تأثير الباطنية في الفلسفة الإسلامية
تعتبر الباطنية؛ فرقةً من فرق الشيعة، ويطلق عليها أيضا لقب؛ القرمطية أو القرامطة والإسماعيلية. وهي مذهب يؤمن حسب تعبيرهم بأن “لكل ظاهر باطنا، والظاهر بمنزلة القشور والباطن بمنزلة اللب المطلوب”. ويعتقد أن لفظة الباطنية ظهرت مع ميمون بن ديصان الأحوازي؛ الذي اختاره جعفر الصادق وصيا على حفيده محمد بن إسماعيل.
كانت الفكرة الرئيسية لعلم الباطن هو معرفة الأبعاد الخفية للدين وتم التكثيف من استعمال الرموز التي حسب اعتقاد الإسماعيليين أظهرت حقائق عميقة لم يتمكن الحواس اوالمنطق من إدراكها.
كانت الوسيلة الرئيسية هي التأويل والذي كان باعتقادهم سوف يرجع بهم إلى لحظة الوحي بالتالي إلى اللوح المحفوظ. حاول الفيلسوف الفرنسي هنري كوربين (1903 – 1978) توضيح فكرة التأويل حيث كان كوربن مهتما بتاريخ ودور الثقافة الشيعية
فقال كوربن ان التأويل يمكن تشبيهه بالتناغم في الموسيقى حيث كان الإسماعيليون يزعمون إنهم قادرون على سماع عدة مستويات عند سماعهم لآية قرآنية وكانوا يحاولون سماع الصدى الفردوسي بالإضافة إلى الكلمات المجردة.
طرح المفكر الإسماعيلي أبو يعقوب السجستاني (توفي عام 971) نظريته حول أفضل وسيلة لمعرفة كينونة وماهية الخالق الا وهي وسيلة نفي النفي، على سبيل المثال يبدأ المرء بالقول إن الله ليس كينونة وإن الله ليس بعالم كل شيء ثم يبدأ المرحلة الثانية وهي نفي هذا النفي بقول ان الله ليس كينونة، وإن الله ليس ليس بعالم كل شيء. كانت الفكرة الرئيسية من هذا الطرح هو محاولة إظهار ان اللغة الإنسانية غير قادرة على وصف طبيعة الخالق.
بعد السجستاني حاول المفكر الإسماعيلي حميد الدين كرماني (توفي عام 1020) يوضح أهمية إسلوب نفي النفي في بعث الطمأنينة الداخلية إذا تم استعمالها بحكمة وإنها ليست عبارة عن خداع عقلي بل محاولة لتنوير الباطن.
من الجدير بالذكر ان فلسفة نفي النفي يتم استعمالها بكثافة لحد هذا اليوم وخاصة في مجال البحوث الإحصائية العلمية حيث يبدأ الفرضية عادة بنفي ثم يتم نفي هذا النفي، على سبيل المثال يبدأ باحث ما بدراسة علاقة التدخين بالسرطان فيبدأ من فرضية انه لاعلاقة بين التدخين السرطان، وتدريجيا من خلال الأرقام والأحصاءات يتم نفي هذا النفي.
كانت لمدرسة الفكر الباطني والفكر الإسماعيلي؛ أعظم الأثر في نشوء حركة إخوان الصفا الفلسفية لاحقا.