الذكاء الاصطناعي وتحديات النزاهة في التعليم والتوظيفتربية وتعليم

الغش بالذكاء الاصطناعي في امتحانات الباكالوريا: بين التعليم التقليدي والهشاشة الرقمية

مقاربة تقنية تكيفية

يُعتبر الغش في امتحانات الباكالوريا تحديا تربويا وأخلاقيا وتقنيا في آنٍ معا، وتزداد حدته في المؤسسات التعليمية ذات البنية الرقمية الهشّة، حيث تفتقر القاعات إلى الكاميرات، أو الحواسيب، أو حتى الاتصال المستقر بالإنترنت.

ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي، وبما يتيحه من مرونة تكيفية عبر ما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي منخفض الموارد” (Low-Resource AI)، يفتح آفاقا واقعية لتطوير حلول مقاومة للغش قابلة للتطبيق في هذه السياقات.

خصوصية التحدي — الذكاء الاصطناعي في بيئة غير ذكية

المؤسسات التعليمية التقليدية تعاني غالبا من:

  • ضعف الاتصال بالإنترنت أو انعدامه.
  • غياب الكاميرات أو الحواسيب المحمولة.
  • نقص الكفاءات التقنية المؤهلة.
  • ضعف الميزانيات التشغيلية.

هذا السياق يفرض علينا التفكير في أنظمة هجينة وتكيفية لا تعتمد على البنية التحتية المعقدة، بل تُبنى على أساس الأدوات المتاحة.

تقنيات الذكاء الاصطناعي الممكنة في بيئات منخفضة الموارد

1. Edge AI على أجهزة محمولة رخيصة

تقنيات الذكاء الاصطناعي القابلة للتنفيذ على أجهزة محمولة (مثل Raspberry Pi، أو هواتف أندرويد قديمة) يمكن تحويلها إلى أدوات كشف ذكية، دون الحاجة إلى الاتصال بالسحابة.

مثال تطبيقي: استخدام هاتف محمول قديم مزود بتطبيق ذكاء اصطناعي بسيط للتعرف على الحركات والسلوكيات المشبوهة داخل قاعة الامتحان.

2. نماذج ضغط الذكاء الاصطناعي (Model Compression)

يتمثل الحل في تدريب نماذج خفيفة الوزن (مثل TinyML أو DistilBERT) يمكن تشغيلها محليا دون الحاجة إلى موارد حسابية عالية. هذه النماذج يمكنها:

  • تحليل البيانات الصوتية والصورية المحلية.
  • كشف الأنماط السلوكية للغش استنادا إلى قواعد محلية.
  • العمل دون الحاجة إلى الإنترنت.

3. تحليل سلوك الممتحنين من طرف المراقبين بمساعدة واجهات AI

يمكن تطوير تطبيقات بسيطة على أجهزة لوحية أو هواتف المراقبين تقوم بما يلي:

  • تسجيل الملاحظات السلوكية المشبوهة صوتيا أو كتابيا.
  • ربطها بنظام ذكاء اصطناعي يقوم بتحليلها وتقديم تنبيهات مباشرة بناء على التاريخ السلوكي للممتحن.
  • توليد تقارير ختامية لمراكز التصحيح لاتخاذ قرار موضوعي.

استراتيجية تنفيذية تدريجية في بيئات هشة

1. التهيئة البشرية قبل الرقمية

  • تدريب المراقبين على ممارسات الكشف السلوكي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حتى وإن لم تكن الأدوات مفعّلة بالكامل بعد.
  • تبسيط مفاهيم الذكاء الاصطناعي عبر وحدات تدريب مصغّرة.

2. توفير “حزمة مكافحة الغش الذكية المحمولة”

تتضمن الحزمة:

  • هاتف ذكي مُعدّ مسبقا بتطبيقات ذكاء اصطناعي خفيفة.
  • بنك طاقة Power Bank لضمان الاستمرارية.
  • بطاقة ذاكرة لحفظ المعطيات محليا وتحليلها لاحقا.

3. منهجية عدم الاتصال (Offline First AI)

يجب أن تعتمد جميع الأنظمة على القدرة على العمل في وضع “عدم الاتصال” مع مزامنة البيانات لاحقا، في المقرات الجهوية أو الوطنية عند توفر الشبكة.

حلول بديلة قائمة على الذكاء الاصطناعي غير المرئي

حتى في غياب أدوات رقمية مباشرة، يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لاحقا عبر:

  • تحليل أنماط الإجابة باستخدام التعلم الآلي: عند تصحيح الأوراق، يمكن استخدام خوارزميات لاكتشاف تشابه غير عادي بين أوراق مختلفة (مثل نماذج الكشف عن الانتحال أو clustering).

🔍 تقنيا: نموذج يقوم بتحليل توزيع الإجابات، ترتيب الأفكار، ونوع الأخطاء اللغوية لاكتشاف الغش الجماعي.

  • خوارزميات لتحليل التوزيع الإحصائي للأداء: إذا أظهر مركز امتحان معين نتائج مرتفعة غير معتادة، يمكن للذكاء الاصطناعي رصد هذه الظاهرة وتصنيفها كإشارة تحذيرية لمراجعة ظروف الامتحان هناك.

الجدوى والتكلفة — مقاربة هندسية واقعية

المكون التكلفة التقريبية الوظيفة
هاتف ذكي قديم 0–30 دولار (تبرع/مُعاد تدويره) منصة تشغيل التطبيقات
تطبيق AI محلي مجاني أو مفتوح المصدر الرصد والتحليل
مدونة سلوك صفر إطار قانوني ومهني
تدريب محلي منخفض (ضمن التكوينات العادية) تأهيل المستخدمين

⚠️ الرسالة الأساسية: الذكاء الاصطناعي لا يعني دائما إنترنت فائق، أو سيرفرات ضخمة، بل قد يبدأ من تطبيق ذكي على هاتف مستعمل.

  • خلاصة:

لا يمكن أن تظل مؤسسات تعليمية تقليدية على الهامش في معركة نزاهة التعليم. الذكاء الاصطناعي، بمرونته، يسمح بتطوير حلول متكيفة تعترف بضعف البنية وتتعامل معه، لا تتجاهله. والرهان ليس فقط على التقنية، بل على التصميم البشري العاقل لهذه التقنية، بما يجعل كل مؤسسة تعليمية — مهما كانت هشاشتها — قادرة على حماية امتحاناتها من الغش وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى