طب وصحة

الصناعة الدوائية بالمغرب.. تجربة ممتدة حققت استقلالية وريادة عربية وإفريقية

استطاعت المملكة المغربية تلبية احتياجاتها من الأدوية بفضل صناعة وطنية واعدة، إذ تصنع البلاد نحو 70% من حاجات السوق الوطنية من الأدوية، في حين تستورد النسبة المتبقية من الخارج، حيث تُشجع الدولة على التصنيع المحلي لأدوية الأمراض المزمنة والمكلفة.


وتشكل الصناعة الدوائية ثاني نشاط كيميائي بالمغرب بعد الفوسفات، حيث يحتل المرتبة الثانية على مستوى القارة الأفريقية، كما أن لهذه الصناعة إمكانات نمو هائلة بفضل مكتسبات عديدة وتجربة تمتد لعقود.


أُحدثت أولى الوحدات الصناعية المتخصصة في الأدوية بالمغرب في خمسينيات القرن الماضي، وكان عددها في تلك الفترة لا يتجاوز 5 وحدات، لينتقل العدد إلى 18 في فترة الثمانينيات، ثم 27 في التسعينيات، ليصل عددها حاليا إلى 53 وحدة صناعية.


وتسهر 3 جمعيات مهنية على تنظيم النسيج الصناعي الدوائي الوطني بالمغرب وهي:

الجمعية المغربية للصناعات الصيدلية: أُسست سنة 1985 وتضم 26 مؤسسة صناعية.

جمعية مقاولات الأدوية بالمغرب: أُسست سنة 2005 وتتكون من شركات تابعة لمجموعات صيدلية دولية وتشمل 19 مؤسسة صناعية.

الجمعية المغربية للدواء المكافئ: أُسست سنة 2010 وتهدف إلى النهوض بصناعة الدواء المكافئ بالمغرب.

وإلى جانب شركات وطنية، مثل “لابروفان” (Laprophan) و”كوبر سوثيما” (cooper sothema)، يوجد ممثلون عن شركات متعددة الجنسية تتخذ من المغرب مقرا لها.


وأكد مجلس المنافسة -في تقريره العام الماضي عن قطاع الأدوية- أن أهمية هذا القطاع لا تنحصر في حجم المعاملات التي يحققها أو في مناصب الشغل التي يخلقها، وإنما في دوره الإستراتيجي في الحفاظ على صحة المواطنين وتحقيق الحاجات المحلية من الأدوية.


يعد المغرب أحد رواد الصناعة الدوائية في أفريقيا والعالم العربي، وأكد رئيس الفدرالية المغربية لصناعة الأدوية والابتكار الصيدلي، محمد البوحمادي، أن هذه الصناعة المستمرة منذ عقود تتوفر على أعلى معايير الجودة الأوروبية، وأسهمت في القضاء على العديد من الأوبئة.


وتضم المملكة  53 شركة دوائية تتوفر 47 منها على مصنع للإنتاج، مضيفا أن هذه الصناعة تسهم في توفير 55 ألف فرصة عمل، منها 13 ألف فرصة عمل مباشرة، كما أن 99% من الأطر في هذه الشركات مغاربة.

وتسهم الصناعة الدوائية بنسبة 1.5% في الناتج المحلي الإجمالي، و5.2% في الناتج الداخلي الخام الصناعي.


ويعمل القطاع على سد الحاجة على الصعيد الوطني من خلال تصنيع الأدوية محليا بنسـبة تبلـغ 70% من حيـث الحجم و54% من حيث القيمة.


وحسب تقرير مجلس المنافسة، فإن المغرب يستورد النسبة المتبقية من فرنسا تليها ألمانيا وسويسرا ثم إسبانيا وإيطاليا.


ويظل الاتحاد الأوروبي أول مصدر للأدوية نحو المغرب بنسـبة تتعدى 60% من الواردات المغربية، في المقابل تتميز الصين والهند بحصصهما السوقية التي شهدت نموا خلال السنوات الأخيرة، وهما أساسا المواد الخام والأدوية الجنيسة.


ويبلغ حجم إسهام الصناعة الدوائية في الصادرات حوالي 1.3 مليار درهم (أي 122 مليون دولار)، وحسب البوحمادي فإن 90% من الصادرات توجه إلى أفريقيا، بينما يصدر الباقي نحو بلدان الشرق الأوسط وحصة ضعيفة نحو أوروبا.


ويبلغ حجم الاستثمار السنوي 800 مليون درهم (75 مليون دولار)، تذهب في الأدوات الصناعية والابتكار التكنولوجي والجودة والتدريب.


وحسب نتائج الحسابات القومية للمندوبية السامية للتخطيط لسنة 2022، فإن القيمة المضافة لقطاع الصناعة الصيدلية بلغت حوالي 6.6 مليارات درهم سنة 2021 (حوالي 618 مليون دولار).


ويطمح المستثمرون في الصناعة الدوائية إلى تحقيق عدد من النتائج في المستقبل القريب. كما تطمح الدولة  إلى الإسهام في إنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الشاملة عن طريق توفير الأدوية الجنيسة وتحسين الوصول إليها وتشجيع التصنيع المحلي للأدوية.


هذا إضافة إلى جعل “صنع في المغرب” علامة الجودة والقدرة التنافسية والاستدامة، وبرأي البوحمادي فإن هذه العلامة تعد رافعة لتعميق الشراكة الدولية والموقع الإستراتيجي للمغرب على المستوى الإقليمي والجهوي والدولي.


غير أن هذه الصناعة تواجه جملة من التحديات، من بينها بطء الإجراءات الإدارية، وعدم وجود نصوص لتطبيق القوانين والأنظمة المعمول بها، مما يؤثر على مستوى تنافسية الصناعيين على السوق المحلي وسوق التصدير.

هذا إلى جانب ضعف متوسط القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يمكن استدراكه حسب البوحمادي بتعميم التغطية الصحية الشاملة.


يعول الفاعلون في المجال الصحي على هذه المؤسسة من أجل تطوير السياسة الدوائية الوطنية ومواكبة التحولات والتحديات وضمان الاستقلال والسيادة الدوائية للبلاد عن طريق دعم الإنتاج الوطني من الأدوية ودعم تصنيع الأدوية الجنيسة.


المصدر : الجزيرة

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى