الدراسات اللغوية

التقابلية منهجاً لانسجام خِطاب التأويل – تلقي سورة الكهف تمثيلاً

 

لقد آمن علماؤنا القدامى بأن القرآن الكريم اجتمعت فيه كل صفات النصية باعتبارها صفات الكمال، وأنه خال من كل صفات النقص والاختلاف والتناقض، وعلى رأس هذه الصفات صفة الانسجام، واستنبطوا ذلك من البيان القرآني الصريح {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرً} ، وأمام هذه الحقيقة المقررة لم يبق أمام الدارسين لهذا الكتاب إلا أن يجتهدوا في الوقوف على آليات ومظاهر هذا الانسجام، باعتباره أحد وجوه إعجازه، فإن توفقوا فذلك أمر طبيعي يتماشى فيه العقل مع الحقيقة الإيمانية، وإن لم يتوفقوا فذلك راجع إلى الغلط والوهم الدال على قصور العقل البشري من جهة، والدال، من جهة أخرى، على “عدم امتلاك القدرة على التفسير وتدبر معاني التنزيل” والالتزام بأبرز صور التلقي التي وهي التدبر القائم على النظر المتأمل والمعرفة بوجوه التأويل.

وإذ يتبنى الكاتب هذا الافتراض في هذه الدراسة، فإنه نضيف إليه افتراضا آخر، وهو أن هذا الخطاب القرآني الذي استدل على انسجامه القدامى بآلياتهم وأساليبهم الخاصة، يمكننا اليوم، أن نستدل، نحن أيضا، على انسجامه بما استجد من آليات في اللسانيات الحديثة، وذلك لأن إيماننا به، باعتباره شريعة حياة صالحة لكل زمان ومكان، يترتب عنه إيماننا بقدرته على الاستجابة لآليات الفهم والاستيعاب الخاصة بكل زمان ومكان.
في هذا السياق يأتي هذا العمل متوخيا البحث في “انسجام الخطاب القرآني” عبر تجريب آلية “التأويل التقابلي”، وذلك من خلال رصد البنيات التقابلية في “سورة الكهف” تمثيلا، والبحث في العلاقات الدلالية القائمة بينها على أساس تقابلي بشكل يتحقق به قارئ السورة الحديث من وحدتها وانسجامها، وترابط مقاطعها وفقراتها ترابطا موضوعيا يجعل منها وحدة دلالية منسجمة، لا اختلاف بين مقاطعها، ولا تناقض، ولكنها بنيت وفق سيرورة محكمة تفضي إلى تحقيق مقاصد تداولية محددة. كل ذلك عبر هذه الآلية الجديدة من أجل الكشف عن هذه الخصيصة الانسجامية، سيرا على منوال علماء هذه الأمة من قبل الذين نظروا إلى القرآن الكريم على أنه “كالكلمة الواحدة، متسقة المعاني، منتظمة المباني” على حد تعبير القاضي أبي بكر بن العربي(ت543هـ) .
وانطلق الكاتب من بعض الفروض أهمها:

1- أن الخطاب القرآني خطاب منسجم، فقد قال تعالى: {الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ، وجاء في في تفسير هذه الآية عند الفخر الرازي: “(أحكمت آياته) نظمت نظما رصيفا محكما لا يقع فيه نقص ولا خلل، كالبناء المحكم المرصف” ، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق أمام الدارس إلا أن يبحث عن خيوط وآليات هذا الانسجام.

2- أن بنية الخطاب القرآني ليست بنية شعرية، ولا نثرية خالصة، ولكنها بنية خطابية بالدرجة الأولى هدفها الإقناع، وفي مسعاها إلى هذه الغاية، وظفت، من بين أساليب أخرى، أسلوب المقابلة بين ثنائيات عديدة أهمها: الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، والتبشير والإنذار، وحال المؤمنين وحال الكفار، والجنة والنار…

3- أنه وعملا بتوسيع مفهوم التقابل، كما اقترحت نظرية التأويل التقابلي عند الباحث المغربي محمد بازي، يمكن أن تنفتح آفاق أرحب وأوسع للدرس اللساني لاسيما في شقه المتعلق بتحليل الخطاب، وبالتالي تقديم إضافة عربية خالصة ونوعية لما اقترحه الدرس اللساني الغربي الحديث.

4- أن التقابل، باعتباره بنية كونية تنعكس على الفكر الإنساني عموما والعربي خصوصا، يشكل آلية من آليات بناء الخطاب القرآني الذي نزل بلغة العرب، وعلى عادتهم في التعبير والأسلوب.

وسعيا إلى اختبار هذه الفروض، قُسّمت الدراسة إلى فصلين، تسبقهما مقدمة، وتعقبهما خاتمة.
فأما المقدمة فقد تعرضت لرصد دواعي اختيار الموضوع، وتحديد الإشكالية التي انطلق منها البحث، ثم وضع فروض الدراسة، وتوضيح منهجها مع ذكر بعض الصعوبات التي اعترضت هذا البحث في مختلف مراحله.
وأما الفصل الأول فقسم إلى ثلاثة مباحث: وقف في أولها على الدلالة اللغوية للتقابل، ثم تتبع تطور هذا المفهوم عند البلاغيين العرب، راصدا اتجاهين لهذا التطور؛ أحدهما ظل حبيس النظرة الشكلية للتقابل، والآخر حاول البحث في الوظيفة الدلالية للتقابل، وربطه بالمعنى. وأما المبحث الثاني فانصرف إلى البحث في دلالة الانسجام وآليات تحققه في النصوص بالبيئة الغربية باعتبارها بيئة النشأة. وفي المبحث الثالث تم رصد بعض أدوات انسجام الخطاب القرآني عند علماء القرآن والمفسرين، باعتبارهم كانت لهم إسهامات أولية ومهمة في هذا المبحث، تنم عن وعي مبكر بهذه القضية التي تشكل اليوم أحد انشغالات الدرس اللساني.

وأما الفصل الثاني فقسم إلى مبحثين: الأول قطع فيه السورة إلى مقاطع دلالية، ثم تتبع البنيات التقابلية في كل مقطع، وبيّن كيف تشتغل من أجل تحقيق انسجام كل مقطع على حدة. وفي المبحث الثاني حاول رصد التقابلات الكبرى في السورة، وهي تلك التقابلات بين المقاطع، وذلك عبر سلك طريقين؛ الطريق الأول عمودي يبحث في كيفية انسجام مطلع السورة مع بقية المقاطع عبر إجراء تقابلات دلالية بالدرجة الأولى كخيط ناظم للمقاطع، والطريق الثاني أفقي يبحث في كيفية تحقق الانسجام بين كل مقطع والمقطع الذي يليه.

ثم اختتم البحث بمجموع النتائج والملاحظات التي خلص إليها هذا الجهد، مع ثبت للائحة المصادر والمراجع التي استندنا إليها عبر جميع مراحل الدراسة.

  • خلاصات الدراسة:

جاء في خاتمة البحث ما يأتي:
لقد تناولت دراستنا في هذا البحث موضوع التأويل التقابلي في القرآن الكريم وأثره في كشف جماليات الخطاب القرآني، من جهة، وفي تحقيق انسجامه من جهة أخرى، وانصب العمل على سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة الكهف، وذلك بالنظر إلى الطابع الإشكالي الذي تطرحه بنية هذه السورة، فهي سورة متعددة الموضوعات، تضمنت قصصا مختلفا إلى جانب موضوعات أخرى، مما جعل أمر البحث في انسجامها مطلبا له من الأسباب ما يبرره.

ولما كان الأمر يتعلق بالخطاب القرآني، فقد تطلب مزيدا من الحذر والتأني، ولذلك آثرنا – خصوصا في الشق التطبيقي من البحث- اختيار بعض التفاسير، ثم قرأناها بتأن وتدبر، وقابلنا فيما بينها.

وقد خلص البحث إلى مجموعة من النتائج والملاحظات نجملها فيما يأتي:

1- لقد عني البلاغيون العرب بالتقابل في إطار عنايتهم بعلم البديع، وقد أثرت نظرتهم الشكلية إلى علم البديع في كليته على نظرتهم الخاصة إلى التقابل، وأغلب اهتمامهم به كان في دائرة الشعر، واقتصر على دراسة جزئية تنحصر في الشاهد ولا تتعداه إلى النص.

إلا أن ذلك لم يمنع بعضهم من الكشف عن دور التقابل في صناعة المعاني وتشكل دلالات النصوص، ومن تم كانت دراسة التقابل عند القدامى مزدوجة، فهي من ناحية عنيت بالجانب الشكلي الجمالي، ومن ناحية أخرى بالدور المعنوي والدلالي لهذاه الظاهرة، ولكن باهتمام أقل من الاهتمام بالجانب الأول.

2- وقد تنبّه بعض الدارسين المحدثين لأهمية التقابل في صناعة المعاني، وعلى رأسهم الدكتور محمد بازي، الذي وسّع من مفهوم التقابل، وتجاوز به حدود الدائرة الضيقة التي حصره فيها القدامى، وربطه بالتأويل، فأصبح استراتيجية فاعلة في الكشف عن معاني النصوص وتأويلها، عبر البحث عن كل أشكال التقابل الممكنة المساعدة في فهم. وهي آلية تتجاوز مستويي الكلمة والجملة، وتوسع من أفق الإدراك والتأويل ليطال مستويات أخرى مثل الفقرات، والمقاطع، والنصوص الموازية، والسياقات الداخلية والخارجية، والنصوص والخطابات بمختلف أنواعها.

3- وتأكد لنا أن التقابل بنية مركزية في الفكر العربي انعكست على نصوص الثقافة العربية التي أنتجها هذا الفكر، ولما كان القرآن قد نزل بلغة العرب وعلى سنتهم في الكلام، فقد بناه -هو الآخر- العليم الخبير وفق هذه الخاصية التي تنبّه لها كثير من المفسرين وعلماء القرآن، إلا أن عنايتهم بها لم تصل إلى درجة كبيرة من العمق، فظلت عندهم خاصية عادية من خصائص الخطاب القرآني كما في الشعر.

4– ومن القضايا التي عني بها المفسرون وعلماء القرآن قديما قضية وحدة الخطاب في السور القرآنية، وتوقفوا عند مجموعة من الآليات التي يتحقق بها انسجام الخطاب القرآني، وتتقاطع هذه الآليات مع كثير من الآليات التي توصل إليها علم اللسانيات النصية الحديث في الغرب، ويبقى مبحث “المناسبة بين الآيات والسور” من أهم المباحث التي تعتبر محاولات جادة أولى في الكشف عن نصية النص القرآني وانسجام خطابه.

5- أبان تجريب آلية التأويل التقابلي في تأويل الخطاب القرآني عن فاعلية كبيرة في كشف جماليات هذا الخطاب من جهة، وفي فهمه، وتفهيمه، من جهة أخرى، عبر مسلك توسيع مفهوم التقابل، واستثماره في قراءة ما قاله المفسرون في معرض تفسيرهم لسورة الكهف، فاتضح أن هذه السورة، التي تبدو في ظاهرها ذات بنية مضاعفة ومتنوعة، هي كل واحد منسجم، لا تناقض ولا اختلاف ولا اختلال فيه.

6 – وعن طريق التأويل التقابلي توصلنا إلى الكشف عن البنية التي تميز الخطاب القرآني في هذه السورة؛ فهي تنطلق من تقابل بنيوي/أساس ورد في المطلع، وهو تقابل العقيدة الصحيحة/العقيدة الفاسدة، وتأتي بقية المقاطع والآيات مرتبطة بهذا التقابل عبر مجموعة من العلاقات، وفي صورة بنيات تقابلية أخرى إما مؤكدة لهذا التقابل البنيوي، وإما متممة له، وإما مستدلة عليه، وإما موضحة وشارحة له، وإما مبينة لعاقبة كل من طرفيه. فهو بذلك يشكل قطب الرحى الذي تدور حوله كل المقاطع والآيات المكونة للسورة.

7 – وعبر التأويل التقابلي أيضا، أبرزنا انسجام الخطاب القرآني في سورة الكهف، على مستوى كل بنية على حدة، من بنيات السورة، ثم على مستوى السورة بأكملها عبر المقابلة بين عناصر هذه البنيات بطريقة عمودية تتوخى الربط بين التقابل النووي/الأساس الذي ورد في المقطع وبين باقي المقاطع، ثم بطريقة أفقية من خلال المقابلة بين كل مقطع من مقاطع السورة والمقطع الذي يليه، فخلص بنا البحث إلى تأكيد وحدة السورة وانسجام مكوناتها.

8 – على المستوى الدلالي، أبانت آلية التقابل عن النظام الخفي الذي بُني وفقه الخطاب القرآني، فبالكشف عن التقابلات الظاهرة والخفية، والمباشرة والضمنية، تأكد الانسجام الدلالي في السورة، المتمثل في البنية التوالدية للخطاب القرآني، فهو ينطلق من تقابل نوي/أساس، ثم ينمو هذا التقابل ويتوالد في شكل تقابلات استتباعية أخرى تتقابل معه عبر محور تماثلي أساسه التفرقة بين العقيدتين. ولعل هذه هي أسمى غاية نزل القرآن لأجلها، وهي إخراج العباد من عبادة الخلائق إلى عبادة رب الخلائق.

9- على المستوى التداولي، مكنت آلية التقابل من الكشف عن أثر الخطاب القرآني على متلقيه، عبر المقابلة بين أنواع المتلقين، وسياقات النزول، ومقامات التخاطب، فتبين أن السياق في القرآن ذو أهمية بالغة، ويتميز بخاصيتين أساسيتن لا يمكن لقارئ القرآن أن يتجاهلهما وهما:

– تقييد الطاقة التأويلية، وتوجيه الباحث عن فهم الخطاب القرآني الوجهة الصحيحة التي تقيه من الزيغ والتيه.

– تجاوز الخطاب القرآني للواقع الذي نشأ فيه، عبر المقابلة بين سياق نزوله وسياقات أخرى تتكرر عبر أزمنة وأمكنة مختلفة، مما يؤكد أن القرآن الكريم كتاب صالح لكل زمان ومكان، إذا تم فهمه وتأويله فهما صحيحا وجديدا.

10- وبناء على الملاحظة الأخيرة، يتضح أن قراءة الخطاب القرآني هي قراءة متجددة في كل عصر وزمان عبر إجراء تقابلات بين أحوال الأمم التي تحدث عنها، والنوازل التي نزل فيها، والقضايا التي عالجها، وبين ظروف وملابسات الزمن الذي سيُقرأ فيه، بأي شكل من أشكال التقابل(مقارنة، قياس، مشابهة، مماثلة،…)، واستنباط الأحكام والدروس حتى نستطيع ترهينه في زماننا.

11- ويمكن التأكيد على أن معالجة الخطاب القرآني، بواسطة ما توصلت إليه العلوم الإنسانية الحديثة من كشوفات، ممكنة ومتاحة؛ بل يمكن اعتبارها من التحديات التي تُطرح على العلماء والمفكرين المعاصرين من المسلمين؛ مما يستدعي بذل مزيد من الجهد والبحث، ولا سيما الجهود الموحدة، من أجل ترهين الخطاب القرآني في واقعنا وتنزيله في حياتنا، بدلا عن صيانته وحفظه في المصاحف والرفوف. فالقرآن كتاب تعبد وعمل وتطبيق في حياة المسلمين، وليس كتاب تبرك وتلاوة فقط، كما وقع في اعتقاد بعض العاميين، ولا وثيقة تاريخية مخصوصة بزمن معين كما يدعي بعض اللائكيين.

ونحن ننجز هذه الدراسة بدت لنا مجموعة من الملاحظات التي نثيرها في هذا الموضع لعلها تكون مشروع بحوث أخرى، ونجملها فيما يأتي:

– لا يزال مبحث انسجام الخطاب القرآني، يثير العديد من التساؤلات والإشكالات، فمن الدارسين القدامى من كان طموحه أكبر فتجاوز بوحدة الخطاب القرآني الحديث عن السورة والسورتين إلى الحديث عن مجموع السور، مما يجعل منه موضوعا في حاجة إلى مزيد من التنقيب والبحث.

– أغلب الدراسات التي تناولت جهود العلماء القدامى في الاستدلال على وحدة الخطاب القرآني كانت تركز على جانب معين، فتدرس كل آلية في معزل عن الأخرى، ويظل المجال مفتقدا لدراسة تبحث في كيفية تساند هذه الآليات جميعها في تحقيق وحدة الخطاب القرآني وانسجامه.

– قام بحثنا على ملاحظة مفادها أن نظرية التأويل التقابلي التي جاء بها الدكتور محمد بازي، كان يعوزها تطبيق آلية التقابل على نصوص بأكملها، من أجل إبراز دورها في انسجام هذه النصوص وتحقيق معانيها على مستوى مجموعها، فحاولنا تتميم جهود الرجل، وهو الحائز فضل السبق، عبر البحث في دور آلية التقابل في الكشف عن انسجام الخطاب القرآني على مستوى سورة بأكملها، ويبقى أمر تجريب هذه الآلية في الكشف عن انسجام الخطاب القرآني في سور أخرى، ثم في كليته طموحا مشروعا، وربما كان ما اصطلح عليه في علوم التفسير بـ”تفسير القرآن بالقرآن”مدخلا مساعدا في تحقيق هذا المسعى.

– وعبر تجريب آلية التقابل قد يمكن إعادة النظر في الكثير مما قيل في النقد العربي بخصوص تفكك القصيدة العربية، فالتقابل آلية يمكن، بوجوه ما، أن تكشف انسجام هذه القصيدة التي اتهمت بالتفكك والتجزيء بين عناصرها.

 

ميلود عرنيبة

الدكتور ميلود عرنيبة: كاتب وباحث مغربي، خريج كلية الآداب بجامعة القاضي عياض بمراكش، يشتغل أستاذاً للغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي، شارك في مجموعة من الندوات الوطنية والدولية، عضو في لجنة القراءة بالراصد للنشر. له مقالات في مجلات محكمة، ومشاركات في كُتب جماعية، ويعدُّ كِتاب التقابلية منهجاً لانسجام خطاب التأويل أو عمل مستقل له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى