عزاءات الفلسفة كيف تساعدنا الفلسفة في حياتنا اليومية؟
الكتاب: “عزاءات الفلسفة؛ كيف تساعدنا الفلسفة في الحياة”
المؤلف: آلان دو بوتون
المترجم: يزن الحاج
الناشر: دار التنوير للطباعة والنشر
تاريخ النشر: 2016
عدد الصفحات: 320 صفحة
الفلسفة لفظ معرّب، و(فيلوصوفيا) تعني الراغب في الحكمة والطالب لها. وتعرّف الفلسفة بأنها النزوع الدائم نحو المعرفة.
يتطرّق كتاب “عزاءات الفلسفة” إلى أحد جوانب الفلسفة، وهو العزاء والتسرية، وإلى أيّ مدى يمكن أن تساعدنا الفلسفة في فهم أنفسنا، وفهم حياتنا، وتغيّرها نحو الأفضل.
الكتاب لطيف، سهل المأخذ، ويميل ليكون كتابًا في التنمية الذاتية، ويمكن لمن لديه أبسط خلفية عن الفلسفة أن يفهم هذا الكتاب، وأما من لديه خلفية لا بأس بها فلن يجد فيه جديدًا. وربما يجده مخيًّبًا للآمال.
ينتقي المؤلف ستة فلاسفة كبار، من بين مئات الفلاسفة الذين تتابعوا عبر العصور، وكان لبعضهم نظريات ومشاريع فلسفية خالدة أثرت في طرائق التفكير، والمناهج العلمية، وشملت مناحي الحياة والبشر والخلق والكينونة والموجودات. ليستلهم من منثور حِكَمِهم دروسًا حيّة، من شأنها أن تخفف عنا وطأة الحياة، ويسلط الضوء على أبرز ما تميّزت به فلسفة كل واحد منهم، ويتناولها بالعرض والتحليل. وقد برع الكاتب في اختيار الاقتباسات والمقولات الفلسفية التي تخدم جانب العزاء المراد بالدراسة.
ومما يؤخذ على الكتاب عدم تسلسل أفكاره، واستطراداته الطويلة المملة، وعدم انتظامه في منهجية واحدة، فيبدو أسلوب الكاتب في بعض المباحث مزعجًا ومشتتًا للقارئ، حتى مع تكرار القراءة، كما أن اعتماد المؤلف على الرسومات التوضيحية المتناثرة بين فقرات الكتاب زاد من فوضويّته.
يبدأ الكاتب قبل كل عزاء بتقديم نبذة قصيرة عن الفيلسوف، ويجعل من تلك المقدمة مدخلًا لفلسفته المقصودة بالعرض والدراسة.
ولكنه لا يلتزم بهذه المنهجية في كامل كتابه، لذا ليس غريبًا أن نجده يعود مرة أخرى فيقحم الحديث عن حياة الفيلسوف في صلب سطوره الفلسفية، ثم يعاود متابعة موضوعه.
تتمحور فكرة الكتاب الرئيسية حول استنطاق حيوات فلاسفة، ناضلوا في سبيل إنقاذ الشعوب، ودفع بعضهم حياته ثمنًا لمحاربة الجهل والظلم ونشر الحق والسلام.
يجيب الكتاب عن العديد من التساؤلات الوجودية، ومنها: كيف نفكر، وكيف نواجه المصائر البائسة، وكيف نتعامل مع المخاوف والإحباطات، وكيف نستعد ونتهيأ لأسوأ ما يمكن حدوثه، كيف نتلقى الأذى، وكيف نواجه النقد، ونتخطى خيبات الأمل المتكررة، الخسارات، الفقر، الهزائم، انكسارات القلب، المصائب، الأمراض، المنافي، والموت، وغيرها كثير.
وفي السطور القادمة خلاصة لعزاءاتهم الممتدة عبر الأزمنة.
- 1 – سقراط: مخالفة الرأي السائد
كان يرتدي عباءة واحدة طوال العام، ويمشي حافيًا، أسّس مشروعًا فلسفيًّا متينًا، لتحسين حياة الأثينيين، وناضل من أجل الحكمة والفضيلة وتعليم الناس وكان يقول: “إن الحياة الخالية من البحث والتفكير التأملي حياة لا تليق بالإنسان”.
في نهاية المطاف وُجّهت إليه تهمة إفساد الشعب، وحُكِم عليه بالإعدام. ومن خلال قصة محاكمته البطولية والمأساوية الشهيرة، يستخلص الكاتب العزاء حيال سوء فهمنا، والتشكيك في مقاصدنا واتهامنا ونحن في أوج تفكيرنا المنطقي العقلاني السليم بأننا لسنا سوى جهلة مهرطقين.
جميع الأحداث السيئة التي مر بها سقراط عجزت عن تغيير روحه، وطبعه النادر، فظلّ محافظًا على موقفه حتى النهاية، وخلال أسوأ اضطرابات القدر بقي ثابتًا واثقًا رابط الجأش. وحين أظهرت نتائج هيئة المحلفين بأن 56% أساءت فهمه، واعتبرته مذنبًا، لم يُصدم، ولم يسمح لنفسه بأن يذرف دمعة واحدة على مصيره المشؤوم، ولم يزد على أن رد بسخرية: “لم أكن أظن أن الفارق سيكون ضئيلًا إلى هذا الحدّ”. وتجرّع السم ومات بشجاعة.
- من إرث العزاءات السقراطية نتعلم:
– إن ما ينبغي أن يقلقنا ليس عدد الناس الذين يعارضننا، بل مدى قوة الأسباب التي تدفعهم إلى فعل هذا… فنسبة عالية من المجتمع قد تعتبرنا مخطئين، ولكن قبل التخلي عن موقفنا لابد لنا من التدقيق في المنهج الذي توصلوا عبره إلى إطلاق تلك الأحكام علينا..
– أن لا نكترث لكل كلمة قاسية، وملاحظة هازئة توجه إلينا، وأن نطرح على أنفسنا السؤال الأشد عزاء: على أيّ أساس تم توجيه هذا التقريع القاسي؟ ربما تسرع منتقدونا في الحكم علينا تحت تأثير أمزجة عابرة، أو بدافع من الهياج والتحامل، وربما تعجلوا في الحكم دون أن تكون لديهم الخبرة الكافية.
– أن لا نكترث بما يقوله العموم عنا، وأن لا ننصت إلى إملاءات الرأي السائد، ولا نلتفت إلا لما يقوله الخبراء في شؤون العدل والظلم.
مات سقراط مسمومًا وبقيت عزاءاته الفلسفية عونًا تتلوه الشعوب من بعده.
- 2 – أبيقور: اللذة غاية الحياة
قرر في نهاية عشرينياته أن يؤسس فلسفته الخاصة، قيل إنه ألف 300 كتاب في جميع المجالات، ضاع معظمها عبر القرون، ولم يُجمع منها إلا القليل مما تبقى.
– تميزت فلسفته بالتأكيد على أهمية اللذة الحسية، فهو يعشق الطعام الممتاز، ويقول: “منطق وجذر كل خير هو لذة المعدة. حتى الحكمة والثقافة ينبغي إخضاعهما لهذا المبدأ”.
– تتلخص قائمة السعادة الأبيقورية في ثلاثة أشياء: الصداقة، والحرية، والتفكير.
– يرى أبيقور أن امتلاك الصديق الحقيقي أفضل من الثروة بما يمنحه للمرء من السعادة والاحترام: “من بين الأشياء التي تمنحها الحكمة لتساعد المرء على عيش حياة كاملة مليئة بالسعادة، يعتبر امتلاك الأصدقاء أعظمها على الإطلاق”.
– واجب الفلسفة بحسب أبيقور مساعدتنا على تأويل نوبات اليأس والرغبة الغامضة التي تعترينا دون مبررات واضحة.
يعلمنا دائمًا أن نقوم بتطبيق منهج التساؤل: التحليل الواعي، تحليل حالات القلق بشأن المال، المرض، الموت. ما الذي سيحدث لي لو تحقق ما كنت أرغب به؟ وما الذي سيحدث لو لم يتحقق؟
– يقسم أبيقور حاجاتنا إلى ثلاثة أصناف: رغبات طبيعية ولازمة؛ كالأصدقاء، ورغبات طبيعية وغير لازمة كامتلاك منزل كبير. ورغبات غير طبيعية ولا لازمة كالشهرة أو السلطة. فالسعادة بحسبه تعتمد على بعض الأمور السيكولوجية المعقّدة، المستقلة نسبيًّا عن الماديات، باستثناء أولويات الحياة وما يضمن استمرارية العيش.
- 3 – سينيكا: الإحباط هو تعارض أمنية مع واقع قاسٍ
أدرك الفيلسوف سينيكا مبكرًا أن الفلسفة منهج تعليمي يساعد البشر على تجاوز التباين بين الأمنية والواقع. وداعب في فلسفته أحد أكبر مخاوف البشر، كالقلق، والإحباط، والصدمات.
– الفلسفة سر قوة أبيقور وصموده في وجه المحن. “أدين بحياتي للفلسفة، وهذا أقل التزاماتي حيالها”.
– الإحباط مجال واسع، إلا أن ثمة بنية أساسية في قلب كل إحباط: تعارض أمنية مع واقع قاسٍ.
– سنتمكّن من بلوغ الحكمة حين نتعلم ألا نفاقم استعصاء العالم أمامنا من خلال ردود أفعالنا. عبر نوبات الغضب، ورثاء الذات، والسخرية المريرة، والبارانويا.
– من الأفضل تحمل الإحباطات التي هيأنا أنفسنا لها، ومحاولة فهم تلك التي فاجأتنا من دون أن نتمكّن من استيعابها، فدور الفلسفة أن توفق بيننا وبين الأبعاد الفعلية للواقع.
– اعتبر سينيكا أن الغضب نمط من الجنون، ورؤيته تقول: “إن الغضب لا ينجم عن انفجار جامح للمشاعر الانفعالية التي لا يتحمل العقل مسؤوليتها؛ بل عن خطأ بسيط وقابل للتصحيح في التفكير”.
– “بحسب الرؤية السينيكية إن ما يدفعنا إلى الغضب أفكار تفاؤلية على نحو خطير بشأن ماهيّة العالم والناس الآخرين”.
– لا بد من تطويع مقياس توقعاتنا بحيث لا نرفع أصواتنا غضبًا حين تنكسر تلك التوقعات.
– لا بد من تطويع أنفسنا مع اللااكتمالية المتلازمة مع الوجود. وأن نتخلى عن آمالنا الكبيرة حيال الأشياء والناس من حولنا.
– “لا يقوم الحكيم بوضع تفسير خاطئ لكل شيء يصادفه”.
– لتلافي الإحباط لا بد أن نحيط انطباعاتنا الأولى بحاجز حماية، وأن لا نتسرع في التصرف تبعًا للنتائج. وأن نسأل أنفسنا: لو رفض شخص مقابلتنا، أو تجاهل شخص الرد علينا، هل فَعَلَ هذا ليزعجنا بالضرورة؟!
– بشأن الصدمات يرى أن أكثر الأخطار التي تهدد سعادتنا هي أخطار وهمية؛ ولكن هذا لا يمنعنا من توقع كل الاحتمالات والحوادث التي قد تطرأ على الإنسان، وأن نبقي أذهاننا في حالة استعداد، وتهيؤ دائم لوقوع كارثة في أيّ لحظة.
– الطمأنينة قد تكون الترياق الأقسى للقلق. إذ إن توقعاتنا الوردية تترك الشخص القلق غير مهيأ للأسوأ، ويطلب سينيكا منا بحكمة أكبر توقع أن الأمور السيئة قد تحدث؛ ولكنه يضيف أنه من الأرجح أنها لن تكون أسوأ مما توقعنا.
- 4 -مونتين: القراءة مصدر عزاء
ورث عن أبيه قلعة ذات حجارة صفراء، ومزرعة جميلة كبيرة؛ لكنه كان يفضل دائمًا أن يقضي معظم وقته في مكتبته الدائرية المفتوحة على المدى _كما وصفها_ والواقعة في الطابق الثالث من برج بجانب أحد أركان القصر.
يمتلك مونتين مجموعة من سبع وخمسين لوحة لعبارات محفورة مستقاة من الكتب جميعها تشير إلى بعض الملاحظات بشأن منافع امتلاك العقل:
“آمن الفلاسفة القدماء أن باستطاعة قوى عقلنا أن تمدنا بالسعادة. فالعقل يتيح لنا التحكم بأهوائنا، وغرائزنا، ويروّض المطالب الجموحة لأجسادنا. العقل أداة مركبة، مقدسة تمنحنا السيادة على العالم وعلى أنفسنا.
– فلسفته في البحث الفكري تعنى بالدرجة الأولى بقيمة القراءة، وتعتبرها مصدر الراحة الأكبر: “كانت مصدر تعزيتي في عزلتي؛ كانت تريحني من وطأة التبطل الباعث على الاكتئاب ويمكنها – في أي وقت- أن تخلّصني من الرفاق المملّين. وكانت تخفّف نوبات الألم حين لا يكون الألم مستعصيًا أو شديدًا إلى درجة كبيرة. الالتجاء إلى الكتب هو كل ما أحتاج إليه كي أطرد الأفكار الكئيبة”.
– آمن مونتين أن الصداقة مكون جوهري للسعادة، وأنها حدث مميز جدًا لا يحدث إلا مرة كل 300 عام. وأنه لو لم يكن معظم الناس مخيّبين للآمال، لم تكن الصداقة لتكون قيّمة إلى هذا الحد.
- 5 – شوبنهاور: التشاؤم والعزلة عزاء
أعظم التشاؤميين في تاريخ الفلسفة، ورث بعد وفاة والده وهو في السابعة عشرة ثروة تضمن عدم حاجته للعمل أبدًا؛ لكن غرقه في التفكير في البؤس البشري جعله يحيا في قلق دائم. كان كثير النوم، يقضي وقته وحيدًا منعزلاً، قليل الأصدقاء، ويفسر ذلك بأن العبقري قلما يكون اجتماعيًا.
– في التواصل مع الآخرين يتبع سياسة خفض سقف التوقعات لأقصى درجة ممكنة.
“أحيانًا أتحدث إلى الرجال والنساء كما تتحدث البنت الصغيرة إلى دميتها. هي تعرف طبعًا أن الدمية لن تفهمها؛ ولكنها تخلق لنفسها متعة التواصل عبر خِداع ذاتيّ واعٍ ومُبهج”.
– عاب شوبنهاور على الفلاسفة تجاهلهم لمآسي الحب حيث لم يجدوا فيها مادة جديرة بالدراسة، ورأوا أنه من الأفضل ترك مثل هذه الموضوعات للشعراء والمجانين وضحايا العشق.
“لا بد أن نكون متفاجئين لأن مسألة تلعب دورًا مهمًا في حياة الإنسان قد تم تجاهلها على نحو كلي تقريبًا حتى الآن من الفلاسفة، ولا تزال معروضة أمامنا كمادة فجّة لم يتم التعامل معها بعد”.
– في مكتبة شوبنهاور كثير من كتب العلم الطبيعي، قرأ عن النمل، والخنافس، والنحل، والذباب، والجنادب، والخلد، والطيور المهاجرة، ولاحظ كيف تظهر كل هذه الكائنات التزامًا شديدًا وصارمًا بالحياة. أحسّ بشيء من التعاطف تجاه الخلد، حيوان بشع، يسكن الممرات الرطبة، نادرًا ما يظهر في ضوء النهار، وتبدو صغاره أشبه بديدان لزجة؛ ولكنه برغم هذا يبذل كل جهده للبقاء والاستمرارية.
– يغضبه الضجيج والأصوات، وفلسفته في ذلك تقول: “لطالما كنت من أصحاب رأي أن كمية الضجيج التي يمكن لأي شخص احتمالها تتناسب عكسًا مع قواه العقلية… فالشخص المعتاد على صفق الأبواب بدلاً من إغلاقها بيده … ليس مجرد سيئ السلوك بل هو جلف ومحدود التفكير أيضًا… ولن نصبح متحضرين تمامًا إلا حين لن يعود من حق أيّ شخص التشويش على وعي أي كائن مفكر”.
– “جوهر الفن هو أن حالته الوحيدة تنطبق على الآلاف”.
حين يقرأ عاشق محب عن ويلات الحب وعذاباته في حكاية حب مأساوية، سيتذكر بأنه لم يكن سوى جزءًا من ملايين البشر الذين وقعوا في الحب عبر الزمن واكتووا بناره. وتبعًا لذلك ستفقد معاناته حدّتها، وسيتخلص من شعور أن تجربته الفاشلة أو التي لم يحالفه فيها الحظ، مجرد لعنة فردية.
يقول شوبنهاور عن القدرة في تحقيق هذه الموضوعية: “في مسار حياته وإخفاقاتها، سينظر بقدر أقل إلى جعبته الفردية مقارنةً بجعبة البشرية ككل، وبذا سيجعل من نفسه عارفًا أكثر منه معانيًا”.
– “ثمة خطأ متأصل وحيد، ألا وهو فكرة أن نعيش كي نكون سعداء”.
- 6 – نيتشه: تقاطع المسرات مع الآلام
فيلسوف جبلي، خبر مآسي الحروب وضمد الجرحى، وذاق ألوان المرض، فقصد جبال الألب للاستشفاء والتأمل، وسكن إحدى قرى سويسرا ذات الطبيعة الساحرة، وهناك مع بلوغ أقصى درجات الأم يتوهج الفكر، ويؤلف معظم كتبه، ومنها كتابه الشهير: (هكذا تكلم زرادشت).
قرر نيتشه أن يسلك طريقًا مغايرًا لأغلب الفلاسفة الذين ارتبطت الحياة الحكيمة في أذهانهم بمحاولة تخفيف المعاناة، والأسى، ليركز في جوهر فلسفته على البؤس البشري، والمعاناة، بهدف جعلنا معتادين على مشروعية الألم، والتكيّف معه.
كان نيتشه متأثرًا بشوبنهاور في بداياته، ثم خالفه، ونقد فلسفته، وتكونت لديه فلسفته الخاصة.
– خلصت فلسفة نيتشه إلى إثبات استحالة تحقيق أي إنجاز دون عيش فترة بائسة جدًا. فأكثر المشاريع البشرية تحققًا لا تنفك عن درجة ما من العذاب والمعاناة، ومصادر مسراتنا قريبة على نحو غريب من مصادر آلامنا.
– وسعى جاهدًا لتصحيح الاعتقاد القائل إن على الإنجاز التحقق بسهولة أو أنه لن يتحقق أبدًا، لأنه يقودنا لتأثيرات هدامة، ويدفعنا للانسحاب من التحديات التي كان يمكن تجاوزها لو كنا مهيئين لمواجهة الوحشية والصعاب، التي تستلزمها المنجزات والأشياء القيّمة.
– أحس نيتشه بوجود تشابه بين فلسفته والجبال، فكان يستلهم فلسفته من الجداول المنسابة، والأودية الجليدية، وأشجار الصنوبر الكثيفة.
“حين نتأمل تلك الفجوات عميقة التثلم التي يصبح فيها الجليد شديد القساوة، نظن أن من شبه المستحيل أن يأتي وقت يمكن فيه لوادٍ معشوشب مليء بالغابات، ترويه الجداول، أن ينشر نفسه على البقعة ذاتها. وكذا هو الأمر أيضًا في تاريخ البشرية: تشق أشد القوى الوحشية مسارًا لها، وغالبًا ما تكون مدمّرة؛ ولكن رغم هذا، عملها هذا ضروري، كي تتمكّن حضارة أكثر نبلاً من بناء منزل لها لاحقًا”.
– تُشكّل التعاسة والكراهية والغيرة والعنف وغيرها ظروفًا ملائمة لكل نماء عظيم.
كانت هذه محاولة لتقريب الكتاب، وتلخيص أفكاره، وكان يمكن لهذا الكتاب أن يكون أكثر إيجازًا، وأقل حجمًا، لولا كثرة الحشو الذي أدى إلى إثقاله بما لا يخدم المضمون.
فاطمة أبو سعدة / باحثة دكتوراه بجامعة أم القرى – جدة
كتاب يدافع عن اهمية الفلسفة