إسهامات “الرازي” في الفلسفة الإسلامية
تميز الجيل الذي ظهر بعد الكندي بصفة أكثر حزما وراديكالية، فكان أبو بكر الرازي (864 – 923) الذي وصف بكونه ذو تيار فكري رافض لإقحام الدين في شؤون العقل، ورافض في نفس الوقت لنظرة أرسطو للميتافيزيقيا، وكان فكره أقرب إلى الغنوصية أو (العارفية).
حيث قال الرازي إن من المستحيل أن يكون منشأ المادة عبارة عن كينونة روحية، ورفض أيضا فكرة ونظرية علماء الكلام عن الوحي والنبوة.
كان الرازي مقتنعا أن التحليل العقلي والمنطقي؛ هو الطريقة الوحيدة للوصول إلى المعرفة، وعليه؛ فإن الكثير من المؤرخين لا يعتبرون الرازي مسلما بالمعنى التقليدي للمسلم، ويرى الكثيرون أنه كان الانعطافة الحقيقية الأولى نحو الفلسفة والفيلسوف كما كان يعرف في الحضارة اليونانية.
كان الرازي طبيبا بارعا ومديرا لمستشفى في الري في إيران، وكان جريئا في مناقشة التيار الفكري الذي سبقه، وكان مؤمنا بأن الفيلسوف الحقيقي لايستند على تقاليد دينية، بل يجب عليه التفكير بمنآى عن تأثير الدين، وكان مقتنعا كذلك بأن الاعتماد على الدين غير مثمر لاختلاف الأديان في وجهات النظر حول الخلق وماهية الحقيقة.
أكبر نقد تم توجيهه إلى الرازي كان نقدا عميقا جدا بالرغم من بساطته، القائل بإذا كانت الفلسفة الطريقة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة؛ فماذا عن عامة الناس أو الناس البسطاء غير القادرين على التفكير الفلسفي؟؟ هل يعني هذا بأنهم تائهون للابد؟؟
تأتي أهمية هذا النقد بسبب كون الفلسفة في المجتمع الإسلامي ولحد هذا اليوم؛ مرتبطة بطبقة النخبة وباشخاص إتسموا بذكاء عالٍ؛ وهذا كان مناقضا لمفهوم الأمة الإسلامية الواحدة والأفكار الروحية المفهومة من قبل الجميع وليس البعض.