أدب وفنون

المـوتُ العَـاري

 

أيُّها المَوتُ

مَهْما خبَّأتَ وجهَك خَلْفَ الأَرامِلِ واليتامى

إنّي راسِمُك

رَصاصةً

أو عبوةً لاصقةً

تغتالُني شَبَحًا

فَتَنْفجِرُ فيَّ الكلماتُ مغسولةً بأناشيد الرماد.

***

أيُّها الموتُ

أنت. ما أنت!

أنت شظيَّةُ القلبِ في الخَاصِرة

أنت كلامٌ يطرِّزُ ألوانَه في غَفلةٍ من المَوت

أنت مُهَنْدِسُ الغابات والأنهار

أنت الخُبزُ السائحُ في الطُّرقات

تقدَّمْ

ولا تَخَفْ

فشمسُ الكونِ أصْغرُ من وَريدِك.

***

أيُّها الموتُ

أنت. ما أنت!

أنا منَ اللّامكان

مِن اللازمان

جئت أتبعُ صَوْتَ النَّواقيسِ

وهي ترسمُ الضوءَ في سديم الكون

أشربُ باسْمَ الدَّم أجسادَ الأساطير

أكحِّل زرقةَ الفَجْرِ بالشَّفق

أَعْضائي مبعثرةٌ في كلِّ بقاعِ الأرض،

تزرعُ  أجسادًا بلا رؤوس

تومئُ للشَّمسِ أنَّ نورَها ظلامُ

هذا أنت. أم أنا. كلانا دمٌ ساهرُ في لَيْلِ القصيدة.

***

أيُّهذا الموت

كيف استطعتَ شقَّ غُبارِ السِّنين

لترسمَ ضراوةَ الصحراء

فَوْقَ ظلّنا الأبدي

أو لِتُؤَجِّلَ موتَنا

في كلِّ مرَّةٍ نموتُ فيها

تقدَّمْ

تقدَّمْ

ولا تَقْلقْ بِشأْنِ حُكْمِكَ الملكي

ففي كلِّ عامٍ تَحيا السنابلُ مملوءةً بماضيك الذي قُدَّ من قُبلٍ.

سِرْ إلى الأمام ولا تَخْفْ

أو عُدْ إلى الوَرَاء.

ففي كلتا الحالتين أنت حاضرٌ أبدا.

إنّي أُناجيك

ما الذي يَزْعِجُك

وأنت تخوضُ حُرُوبَك من غير سلاح

أنا. أمْ أنت. كلانا بقايا عادٍ وثَمُود.

نم على شظايا قَلْبي المُنْهَكِ

أو على كَلماتي المَهْجُورة

هذا الكوْنُ بَيْتُك.

علي سرمد

شاعر عـراقي، حاصل على ماجستير في الأدب الحديث ونقدِه. طالب دكتوراه في الأدب العربي ونقده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى