أبو علي الفارسي
أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي النحوي. ولد بمدينة فسا واشتغل ببغداد، ودخل إليها سنة سبع وثلثمائة، وكان إمام وقته في علم النحو، ودار البلاد، وأقام بحلب عند سيف الدولة بن حمدان مدة، وكان قدومه عليه في سنة إحدى وأربعين وثلثمائة، وكان متهماً بالاعتزال.
- أخباره
جرت بينه وبين أبي الطيب المتنبي مجالس، ثم انتقل إلى بلاد فارس وصحب عضد الدولة بن بويه، وتقدم عنده وعلت منزلته حتى قال عضد الدولة: أنا غلام أبي علي الفسوي في النحو، وصنف له كتاب الإيضاح، والتكملة في النحو، وقصته فيه مشهورة.
ويحكى أنه كان يوماً في ميدان شيراز يساير عضد الدولة، فقال له: لم انتصب المستثنى في قولنا: قام القوم إلا زيداً. فقال الشيخ: بفعلٍ مُقدر، فقال له كيف تقديره؟ فقال: أستثني زيداً، فقال له عضد الدولة: هلا رفعتَـه وقدرت الفعل امتنع زيدٌ، فانقطع الشيخ،
وقال له: هذا الجواب ميداني. ثم إنه لما رجع إلى منزله وضع في ذلك كلاماً حسناً وحمله إليه فاستحسنه، وذكر في كتاب الإيضاح أنه انتصب بالفعل المتقدم بتقوية إلا. وحكى أبو القاسم بن أحمد الأندلسي قال: جرى ذكر الشعر بحضرة أبي علي وأنا حاضر،
فقال: إني لأغبطكم على قول الشعر، فإن خاطري لا يوافقني على قوله مع تحقيقي العلوم التي هي من موادِّه، فقال له رجل: فما قلت قطُّ شيئاً منه؟ قال: ما أعلم أن لي شعراً إلا ثلاثة أبيات في الشيب، وهي قولي:
خضبتُ الشَّيْبَ لما كان عيباً **** وخضْبُ الشيب أولى أن يُعابا
ولم أخضب مخافة هجر خل **** ولا عيباً خشيتُ ولا عِتابا
ولكن المشيبَ بدا ذميماً **** فصيَّرتُ الخضابَ له عِقابا
ويقال إن السبب في استشهاده في باب كان من كتاب ” الإيضاح ” ببيت أبي تمام الطائي وهو قوله:
من كان مرعى عزمه وهمومه **** روض الأماني لم يزل مهزولا
لم يكن ذلك لأن أبا تمام ممن يستشهد بشعره، لكن عضد الدولة كان يحب هذا البيت وينشده كثيراً، فلهذا استشهد به في كتابه.
- كتبه:
من تصانيفه:
كتاب ” التذكرة ” وهو كبير، ولا يزال مفقوداً إلى الآن، والغالب أنه موجود في إحدى المكتبات العظمى التي تحوي المخطوطات اليوم كمكتبة زنجان، وهو سِفْرٌ عظيم شهير، والعثور علي مخطوطته يُعد نقلة نوعية في إغناء التراث العربي؛ إذ لا يخلو كتاب نحو من الاستشهاد به.
كتاب ” المقصور والممدود “، حققه د. حسن هنداوي، وطبع في دار كنوز إشبيلية بالرياض، وهو صغير.
كتاب ” الحجة ” في القراءات، حققه د. علي النجار وآخر، كما حققه بدر الدين قهوجي وبشير جويجاتي، وطبع في دار المأمون للتراث، دمشق عام 1992.
كتاب ” الإغفال ” فيما أغفله الزجاج من المعاني، حققه د.عبد الله بن عمر حاج إبراهيم، وطبع في المجمع الثقافي، أبو ظبي ، 2003.
كتاب ” العوامل المائة “، ولا يزال مفقوداً.
كتاب ” المسائل الحلبيات “، حققه د. حسن هنداوي ، وطبع في دار القلم، دمشق، عام 1987.
كتاب ” المسائل البغداديات “، ويعرف بالمسائل المشكلة، حققه صلاح السنكاوي، وطبع في مطبعة العني في بغداد.
كتاب ” المسائل الشيرازيات “، حققه د.حسن هنداوي، وطبعته كنوز إشبيليا في الرياض، عام 2004.
كتاب ” المسائل القصريات “، ولا يزال مفقوداً.
كتاب ” المسائل العسكرية “، وله طبعتان بتحقيقين مختلفين.
كتاب ” المسائل البصرية ” حققه محمد الشاطر أحمد، وطبع في مطبعة المدني، مصر، الطبعة الأولى، 1982.
كتاب ” المسائل المجلسيات “، ولا زال مفقوداً.
وله غير ذلك من الكتب.
- ولادته ووفاته:
كانت ولادته في سنة ثمان وثمانين ومائتين. وتوفي يوم الأحد لسبع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر، وقيل ربيع الأول، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ببغداد، ودفن بالشونيزي.
ويقال له أيضاً أبو علي الفسوي – بفتح الفاء والسين المهملة وبعدها واو – هذه النسبة إلى مدينة فسا من أعمال فارس. وقليوب – بفتح القاف وسكون اللام وضم الياء المثناة من تحتها وسكون الواو وبعدها باء موحدة – وهي بليدة صغيرة بينها وبين القاهرة مقدار فرسخين أو ثلاثة ذات بساتين كثيرة.
- المصادر:
وفيات الأعيان ل ابن خلكان 2/80-81، تحقيق إحسان عباس ، طبع في دار صارد، بيروت.