال الروائيين، اعتماداً على انتماأتهم الإجتماعية، يقول في معرض حديثه عن الروائي الفرنسي بلزاك.

إن عظمة بلزاك تكمن بالتحديد في هذا النقد الذاتي الذي يواجه به مفاهيمه الخاصة بدون تساهل ، هو نقد لمتمنياته الغالية، ولمعتقداته الراسخة والعميقة، كل ذلك بواسطة هذا الوصف الدقيق للواقع الذي كان يتم لديه بنوع من الصرامة.1

وهذا القول يعبر عن نفسه بجلاء، فهو يرى أن المبدع قد يخالف الإيديولوجيا التي تشكل له خلفية فكرية، للتعبير لا شعوريا عن أحاسيس وتطلعات الطبقة المسحوقة والمغبونة التي تعيش على الهامش تحت وطأة الجفاء والنسيان.

  • 1/سيرة لوسيان غولدمان:

هو روماني الأصل ولد في بوخارست عام 1913، وبدأ حياته قانونيا إذ حصل على إجازة الحقوق من جامعة بوخارست، ثم درس الفلسفة في فينا بعد ذلك لمدة عام. ثم سافر إلى باريس عام 1934 وواصل دراساته العليا في القانون والإقتصاد السياسي. وحصل بعد ذلك على إجازة في الآداب من السوربون، ثم على الدكتوراه في الآداب عام 1956، وعمل باحثا بالمركز القومي للبحث العلمي في باريس، ومديراً لمركز بحوث علم الإجتماع الأدبي، التابع لمعهد علم الإجتماع بالجامعة في بروكسيل.2

  • 2/تعريف البنية والتكوين لغة وإصطلاحاً:

توحي دلالة التكوين لغوياً في المعاجم على الخَلق والهيئة والتركيب والتعليم، تقول جميل التكوين: أي جميل الصورة والهيئة3 وكوّن الشيء: أحدثه وركبه.4 والتكوين: التدريب والتربية والتعليم.5
البَنِيَّةُ : كلُّ ما يُبْنَى، والجمع : بِنِّى . و البنْيَةُ هيئة البناء ، ومنه بِنْية الكلمة : أي صيغتها ، وفلان صحيح البِنْيَة .6
والبنية عند غولدمان مستمدة من تصور بياجي الذي يراها تقوم عند اجتماع مجموعة من العناصر في كل موحد من سماته الشمول والتحول والتنظيم الذاتي، لكن غولدمان ينزاح بالتصور الأساسي الذي يرى البنية مظهراً شكلياً ويؤطرها ضمن مفهوم الوظيفة والدينامية

أما دلالة التكوين من المنظور غولدمان فلا تشي في عمقها بأي معنى من معاني النشأة بل تفيد الدلالة الإجتماعية والتوليد بمعنى توليد الرموز المرجعية

والبنيوية التكوينية: هي منهج يستهدف ـ تفسيرـ كل إنتاج إنساني، في إعتماد على تحليل البنيات وهو منهج ماركسي ساهم في إرساء دعائمه لوكاش وغولدمان، وتتوخى بلوغ الجماعات ، لفاعليتها الحقيقية في الإبداع والنقد .7

  • 3/مفاهيم أساسية عند لوسيان غولدمان

/*البنية الدلالية: وتفترض علاقة العناصر ببعضها البعض مع وجود وظيفة لهذه العلاقة، ويذكر سعيد علوش أن غولدمان -يرى كل حدث /إنساني بما في ذلك الأدبي يدخل في عدد من البنيات الدالة الشاملة، حيث يسمح توضيحها، بمعرفة الطبيعة والدلالة الموضوعية.8

هذه البنية كما يتضح من هذه الآراء ليست مغلقة وإنما تتميز بالحيوية والتكوين.

رؤية العالم: وهي تدل في نفس المعجم على الإستكمال المفهومي الذي يحصل على إنسجام النزَاعات الواقعية/العاطفية/الثقافية لأعضاء طبقة إجتماعية.9

فالطبقة الإجتماعية هي التي تشكل هذا النسق الفكري موضوعياً والمبدع يعمل على إيضاحه في قالب فني، أي أن الرؤية موجودة قبل تحقق الإبداع وبعده

وهذا الأمر يطرح تساؤلاً لماذا لا يكون الفرد بتعبير آخر المبدع هو صاحب هذه الرؤية؟ يجيب غولدمان قائلاً الرؤية للعالم وقائع إجتماعية ملتحمة إلا أن فكر الأشخاص قلما يكون ملتحما وموحداً وتفكيرهم وطريقة إحساسهم يخضعان لتأثيرات لا حصر لها.10 ويقترح لها تعريفاً دقيقا مفاده أنها كيان ميتافيزيقي ومجرد أبداً، ونسق من التفكير يفرض نفسه، وفي بعض الشروط، على زمرة من الناس توجد في أوضاع اقتصادية واجتماعية متشابهة، أي على بعض الطبقات الإجتماعية.11 ومن المفيد منهجياً أن نحدد حدود هذه الرؤية ونلحقها بالوعي الذي تدخل ضمنه، ويظهر لنا بعد البحث أنها مرتبطة بالوعي الممكن الذي هو موضوع الدراسة الأدبية ودليل ذلك ما أورده زيما: إن رؤية العالم كما عرفها غولدمان، ليست واقعة أو حدثا إمبريقيا. وهي لا تتبع عالم التجارب اليومية التي تتصف بالسلالم القيمية المستقرة إلى حد ما… وهي لا تعبر عن الوعي الإمبريقي الواقعي لأعضاء الجماعة ولكن الوعي المثالي، أقصى الوعي الممكن، فنحن بصدد وعي ممكن لأننا نجده باطنا في العمل حيث يحلله ويعيد بناءه عالم اجتماع الأدب.12

*/القيمة: وتتضح في مدى تعبير الأدب عن رؤية مضبوطة للعالم وهذه القيمة تكتسي طابعاً فلسفياً خارجيا يشكل الواقع الذي تحيل عليه دلالات مضمونية عميقة للنص. فالقيم الفكرية لا تنفصل عن واقعها الإجتماعي والإقتصادي الذي أنتجها.

*/النتاج: هو حالة وجدانية وفكرية تأخذ سماتها من العلاقة بين الذات والموضوع، الفرد والمجتمع وذلك عبر بنية عميقة تشكل أساساً يحيل على بنية ذهنية في الواقع.
التماثل: وهو من منظور زيما العلاقة البنيوية بين الكليات الدلالية. والمقصود هو وضع ربط لكلية الأفكار والمواقف لجماعة معينة ورؤية العالم الجماعية بشبه كلية النص التي تحكمها حسب رأي غولدمان، البنية الدلالية.13

*تمييزه بين الوعي القائم والوعي الممكن:

فالوعي الأول هو تصور جماعة عن حياتها ونشاطها الإجتماعي سواء في علاقتها مع الطبيعة أم في علاقتها مع الجماعات الأخرى.

أما الوعي الممكن فيجسد الطموحات الكبرى التي تهدف إليها الجماعة وهو المحرك الفعال لفكرها ويعطيها صورة حيوية في الحاضر والمستقبل وهو وعي في متناول ذوي الثقافة العالية، والأدب…14

ولذلك كان هو المحور والمُركز عليه، يذكر أرون وفيالا مؤلفا كتاب سوسيولوجيا الأدب أن غولدمان يرى أن القيم الروحية للنفس البشرية تعبر عن نفسها بأشكال وبنى جمالية عديدة، إن نظرة إلى العالم تتكون فيها هذه النظرة لا تعبر عن أفكار أو رغبات مجموعة أو فرد، بل عن وعي ممكن لديهما، أي وعي حقيقة العلاقات الاجتماعية لا إنعكاسها الذي تشوهه الإيديولوجيا. 15

ومن هذه الزاوية التي تسهم في تشكيل رؤية متكاملة ندرك حجم تأثر التلميذ بأفكار أستاذه، فالإبداع وما ينطوي عليه أهم من الرؤى والخلفيات.

  • 4/خطوات التحليل الأدبي في البنيوية التكوينية:

أول خطوة في التحليل تبتدأ بإكتشاف البنية الدالة والعميقة للنص، يقول حميد الحميداني في هذا الصدد -إن التحليل ينبغي أن يتوجه إلى بنية العمل الداخلية، ويطلق على هذه المرحلة مرحلة الفهم.
بما يستدعيها من تفكيك للعمل وإعادة صياغته وتحليل البنية هنا لا تشكل أي إجراء شكلاني، صحيح أنه محايث لكن هدفه إستخلاص الأساس الدلالي العميق.

الخطوة الثانية: ـربط البنية الدالة وبين إحدى البنيات الفكرية المتصارعة في الواقع، وهذا هو مستوى التكوين أو مرحلة التفسير، وتعنى بالإنتقال إلى مستوى جماعي موسع يكشف عن دلالة حضور فكر ما في الأثر.16

وما تدل عليه كلتا المرحلين هو العلاقة بين البِنى المحيطة بالظاهرة الإبداعية وهي البنية الثقافية والفكرية، البنية الإجتماعية والتاريخية، والبنية النصية.

كما اتضح سابقا فهذا المنهج ينطلق من نظرية تستمد مشروعيتها من العالم الخارجي ومضامينه الاجتماعية والاقتصادية وحتى لا يُصْدر حكم تعميمي يتوخى غولدمان أن يجعل التأثير حسب الوقائع أي أن دلالة التأثير مرتهنة بحضورها أولاً يقول. إن تأكيد تأثير العوامل الإقتصادية والإجتماعية على الإبداع الأدبي، ليس عقيدة، وإنما هي فرضية تكتسب صلاحيتها فقط بمقدار ما تؤيدها الوقائع.17 فالنظرية المتبناة هي النظرية الماركسية، التي لها أصول جمالية تمتد إلى فلسفة التاريخ عند هيغل الذي يعتقد بأن العقل هو جوهر التاريخ والشخصيات مجرد أدوات يستعين بها لتحقيق قصد كلي وهو ما دعاه بخبث العقل الكلي، وقد تناول لوكاش بعض المفاهيم الأساسية من الفكر الهيجلي والفكر الماركسي المتأثر به ليصوغ منهجاً كلياً لدراسة الأدب على ضوء التاريخ والمجتمع وقدم بهذا الخصوص دراسات عن الواقعية خلص فيها في نظر زيما إلى إيثار الواقعية النقدية على الواقعية الطبيعية فقط لأن الأولى تتوخى جعل الوصف والسرد يسيران في منحى واحد كما تسعى إلى الإتساق وهذا نابع كما أشرنا من الفكر الجدلي الذي يؤمن بالكلية، أي كلية العالم وإتساقه، لأن كل ما هو عقلي هو واقعي وكل ما هو واقعي هو عقلي حسب هيجل الذي رأى أن من مهمات الفيلسوف فهم العالم ككلية متنامية ذات دلالة ككلية تاريخية. وقد قدم لوكاش تعريفاً اجتماعيا للرواية التي هي في نظره تاريخ بحث متدرج، بحث عن القيم الحقيقية في عالم متدرج أيضا. 18وهذا التعريف سيأثر بلا شك في غولدمان سواء في عمله مقدمات في سوسيولوجيا الرواية تحديداً فيما يتصل بأعمال أندري مالرو أو أعماله الأخرى.

والشيء الذي يقوم بربط الواقع بالإنتاج الابداعي هو العلاقة التماثلية أو التماثل ويقترح زيما بديلا عنه وهو التناص المضمومي. ويشترط في عمل هذا المفهوم الوظيفية وبدونها لا يتم الربط، وقد وردت مسألة التماثل في عرض المنهج الغولدماني للبنيوية التكوينية أي العلاقة البنيوية بين الكليات الدلالية.

ويظهر أن هذا المفهوم أثار أراء نقدية واعتراضات خصوصاً من قبل بوازيس الذي رد عليه صاحب النقد الاجتماعي قائلاً إن مفهوم التماثل لدى غولدمان ليس اعتباطيا ولا بديلا جذابا عن التشابه إذ عليه أن يوضح العلاقة الوظيفية بين العمل الأدبي ومصالح جماعة معينة. فراسين في عمله المسرحي يسعى لحل المشاكل الجماعية الجانسنية.19 ويمكن أن يكون هناك، في رأي غولدمان، تماثل بين العالم اللاهوتي وعالم التخييل الدرامي، الثاني يمتص الأول بتطويره وجعله أكثر إتساقا. فهو بذلك إذا يبدأ من حكم قيمي جمالي مؤكدا أن الفن والأدب يجب أن يسعيا إلى تحقيق أفضل إتساق. 20

  • 5/ تطبيق البنيوية التكوينية على مسرحية أندروماك لراسين:

حتى لا يصير هذا المنهج مجرد مفاهيم تسبح في الهواء، كان التطبيق جزء لا يتجزأ من خطة العمل التي اعتمدها وخطها لنفسه، متناولا أعمال راسين وباسكال في كتابه الإله الخفي 1955 لكي تتوضح معالم المنهج وحدوده، ولعل أن من المفيد لا منهجيا فقط بل حتى تطبيقيا أن نفهم المراحل التي توزعت خلالها إنتاجات راسين فليس من المعقول أن تكون رؤية راسين الشاب هي رؤية راسين الكهل، ولذلك آثرنا نورد هذه المراحل الآتية كما وردت في النقد الاجتماعي

*المرحلة غير المأساوية: وهي مرحلة الشبيبة وتمثلها الأعمال التالية مصرع طيبة، إسكندر

*مرحلة التراجيدية وفيها تتضح المؤثرات الخارجية وتتأكد دلالة التأزم المأساوي ومحورها الرباعية الآتية برينيس، بريتا، نيكوس، أندروماك

*ومرحلة التخفف من الحس التراجيدي وتجسدها مسرحية المساومة، والمسرحيتان التاريخيتان.

*ثم مرحلة العودة إلى التراجيديا وعمود هذه المرحلة مسرحية فيدرا

*21والمرحلة النهائية: تميزت بالانتصار الدنيوي في إسترا وأتاليا.

فلا يمكن تصنيف مرحلة الشبيبة والمرحلة الأخيرة ضمن الهرم التراجيدي لأن الشاعر المسرحي لم يجسد التأزم إلا بعد مقاطعته بور رويال.

وبهذا التصنيف المؤلفاتي نكون على طمأنينة بعد معرفة المراحل الذي شغلت فيها التراجيديا حيزاً هاماً حتى رسمت معالم الرؤية المتسقة التي لن تحصل بالطبع إلا بعد إستبعاد المرحلتين.
وقصة التراجيديا التي تأكدت في هذه الأعمال تمتد جذورها إلى الصراع الذي دار بين الملكية وحلفاءها من جهة والاقطاعية من جهة ثانية التي خسرت نفوذها بعدما تم استبعادها، وتتألف من برلمانيين وموظفين ويطلق عليها أيضا نبالة الرداء ولنا هنا أن نتصور ردود فعلها القائمة، لقد أنتجت وعيا اتسم بالمأساوية مشابهاً لوعي الجانسينية وهذا الأمر يعده غولدمان تجانساً وظيفياً، وهذه الجماعة في واقع الأمر تشكل مذهباً جبريا خاصاً تتبع أفكار جانسينوس أسقف إيريس الذي آمن بالجبر وأنكر الإرادة الحرة للإنسان، هذه النظرة إلى العالم مفادها أن الإنسان منقسم بين عالم آثم وإله غائب.22 لقد تبنى راسين هذه النظرة لكننا نقول هذا الأمر بحذر شديد فمن المعلوم أن الجانسينية جانسينيات منها المتطرف ومنها المعتدل لكنها كلها تُجمع، على إنعدام الأمل التاريخي وضياع الانسان، راسين تبنى الفكر الأول الذي يخص باركوس لكن بتطور وفق تطور الجنسانية ككل
يمثل المستوى الأول من التحليل تحديده للبنية الدلالية ويتضح ذلك في عرضه لشخصيات المسرحية وهي أندروماك وتشير إلى دلالة الوفاء والمرأة التي تحاول أن تحافظ على قيمها المثالية إزاء عالم متسم بالزيف والخديعة والمكر وهذه الصفات تميز الشخصيات المتبقية وهي بيروس وأوريست وهرميون، التي حافزها جامح هو طلب السعادة لكن بوسائل غير مشروعة. ووجد غولدمان أنها أندروماك هي الشخصية الوحيدة التي يصدق عليها ما قاله راسين عن شخصياته، لا هي طيبة كل الطيبوبة ولا سيئة كل السوء.23 وهذه المقولة تشير إلى وضع برزخي بين وفاء وحفاظ على قيم تندثر في عالم يطبعه إنهيار منظومة القيم، ومحاولة في الايقاع بالملك من خلال تخليص إبنها من السيف، وعدم تمكينه من نفسها. إن هذه البنية الدالة تكشف عن نفسها عبر هرمية مؤلفة من العالم والانسان والإله، الأول يمتاز بانحطاط القيم وفسادها، والثاني يسعى لحملها من جديد وهو رافض للعالم، والثالث يمثل غياب الرقابة أي الحامي وبغيابه فقدت تلك القيم.

وقد اعتمد غولدمان في هذا المستوى أيضا على المقارنة كأداة من بين الأدوات الكشفية الأخرى وهي التماثل والتناقض..الخ.24

ثم هناك المستوى التفسيري وفيه يتم الربط بين هذه البنية بما يوازيها من شخصيات والعالم الخارجي الذي يشير إلى الحركة الجانسينية المسيحية ورؤيتها القاتمة للعالم وشعورها المر بمصير الانسان المحزن الذي يقع بين موقعين موقع يتسم بغياب القيم وموقع يتسم بغياب الاله.

ثم نشير أيضا إلى تصور العبقرية عند غولدمان وما يدعم بناءه العام. يقول: الكاتب العبقري هو الذي، من أجل أن يتحدث عن مشاكله الأكثر عمومية، وهو أيضا بالمقابل، من لا يعتبر جميع مشاكل عصره الأساسية أشياء معروفة وبمثابة قناعات، بل يعتبرها حقائق تعبر عن نفسها بطريقة مباشرة وحية داخل مشاعره وحدوسه. 25
كما يزعم أن الحرية ليست أمراً بعيداً عن المبدع فهو يتمتع بها في مستوى بناء المحتوى وما ينتظم داخله من العالم التخييلي لكن الفكر هو جوهر المدلول وقلبه، ومعيار العمل اجتهاد صاحبه في ايضاحه.

  • 6/ من مآخذ النقاد على هذا المنهج

لا شك أن هذا المنهج قد قدم تفسيرات مهمة في الدراسات الاجتماعية للأدب لكنه على أهمية مشروعه لم يسلم من الثغرات تماماً كباقي المناهج النقدية، وما زال ينتظر بعض التعديلات الحاسمة حتى يتأسس كمنهج ناجع يقلل من دور الحدس ولم لا أن يوظف مسارات نظرية أخرى حتى يملأ فجواته ويسهل للدارس تنظيم آراءه وتحليلاته في تلمس البنيات المتعددة. ومن بين المآخذ عدم وضوح مفهوم البنية ولذلك وجدنا مشكلة على صعيد الإصطلاح هي ولفظة التكوين ودفعا للإلتباس قمنا بشرح المركب اللفظي في توجهه العام والمعروف لدى النقاد لأن مفهوم البنية هنا لا يدل على أي إجراء شكلاني أو فهم لساني لمعناها.

ثانيا: فيما يتعلق بطبيعة البنية الدالة فهي ليست أحادية بل قد تكون متعددة ومتنوعة تشترك فيها عناصر الظاهرة الأدبية ككل.
ثالثاً: تماديه في الحدس وقصور مفاهيمه في مستوى الفهم.


  • الحواشي

1/النقد الروائي والايديولوجيا من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النص الروائي، د. حميد الحميداني، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1990، ط1، ص 62
2/التحليل الإجتماعي للأدب، السيد ياسين، مكتبة مدبولي، القاهرة 1991 ط2، ص 35/36
3/ المعجم الغني، مادة ك.و.ن
4/ المعجم الرائد، مادة ك و ن
5/ معجم اللغة العربية المعاصر مادة ك و ن
6/ المعجم الوسيط مادة ب ن ى
7/ معجم المصطلحات الأدبية، د سعيد علوش، دار الكتاب اللبناني، 1985، بيروت، ط1، ص 234/233
8/ نفس المرجع، ص 53
9/ نفس المرجع، ص 107
10/البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، ملف في مجلة آفاق، مؤسسة الأبحاث العربية: بيروت: ط1 : 1984 : المادية الجدلية وتاريخ الأدب، لوسيان غولدمان ترجمة محمد برادة ص 15/14
11/ نفس المرجع، ص 15
12/ النقد الاجتماعي، بيير زيما، ترجمة عايدة لطفي، مراجعة أمينة رشيد وسيد البحراوي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991، ص53.
13/ نفس المرجع، ص
14/ النقد الروائي والايديولوجيا من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النص الروائي، د. حميد الحميداني، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1990، ط1، ص69
15/سوسيولوجيا الأدب، بول آرون وآلان فيالا، ترجمة محمد علي مقلد، ص 36، دار الكتاب الجديد المتحدة 2013، ط1
16/ النقد الروائي والايديولوجيا من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النص الروائي، د. حميد الحميداني، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1990، ط1، ص 68
17/البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، ملف في مجلة آفاق، مؤسسة الأبحاث العربية: بيروت: ط1 : 1984 : المادية الجدلية وتاريخ الأدب، لوسيان غولدمان ترجمة محمد برادة ص 14/13
18/ التحليل الإجتماعي للأدب، السيد ياسين، مكتبة مدبولي، القاهرة 1991 ط2، ص 41
19/ النقد الاجتماعي، بيير زيما، ترجمة عايدة لطفي، مراجعة أمينة رشيد وسيد البحراوي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991، ص83
20/ المرجع السابق، ص53
21/ المرجع السابق، ص 87
22/ النظرية الأدبية المعاصرة، رامان سلدان، ترجمة جابر عصفور، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة ، 1998، ص66
23/ الفكر النقدي الأدبي المعاصر مناهج ونظريات ومواقف، د حميد الحميداني، مطبعة أنفو برانت، فاس، ط2 ص77
24/ نفس المرجع ، ص72
25/ البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، ملف في مجلة آفاق، مؤسسة الأبحاث العربية: بيروت: ط1 : 1984 : الوعي القائم والوعي الممكن ، لوسيان غولدمان ترجمة محمد برادة ص29

 

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى