في النميمة والكذِب
قال صالح ابن عبد القدوس:
قل للذي لست أدري من تلونه … أناصح أم على غش يناجيني
إني لأكثر مما سمتني عجباً … يد تشج وأخرى منك تأسوني
تغتابني عند أقوام وتمدحني … في آخرين وكل عنك يأتيني
هذان شيئان قد نافيت بينهما … فاكفف لسانك عن شتمي وتزييني
وقال المأمون: النميمة لا تقرب مودة إلا أفسدتها. ولا عداوة إلا جددتها ولا جماعة إلا بددتها. ثم لا بد لمن عُرف بها ونُسب إليها أن يُجتَنَب ويُخاف من معرفتِه، ولا يُوثق بمكانِه. وأنشد بعضهم:
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه … على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
كالسيل بالليل لا يدري به أحد … من أين جاء ولا من أين يأتيه
الويل للعهد منه كيف ينقضه … والويل للود منه كيف يفنيه
(للابشيهي).
- الصدق والكذب
قال علي بن عبيدة:
الكذب شعار الخيانة وتحريف العلم وخواطر الزور وتسوبل أضغاث النفس واعوجاج التركيب واحتلاف البنية. وعن خمول الذكر ما يكون صاحبه قال أعرابي لابنه وسمعه يكذب: يا بني عجبت من الكذاب المشيد بكذبه وإنما يدل على عيبه ويتعرض للعقاب من ربه. فالآثام له عادة. والأخبار عنه متضادة. إن قال لم يصدق. وإن أراد خيراً لم يوفق. فهو الجاني على نفسه بفعاله. والدال على فضيحته بمقاله. فما صح من صدقه نسب إلى غيه وما صح من كذب غيره نسب إليه (لابن عبد ربه) قال بعضهم:
إياك من كذب الكذوب وإفكه … فلربما مزج اليقين بشكه
ولربما ضحك الكذوب تفكها … وبكى من الشيء الذي لم يبكه
ولربما صمت الكذوب تخلقا … وشكا من الشيء الذي لم يشكه
ولربما كذب امرؤ بكلامه … وبصمته وبكائه وبضحكه.
مقتطف من كتاب : مجاني الأدب في حدائق العرب
لمؤلِّفِه: رزق الله بن يوسف بن عبد المسيح بن يعقوب شيخو (المتوفى: 1346هـ).