أدب الطفلفكر وفلسفة

تقديم ديكارت وكانط للأطفال

حوار مع: جون بول مونجان Jean-Paul Mongin

أجرت الحوار: إلين فروارد   Hèlène Frouard 

ترجمة: د. أسماء كريم

نشر ُكتبٍ فلسفيَّة؟ هذا هو التَّحدي الذي رفعه جون بول مونجان Jean-Paul Mongin، مؤسّس منشورات الأفلاطُيُّون الصِّغار/Les petits Platons، لأزيد من عشر سنوات.

فمن سقراط يقع في الحب/Socrate est amoureux  لمارتن هايدغر Martin Heidegger، إلى اليوم المجنون للأستاذ كانطLa folle journée du professeur Kant، تفتحُ هذه الكتب الـمُصوَّرة مسارات الفلسفة للأصغر سنًّا.

لقد أسَّستَ دار النَّشر الأفلاطيُّون الصِّغار /Les petits Platons في عام 2010. من أين أتت الفكرة؟

كان مشروعي الأوَّلي هو إنشاء دار نشر فلسفيَّة تركّز على المجال الجرماني، الذي كان تخصُّصي. وأردتُ أنْ أُقدّم إعادة طبعات وترجمات جديدة. ولكن سرعان ما أدركتُ أنَّه كان مستحيلاً من النَّاحيَّة الاقتصاديَّة، بدون الحصول على صندوق قوائم مهم. لذا، قلت لنفسي: ولما لا فلسفة للأطفال؟

في ذاك الوقت، هل كانت هناك مجموعات فلسفيَّة للأطفال؟

أنا أعرف مؤلَّف عالم صوفيLe Monde de Sophie، للنَّرويجي جوستاين غاردر Jotein Gaarder، وقد تُرجم إلى الفرنسيَّة عام 1995. كان مقدّمة للفلسفة في شكل رواية.

واكتشفتُ أنَّ هناك العديد من المقترحات الأخرى: مجموعة “Les Goûters Philo” التي نشرتها ميلان Milan، والتي تناولت الأسئلة الفلسفيَّة بطريقة تعتمد الموضوعات: على سبيل المثال؛ الحب، والصداقة، والطَّاعة، والعصيان.

وأفكّر كذلك في مجموعة جيّدة جدًّا في كاليمار Gallimard، وللأسف توقَّفتْ منذ ذلك الحين، و”التَّفكير الرَّائع!”/”Chouette! Penser“، من إنتاج الفيلسوفة مريم ريفولت دالونس Myraim Revault d’Allonnes. وكان هناك، بطبيعة الحال، إنتاج “شبه-تربوي” للمُدرِّسين.

وبالتالي فقد كانت هناك مجموعة جاهزة، لكنَّنا جلبنا شيئًا مميَّزًا، وهو السَّماح للأطفال بمقابلة الفلاسفة أنفسهم: كان مشروعي هو سردُ تاريخ الفلسفة في الكتب الـمُصوَّرة من خلال الخيالات التي طوَّرها الفلاسفة، ابتداءً من الأساطير الأفلاطونيَّة العظيمة، وُصولاً إلى التَّجارب الفكريَّة للمؤلّفين المعاصرين.

  • مَنْ هُم قُرَّاؤُك؟

المجموعة الرَّئيسيَّة “Les petits Platons” مُوجَّهة للقرَّاء ابتداءً من سنّ التاسعة والعشر سنوات. والرُّدود التي نحصل عليها تُبيّن أنَّ الأطفال يقرؤونها ويقدّرونها، ويوظِّفونها أحيانًا داخل الفصل مع مُدرِّسيهم. لكن خصوصيَّة هذه الكتب، من خلال شكلها التَّحريري والأدبي،

هي قدرتها على جذب القرَّاء من جميع الفئات العُمريَّة: الكبار الذين يريدون إنعاش ذاكرتهم بمؤلِّفٍ، أو الذين يشترونها لطفلٍ، ولكنَّهم يقولون إنَّهم سوف يقرؤونها بأنفسهم أوَّلاً، وحتى الفلاسفة المحترفون الذين يجدون فيها إشارة فيما يتَّصل بعمل ما.

على أيّ حال، فمن المؤكَّد أنَّ الـمُشترين لدينا هم من فئة البالغين فقط. لم يسبق لي أن رأيتُ طفلاً يأتي إلى معرض الكتاب ويقول لي: “آه! كتاب عن كيركغارد Kierkegaard، رائع، لقد كنتُ أنتظر هذا لفترة طويلة”. في النهاية، أعتقد أنَّ الأطفال يشكّلون حوالي ثلثي قرَّائنا.

  • لا تنشر إلَّا القليل: حوالي أربعين عنوانًا في غضون عشر سنوات. كيف تختار الفلاسفة الذين ستنشر لهم؟

أنا كتبتُ شخصيًّا العناوين الأولى: وكانتْ مُركَّزة على الفلاسفة الذين كنتُ أعرف أنَّهم أقلُّ ضررًا مثل كانط Kant وليبنز Leibniz وديكارت Descartes…وغيرهم. ثم تواصلتُ مع المؤلّفين والفلاسفة الذي أعرفهم، والذين لديهم كفاءة في الفلسفة، والذين اعتقدتُ أنَّ بإمكانهم الانتقال إلى السَّرد.

وهذا هو الحال على سبيل المثال بالنسبة لأوليفيي أبيل Olivier Abel، الذي كان سكرتير بول ريكور Paul Ricoeur، والذي كتب منشورًا جميلاً جدًّا لـ “petit Platons” حول مسألة الرّضا عند هذا المؤلِّف. واليوم، يتم تنفيذُ الكثير من المشاريع نتيجةَ لقاءات أو المقترحات التي نتلقَّاها.

علاوة على ذلك، نحن ندعّم المؤلّفين كثيرًا، والولادة تكون أحيانًا مؤلمة! ولا يقتصر الأمر فقط على أن يكون الشَّخص مؤهَّلاً من النَّاحيَّة الفلسفيَّة ليكتب في المجموعة، ولكن أن يتمكَّن من تقديم فكرة في قصَّة، وأن يُطابق تطوّرُ قصَّته تطوُّرَ المفهوم. وهذا يفسِّر سبب وجود الكثير من النصوص في الصَّناديق، والتي لم تُوت ثمارها أبدًا.

وفي بعض الأحيان تكون النصوص مُغريَّة، ولكنها لا تكون صالحةً من وجهة النظر الأدبيَّة، وأحيانًا يكون النَّص جيّدًا جدًّا، ولكنَّه لا يتوافق مع سياستنا الأدبيَّة. أعتقد أنَّه يجب أن ننشئ مجموعة من مقبرة “petits Platons” هذه.

  • ما هو نموذج عملك؟

يعتمد نموذجنا اعتمادًا كبيرًا على التَّنازل عن الحقوق للخارج. وتجدر الإشارة أنَّ فرنسا بلدٌ رائدٌ في مجال أدب الأطفال. وأنَّ الكتب الفرنسيَّة غالبًا ما تُتَرجم في الخارج. وهكذا، يشتري النَّاشرون الشُّركاء مسبقًا منشورات “petits Platons“، وغالبًا ما يتم ذلك بمساعدة من المعاهد الفرنسيَّة في مجالي التَّرجمة والنَّشر.

وهذا يسمح للأسواق الصغيرة من ألبانيا Albanie وليتوانيا Lituanie بطباعة 500 أو 1000 نسخة، عن طريق تخفيض قيمة تكاليفها الثَّابتة. ومن جانبنا، تغطّي هذه التَّحويلات تكاليف رسومات وطباعة…منشوراتنا.  في المجموع، توجد الآن مجموعة “les petits Platons” في ستّ وعشرين لغة، وقد نشرنا للتَّو كتابًا أوَّل باللغة اللَّاتينيَّة!

لقد قمنا كذلك بتطوير أوراش عمل الفلسفة، والتي تقوم بتوسيع نطاق عملنا في مجال النَّشر. وتُعقدُ هذه الحلقات الدّراسيَّة في المدارس، وكذا المستشفيات ومراكز الاعتقال، إلخ. وأنا مقتنع بأنَّه من المهم جدًّا تجسيد الخطاب الفلسفي بهذه الطَّريقة الحيويَّة.

وعلاوة على ذلك، أنشأتْ إصدارات ” les petits Platons ” مع جامعة نيس-كوتي دازور Nice-Coté d’Azur شهادة جامعيَّة، خبير الفلسفةProPhilia، تُكوِّن المشاركين في ممارسات الانتشار الفلسفي هذه. وسننشر قريبًا في هذا السّياق: دليل ورشة عمل فلسفيَّة/ Guide de l’atelier philosophique.

المصدر: مجلة العلوم الإنسانية الفرنسية، Sciences Humaines، عدد:343 يناير 2022، ص:8-9

مجلة فكر الثقافية.

أسماء كريم

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى