الفلسفة الإسلامية - خلاصات مُركزة جدا

مدرسة “الحكمة المتعالية” وكتاب “الحروف”

  • مدرسة الحكمة المتعالية

قام صدر الدين الشيرازي المعروف بصدر المتألهين الشيرازي بإحداث تغيير جوهري في “الفلسفة الإسلامية”، وذلك من خلال إحداثه لمدرسته الفلسفية المسمّاة: الحكمة المتعالية.

وقد أضاف عددا كبيرا من المسائل الفلسفية، كما أنّه حاول تطبيق النظريات الفلسفية مع النصوص الدينية (أي الآيات القرآنية والروايات الشريفة).


  • كتاب الحروف

يحتل كتاب الحروف للفارابي أهمية خاصة بين أعماله ويعتبر الكتاب بحثا في الفلسفة الأولى، إضافة إلى نقاش علماء اللغة والكلام حول الكثير من الإشكاليات التي كانت تتعلق أساسا بعلاقة اللغة والمنطق وإشكالية اللفظ/المعنى عن طريق محاولة استنتاجية منطقية لتأسيس مفهوم الكلي وتشريع دور المنطق في البيئة الإسلامية التي كانت رافضة لها.

يحاول الفارابي بداية شرح كيفية تكون المعرفة بدءا من الإحساس فالتجربة فالتذكر فالفكرة من ثم نشأة العلوم العملية والنظرية. وبين الفكرة ونشأة العلوم يضع الفارابي مرحلة نشوء اللغة : فبعد تولد الفكرة عند الإنسان تأتي الإشارة ثم التصويت (إخراج أصوات معينة) ومن تطور الأصوات تنشأ الحروف والألفاظ (و يختلف النطق حسب الجماعات البشرية وفيزيولوجيتها وبيئتها) وهكذا تتشكل الألفاظ والكلمات : المحسوس أولا ثم صورته في الذهن ثم اللفظ المعبر عنه.


في مرحلة لاحقة تتكون العبارات والتعابير من دمج الكلمات والألفاظ لتعبر ليس فقط عن الأسياء بل عن العلاقات التي تربط بينها. الفارابي هنا يستخدم أسلوب برهانيا ليحدد العلاقة بين اللفظ والمعنى ويقرر أسبقية المعنى على اللفظ (مخالف بذلك لمدرسة أهل الكلام الذين يعطون الأسبقية للفظ على المعنى).


وبنفس السياق أيضا يقرر أن نظام الألفاظ (اللغة) هي محاولة لمحاكاة نظام الأفكار (في الذهن) وما نظام الأفكار في الذهن إلا محاولة لمحاكاة نظام الطبيعة في الخارج من علاقات بين الأشياء الفيزيائية المحسوسة.


إضافة إلى ذلك فقد تقرر نتيجة تحليل الفارابي أن هناك نظامين : نظام للألفاظ يحاول محاكاة ترتيب العلاقة بين المعاني في النفس، ونظام آخر مستقل للمفهومات والمعقولات تحاول محاكاة ترتيب الأشياء الحسية في الخارج الفيزيائي.


ومن هنا ضرورة وجود علمين : علوم اللغة أو علم اللسان الذي يعنى بصر ألفاظ اللغة وعلاقاتها مع مدلولاتها ومعانيها. وعلم المنطق الذي يعنى بترتيب العقل للمفاهيم وطرق الاستنتاج السليم للقضايا من البدهيات أي قواعد التفكير السليم.


يلي ذلك حسب ترتيب الفارابي مرحلة جمع اللغة وصون الألفاظ من الدخيل والغريب ثم تقنين اللغة عن طريق وضع القواعد التي تضبط طريقة كتابتها ونطقها (نشأة علوم النحو)، وهكذا تتطور ما يمكن تسميته بالعلوم العامية.


يترافق ذلك مع تطور للعلوم العملية من قياس وتقنية، ومن ثم سيتلو ذلك نشأة العلوم القياسية التي تعرف بالعلوم الطبيعية، هي العلوم بحق ضمن المفهوم الأرسطي الذي يتبناه الفارابي أيضا أي علوم الرياضيات والمنطق ولأسلوب القياسي الاستنتاجي.


فتتميز الطرق الاستدلالية : الخطبية والجدلية والسفسطائية والاللهمية (الرياضية) وأخيرا البرهانية ويتضح أن المعرفة اليقينية تنحصر في الطرق البرهانية، وهكذا تتشكل (الفلسفة) ليليها بعد الذلك نشأة (الشريعة) أو الدين أو بمصطلح الفارابي (الملة) فحسب الفارابي : الفلسفة يجب أن تسبق الملة وما الملة (الشريعة) إلا وسائل خطبية للجمهور والعوام لنقل الحقائق التي نتوصل لها عن طريق الفلسفة.


لكن في بعض الحالات (و يقصد هنا حالة الأمة الإسلامية) لا تتشكل الفلسفة في مرحلة مبكرة بل يتشكل الدين بشكل مسبق ومن هنا يحصل التعارض بين تأويلات الدين وتاوبلات الفلسفة وواجب الفلاسفة تبيين الحقائق بحيث يبدو ما تقرره الملة ليس إلا مجرد مثالات لما تقرره الفلسفة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى