رواد الأعمال المخضرمون
إن الوصول إلى المليون الأول هو الأصعب، بينما الملايين التالية عادة تأتي بسهولة أكبر
من الشائع بين رواد الأعمال المخضـرمين مقــولة إن الوصول إلى المليون الأول هو الأصعب، بينما الملايين التالية عادة تأتي بسهـولة أكبر. بالطبع الكلام هنا عن المليون الأول الذي يأتي من خلال تأسيس الشركات أو الأعمال التجارية عموما، وليس الذي يأتي من خلال إرث مفاجئ أو الزواج بطرف ثري أو بيع العقارات والأراضي. المليـون الأول الصعب المليء بالعرق والكفاح الذي يستهدفه رائد الأعمال العصـامي الذي يبدأ من الصفر.
عندما التحق إدوارد سافيرين ساغا بجامعة هارفارد، أوقعته الأقدار مع زميل له يُسمى “مارك زوكربيرغ”، لاحظ كلاهما إمكـانية بناء شبكة اجتماعية محدودة لتلاميذ الجامعة، وقررا في العام 2004 البدء في إنشاء هذا الموقع الذي أطلقا عليه اسم “The Facebook”.
كان زوكـربيرغ هو المؤسس، بينما كان إدوارد سافيرين أحد المؤسسين المساعدين (Co – Founder) الذين ساهموا في إطلاق الموقع منذ بدايته، وعمل على الجانب المالي للمشروع.
بعد عام واحد فقط، طُرد سافرين من المشروع كله بعد أن وقعت مشاكل عنيفة بينه وبين الفريق التأسيسي الأول للشركة، قام على أثرها مارك زوكربيرغ بتجميد حصته ثم طرده من الشركة، والتي تم تجسيدها على أوضح ما يكون في فيلم “الشبكة الاجتماعية” (The Social Network)، بل واعتبر البعض هذه الحادثة تحديدا -طرد سافرين من الشركة- هي الأساس الذي قامت عليه قصة الفيلم.
بقدوم العام 2008، وبعد أربع سنوات فقط من إطلاق مشروع فيسبوك وصل مارك زوكـربيرغ إلى عالم المليارديات، وتم إدراجه في فوربس في لائحة أصحاب الثروة المليارية. وبعد عشـر سنوات من دخوله نادي المليار الأول، وبقدوم العام 2018 تُقدّر ثـروة زوكـربيرغ بنحو 65 مليار دولار.
أما الشريك المطـرود سافرين الذي لم يعمل فعليا في فيسبوك لأكثر من عام، لكنه استمر يملك حصة ضئيلة للغاية من الشركة، هذه الحصة التي تُرجمت إلى مليار دولار بحلول العام 2010، ارتفعت لتصل إلى 9 مليارات دولار بحلول العام 2018. ثـروة هائلة كوّنها من وراء انضمـامه لتأسيس شركة ناشئة مجهولة أثناء الجامعة في العام 2004، ولم يستمر عمله فيها لأكثر من عام واحد!
- رجل الأعمال الأميركي الشهير “مارك كيوبان”
رجل الأعمال الأميـركي الشهيـر “مارك كيوبان” الذي ذاع صيته بشكل كبير مع انطلاق برنامج المسابقات الريادي “شارك تانك” (Shark Tank) منذ عدة سنوات، كان له باع طويل في عالم الأعمال والريادة يعود إلى الثمانينيات، بعد أن عمل في مجموعة من المهن البسيطة، انتهت به إلى تأسيس شركة “مايكـرو سولوشنز” (Micro solutions) التي باعها لاحقا بعدة ملايين.
كوبان دخل عالم المليونيرات مبكـرا، لكنه لم يصـل إلى تسعة الأصفـار إلا بقدوم العام 1999، عندما قامت شركة “ياهــو!” -التي كانت تهيمن بشكل كامل على عالم الإنترنت في تلك الفتـرة- بالاستحواذ على شركته “Broadcast.com” التي أسسها في منتصف التسعينيات للاستفادة من التنامي السريع للشبكة العنكبـوتية. “ياهو!” قامت بشراء شركته بصفقة كبيـرة جدا قُدّرت بـ 5.7 مليار دولار، أدى ذلك إلى دخوله عالم المليـارديرات من أوسع أبوابه في تلك الفتـرة بثـروة صافي أرباحها يتجاوز المليـار ونصف دولار في تلك الفتـرة.
كانت هذه الصفقــة -صفقة استحواذ “ياهو” على برودكاست في نهاية التسعينيات- أكبر استحواذ قامت بها “ياهو” في تاريخها، والطريف أن “ياهو!” نفسها تم بيعها بالكامل إلى فيرايزون بقيمة 4.8 مليار دولار في العام 2017، أي بمبلغ أقل من إحدى صفقاتها التي عقدتها في التسعينيات.
عندما بدأ رائد الأعمال الأميـركي إيفان شبيغل برفقة شريكـه بوبي مورفي تأسيس شركتهما الناشئة “سناب شات” (Snap Chat) في العام 2011، كان هذا التطبيق بناء على فكـرة بسيطة في تبادل الصور والمقاطع التي يمكن أن تختفي من جهاز المُستلم ومن الخوادم الخاصة للتطبيق أيضا بعد فترة.
الأمر لم يستغرق أكثر من عامين اثنين، حتى بدأت المليارات تدق أبواب الشريكيـن بأكبر عروض ممكنة.
في 2013، تقدمت فيسبوك بعرض استحواذ على الشركة بقيمة 3 مليارات دولار، إلا أن العرض قوبل بالرفض من قِبل المؤسسين باعتبار أن قيمة التطبيق أكثر من ذلك بكثير. بعدها بفتـرة وجيزة تقدمت غوغل بعرض استحواذ أكبر قيمته 4 مليارات دولار، إلا أنه قوبل بالرفض أيضا.
بقدوم العام 2014، كان سناب شات قد توسّع عالميا بشكل كبير جعــل قيمة الأسهم التي يملكها الشريكان تدخلهما إلى نادي المليـارديرات بعد 3 أعوام فقط من العمل على التطبيق، وتصاعدت ثروتهما لتلامس سقف ثلاثة المليـارات دولار خلال العام 2018 .
عندما أتمّ رائد الأعمـال الأميـركي الجنسية، فرنسي النشأة، إيـراني الأصل، “بييري أوميديار” عامه الثامن والعشـرين، ومع اندفاع العالم كله إلى تأسيس الشركات الرقمية التي تعتمد على خدمة الإنترنت المتعاظمة وقتها، قرر إطـلاق شركة “eBay” في العام 1995 لتوفيـر وسيلة للبيع والشراء عبر الإنترنت.
كـان أول مُنتج تم بيعــه عبر الموقع هو مؤشّــر ليزر مكســور بثمن بخس.
بعد ثلاث سنوات من هذه اللحظة، وبقدوم العام 1998 تم تحويل الشركة إلى شركة عامة في سوق الأسهم بسعر 18 دولارا للسهم الواحد، ليرتفع السعــر بعد 3 أشهـر فقط إلى 300 دولار، لتتحول “إيبــاي” لواحدة من أضخم الشركات التقنيـة في عالم الإنترنت، وليدخل بيير أوميديار عالم المليـارديرات سريعا بعد عمل مدته 3 سنوات فقط.
اليوم تبلغ ثــروة أوميديار نحو 11 مليار دولار، ويحتل مكانه الدائم في قائمة أثرى أثرياء العالم سنويا.
في العام 1994، قرر الموظف صاحب المسيرة البنكيـة والاستثمـارية المميزة “جيف بيزوس” التخلي عن وظيفته المريحـة، وأن يبدأ بنفسه في تأسيس شركة ناشئـة مستغلا حالة النشاط الهائل لاستغلال شبكة الإنترنت التي كانت تتمدد بشكل سريع سنويا في تلك الفتـرة.
كان مشـروعه بسيطا للغاية، وهو إنشاء متجر إلكتـروني لبيع الكتب أطلق عليه اسم “أمازون دوت كوم”.
بعد عدة سنوات، وبالتحديد بعد مرور 4 سنوات من لحظـة إطلاق المتجر أونلاين، وبقدوم العام 1998، كان جيف بيزوس يحجز مكانه في قائمة فوربس لمليارديرات العالم بثـروة تُقدّر بنحو مليار دولار، على الرغم من أن اسم “أمازون” لم يكد في تلك الفتــرة يعتبر لاعبا كبيرا كما حدث في السنوات التالية.
بدخول الألفيـة الجديدة، توسّعت أمازون بشكل هائل لتتجاوز بيع الكتب وتتحول إلى أكبر متجر إلكتروني للتجارة بالتجزئة في العالم، والمحتكـر الأول والأكبر لهذه الصنـاعة عالميا، حيث استحوذت على عشرات الشركات الإقليمية التي تعمل في مجال البيع الإلكتروني.
في العام 2018، ارتفعت ثــروة جيف بيزوس لتصل إلى 164 مليار دولار وهو الرقم الذي لا يجعله فقط أثرى أثرياء العالم حاليا، وإنما يعتبر أيضا أثرى شخص في التاريخ.
ربما يعتبــر المستثمـر الأميـركي “جاي إس ووكــر” (Jay S Walker) هو أسـرع شخص ينضم إلى نادي المليـارديرات في زمن قياسي يُقدّر بنحو عام واحد فقط.
على مدار عدة سنوات أنشأ جاي ووكر عدة شركات في مجالات مختلفة وحقق نجاحات ملحوظة، إلا أن القفــزة الكبرى التي حققها كانت عبر تأسيس موقع “برايس لاين” (Priceline.com) المتخصص في خدمات السياحة وتوفير أسعار التذاكـر والفنادق بشكل مخفّض.
الموقع أُطلق في العام 1998، وكان يقدم خدمة جديدة وبشكل مختلف في تلك الفترة.
فقط بعد مرور 3 أشهـر من إطلاق الموقع استطاع الموقع تأمين عمليات بيع وشراء بأعداد هائلة، وهو الأمر الذي جعل الشركة في العام 1999 تتحول إلى شركة عامة، وتقفز ثــروة جاي ووكـر بشكل قياسي لتجاوز المليـار دولار في فتــرة لم تتجاوز العام الواحد فقط.
ومع ذلك، لم يستمر وجود جاي ووكـر في قائمة المليارديرات سوى وقت بسيط جدا، فبعد تحول الشركة إلى شركة عامة، تعرّضت “برايس لاين” للانهيار هي الأخرى مع عدد كبير من الشركات التقنيـة وقتئذ فيما يسمّى “فقـاعة الدوت كوم” (Dot com Burst) التي أدّت إلى سقوط العديد من الشركات. في العام 2000،
تخلى جاي ووكر عن منصبه في الشركة، ولاحقا قام ببيع أسهمه فيها مقابل 425 مليون دولار، مما أعاده مرة أخرى إلى عالم مئات الملايين وليس المليارديرات.