“بطل الأقليات” يفوز بجائزة الخيال الأيرلندي
في عام 2015، أطلق مجلس الفنون في أيرلندا جائزة للخيال تهدف إلى تشجيع جيل جديد من الكتاب، والترويج للأدب الأيرلندي على الصعيدين الوطني والدولي، بالإضافة إلى تثقيف العامة عن طريق قراءة الكتب والروايات. تمنح هذه الجائزة لأبرز كتاب أيرلندا على مدى ثلاث سنوات يقوم خلالها بتنشيط الوعي الثقافي من خلال تقديم محاضرات عن الإبداع والابتكار الفني للشباب في الجامعات، الذين يبحثون عن مساعدات في الكتابة فضلًا عن مشاركته في العديد من الأحداث العامة في البلاد مقابل راتب قدره 50 ألف يورو.
تولت هذا الدور لأول مرة الكاتبة والناقدة المتميزة آن إنرايت في الفترة من (2015 ـ 2018). فازت إنرايت بجائزة البوكر العالمية عن روايتها “الاجتماع/ The Gathering”، وهو العمل الوحيد الذي ترجم لها إلى العربية. وتبعها سيباستيان باري؛ أول روائي يفوز بجائرة “كوستا” المرموقة مرتين ليضطلع بهذا الدور في فبراير/ شباط 2018. وفي هذا العام 2022، تم اختيار كولم تويبين ليكون الفائز الجديد عن الرواية الأيرلندية، خلفًا لسيباستيان باري.
- “بطل الأقليات”
ولد تويبين في 30 مايو/ أيار 1955 في قرية إينيسكورثي، وتلقى تعليمه في جامعة دبلن. عاش في كاتالونيا لسنوات عدة قبل أن يعود إلى دبلن ليعمل في الصحافة، ويصبح محررًا لمجلة “ماجيل” عام 1982. في عام 1987، حصل على منحة من مجلس الفنون لدعم كتاباته المبكرة.
إلى جانب الصحافة، يكتب تويبين القصة والرواية والمسرحية والشعر، ويحاضر في جامعات عدة. لقبته ماري كلوك مديرة مجلس الآداب الأيرلندي بـ”بطل الأقليات” عقب حصوله على جائزة “بِن” عام 2011 عن مساهماته الفريدة في الأدب الأيرلندي. وفي العام نفسه، صنفته صحيفة “الأوبزرفر” ضمن ثلاثمئة شخص بريطاني يمثلون “رموزًا عامة تقود مسارنا الثقافي”، على الرغم من كونه أيرلنديًا.
تستكشف أعمال تويبين التي ترجمت إلى ثلاثين لغة عددًا من الموضوعات الرئيسية: تصوير المجتمع الأيرلندي، والعيش في المنفى، وإرث الكاثوليكية، وعملية الإبداع، والحفاظ على الهوية الشخصية، والذكورة، والأبوة، والمثلية، والهوية الشخصية حين تقف وجهًا لوجه أمام الخسائر.
في معظم أعماله، حرص تويبين على توظيف إنيسكورثي؛ المدينة التي ولد فيها، كمادة سردية، جنبًا إلى جنب مع تاريخ بلده، وموت والده، وبعضًا من سيرته الذاتية، كما نجد في رواياته “وكسفورد”، “نبات الخلنج المتوهج” و”منارة بلاك ووتر”.
كتب تويبين عن المثلية أيضًا في روايات عدة، وفي مجموعة من المقالات بعنوان “الحب في عصر مظلم: حياة المثليين منذ وايلد حتى ألمودوفار” عام 2002. إلا أن روايته “بروكلين” احتوت على مشهد جنسي مغاير لهذا التوجه، حيث قام بتقديم بطلة تفقد عذريتها.
في مجموعة مقالاته الصادرة عام 2012: “طرق جديدة لقتل أمك: الكتاب وعائلاتهم”، تناول السير الذاتية لكل من جيمس بالدوين، وجي إم سينج، ودبليو بي ييتس، من بين آخرين. وتمثل روايته الخامسة التي حملت عنوان” السيد” تصويرًا لأجزاء من حياة الكاتب الشهير هنري جيمس.
كتب أيضًا عددًا من كتب الرحلات مثل: “الدم الفاسد: نزهة على طول الحدود الأيرلندية” (1987)؛ “تحية لبرشلونة” (1990)، “علامة الصليب: رحلات في أوروبا الكاثوليكية” (1984). كما نشر مجموعتين من القصص القصيرة، أولها” أمهات وأبناء”، التي فازت بجائزة إيدج هيل، وهي، كما يقترح العنوان، تعالج العلاقات بين الأمهات وأبنائهن، والثانية بعنوان” العائلة الحمقاء” وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة فرانك أوكونور الدولية للقصة القصيرة عام 2011.
- رجل الأدب الحقيقي
تم اختيار الحائز على الجائزة بعد دعوة مكثفة للترشيحات في يونيو/ حزيران 2021، وعملية اختيار صارمة، توجت بعمل لجنة اختيار دولية برئاسة البروفيسور كيفن رافتر، رئيس مجلس الفنون الذي وصف تويبين بأنه واحد من أفضل “كتابنا” الذين “يتمتعون بسمعة دولية معترف بها.
فقد حصدت رواياته العديد من الجوائز، منها جائزة إنكور، وجائزة دبلن، وجائزة التايمز، وجائزة ديفيد كوهين، وجائزة هوثورندن، واستقبلت بحفاوة شديدة، ليس من النقاد فحسب، بل من القراء الذين أحبوها أيضًا، ونحن على يقين من أنه سيضيف بفكره الهائل وطاقته اللامتناهية وتعاطفه إلى الدور الذي اختير له”.
وصفته أيضًا إليانور واتشتيل، الناقدة الكندية التي كانت في لجنة الاختيار، بأنه “رجل الأدب الحقيقي… لقد كنت أتابع أعماله منذ ما يقرب من 30 عامًا، وأعجبني منذ فترة طويلة بذكائه وسعة معرفته وخفة دمه وتعاطفه”.
رداً على التكريم، قال تويبين: “يشرفني الحصول على الجائزة، وتولي هذا المنصب خلفًا لآن إنرايت، وسيباستيان باري. سأفعل ما في وسعي للعمل مع مجتمع من القراء حتى يستمر الخيال في إثراء حياتنا، ويسمح لنا برؤية العالم بشكل أكثر وضوحًا، أو بتعميق إحساسنا بالغموض. سأعمل أيضًا مع زملائي الكتاب والكتاب الطموحين لتعزيز الدور الذي تلعبه الروايات والقصص في الحياة الأيرلندية”.
لم يقتصر الدور الذي لعبته القصص والروايات على الحياة الأيرلندية وحدها، بل بالأحرى، امتد إلى الأدب العالمي، وأسهم في ازدهاره. نذكر من هذه الأعمال “رحلات غوليفر” لجوناثان سويفت، “صورة دوريان غراي” لأوسكار وايلد، “بجماليون” لبرنارد شو، “عوليس” لجيمس جويس، و”في انتظار جودو” لصمويل بيكيت.
ولعل من الملاحظ في الأدب الأيرلندي، بصورة خاصة، استخدامه البارع للغة، ومزج الواقعية بالخيال. من بين كتابه المعروفين في القرن الواحد والعشرين، كولوم مكّان، ورودي دويل، وسباستيان باري، وكولم تويبين، وجون بانفيل. أما من الكتاب الشباب فقد برز منهم بول موراي، وكيفن باري، وإيما دونوغيو، ودونال ريان، والكاتب المسرحي، مارتن مكدوناه.
- أن تكون قارئًا في أيرلندا
من ضمن برنامجه في إثراء الحياة الثقافية في أيرلندا، سيركز تويبين على “فن القراءة”، فقد تم تصميم الجائزة بحيث يقوم الفائز بتحديد خططه وأولوياته، وذلك بدعم من المجلس الفني، وبالشراكة مع مكتبات أيرلندا، ويحضر نادي القراءة الشهري الذي يقام في المكتبات في جميع أنحاء البلاد، ويتم بثه للقراء في الخميس الأخير من كل شهر.
ومن ثم سيستضيف تويبين نادي “فن القراءة” على مدار العام، ليناقش مجموعة مختارة من الكتب، مع تسليط الضوء على الكتابة الأيرلندية المتميزة، والاحتفاء بالقراء، ونوادي الكتاب. وقد ينضم إليه في بعض الأحيان الكتاب المتميزون لإجراء مناقشة حول كتبهم.
ستقام أول فاعلية لنادي الكتاب عبر الإنترنت يوم الخميس 24 فبراير/ شباط. وفيها سيجري تويبين محادثة مع كلير كيجان حول كتابها الأخير “أشياء صغيرة مثل هذه”.
يقول تويبين “من المثير للغاية أن تكون قارئًا في أيرلندا. يبدو الأمر كما لو أنه لا يزال هناك أشياء في أيرلندا يمكن القول بأن لا أحد وجد طريقة لقولها بعد، ويبدو الأمر كما لو أن الكتاب يرفعون الأعلام، والرايات الكبيرة، على مكان ما، بسبب إحساس، أو قصة لم يتم حكيها بعد، أو تحتاج إلى إصدار جديد”.