قضية المصطلح العلمي في اللغة العربية
لقد طرحت مشكلة المصطلح العلمي في اللغة العربية غير ما مرة، حيث تناولتها الصحف والإذاعات العربية بالمناقشة والبحث، كما أن الرجالات العلمية في الوطن العربي سحقوها بحثا، وحاولوا بكل ما أوتوا من علم إيجاد نقطة التلاقي بين العربية والعلوم الحديثة، أو بعبارة صريحة بين لغة الأدب ولغة العلم، في العربية. وقبل أن نستنتج ما وصلته هاته الأبحاث والمناقشات، نرى من الضروري أن نتعرف على المصطلح العلمي في اللغة العربية.
يتفق فلاسفة اللغة أن المصطلح العلمي هو لفظ اتفق عليه العلماء لاتخاذه للتعبير عن معنى من المعاني العلمية، والاصطلاح بهذا التعريف يجعل للألفاظ مدلولات جديدة غير مدلولاتها الأصلية في أغلب الأحيان، ونضرب لذلك بعض الأمثلة، فالسيارة في اللغة هي القافلة والقوم يسيرون وهي في اصطلاح الفلكيين اسم لأحد الكواكب السيارة التي تسير حول الشمس، وفي الاصطلاح الحديث هي “الأتوموبيل” كما اتفق على ذلك أعضاء المجامع اللغوية في القاهرة ودمشق وبغداد.
والمصطلح العلمي في الدول الراقية اليوم لا يوضح ارتجالا، بل لابد في وجوده من مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلوله اللغوي ومدلوله الاصطلاحي كما أن اتفاق العلماء عليه شرط لا غنى عنه ولا يجوز أن يوضع للمعنى العلمي الواحد أكثر من لفظة اصطلاحية واحدة.
واللغة العربية قد حافظت على هذه المبادئ الهامة منذ العصر الجاهلي. حيث كان علماءها، بقدر ما يختارون المناسبة يحافظون على المدلول والجوهر والرنة العربية. بل إننا نجد –في أبعد من ذلك- إنهم حافظوا على الديباجة العربية حتى فيما كان يسمى بالدخيل.
فالدولاب والدسكرة والكعك والابريق والسكباج والجلاب والخشاف والنرجس والفلفل والزنجبيل والجاموس والمنطرج والعندل والقسطاس والفردوس، الخ من الكلمات الدخيلة إلى العربية من اليونانية والفارسية والهندية لا تعتبر من حيث الديباجة العربية ومن حيث الرنة العربية إلا كلمات عربية بحتة…
وأما عهد ازدهار المصطلح العلمي في العربية فيعود ولا شك إلى صدر الإسلام وهو بداية النهضة العلمية العربية حيث كتبت العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث وسائر العلوم الشرعية واللغوية ونحوها باللغة العربية.
ولا مشاحة في أن الإسلام أثر في اللغة تأثيرا كبيرا بعيد الأثر، هو تابع لتأثيره في العادات والآداب والاعتقادات. ويدخل في ذلك ما طرأ على اللغة من الاصطلاحات الدينية والفقهية واللغوية والأدبية. وما دخلها من الألفاظ الإدارية على أثر إنشاء الحكومة العربية ودوائرها ثم الألفاظ الفلسفية بترجمة كتب اليونان والفرس والهنود إلى العربية.
ويكاد يكون هذا التأثير محصورا في تنويع الألفاظ العربية وتغيير معانيها للتعبير عما أحدثه الإسلام في المعاني الجديدة وقد لا يكون إدخال ألفاظ أعجمية في ذلك الوقت للعربية إلا نادرا.
وكما أحدث الإسلام ألفاظا جديدة للتعبير عن معان جديدة اقتضاها الدستور الإسلامي الجديد بعلومه وآدابه، ونظامه الاقتصادي والفقهي، فقد محا من اللغة العربية ألفاظا قديمة ذهبت بذهاب بعض اعتقادات الجاهلية وعاداتهم.
أما الألفاظ والمصطلحات العلمية التي دخلت اللغة العربية، في صدر الإسلام، فكانت تمتاز بأمور كثيرة، نذكر منها:
1 – استخدام فعل الكون بكثرة على نحو ما يستعمله أهل اللغات الإفرنجية.
2- الإكثار من استعمال الفعل المجهول.
3- إدخال الألف والنون قبل ياء المتكلم في بعض الصفات، كروضاني ونفساني ونحو ذلك مما هو مألوف في اللغات الأثرية، وما هو غير مستحسن في اللغة العربية.
وإذا رجعنا اليوم إلى قاموس عربي وأخذنا نقلب صفحاته فسوف يذهلنا ما تحويه من مصطلحات في العلوم والمخترعات وضعها العرب أو عربوها دون أن يراعوا فيها الأوزان العربية وإنما راعوا فيها كمال التعبير العلمي.
كما أننا إذا القينا نظرة على مجمل المصطلحات العلمية في تلك الأيام نجد نافليها أو معربيها أو واضعيها قد اتبعوا وسائل ناجعة أهمها:
1- اشتقاق كلمات جديدة من أصول عربية أو معربة للدلالة على المعنى الجديد.
2- ترجمة كلمات أعجمية وعدها صحيحة.
3- ترجمة كلمات أعجمية بمعانيها دون أصلها اللغوي
4- تحذير المعنى اللغوي القديم للكلمة العربية وتضمينها المعنى العلمي الجديد الذي أحدثته الدولة الإسلامية.
ولا شك أن هذه الوسائل هي التي ضمنت الاستمرار لحياة اللغة العربية ما يزيد على عشرة قرون متوالية دون عياء أو توقف.
-2-
ولقد صارت هذه اللغة في ظرف قرون قليلة تربط بين شعوب تعد عميقا بما لهاته اللغة من أثر عميق في خلق التصورات والتعبير عن أغوار العواطف والانعكاسات التي تجيش في صدورهم، كما نجد في نفس الوقت أن المتكلمين بالضاد – في عصرنا – قد انقسموا إلى قسمين مضادين:
الأول يرى أن القواعد اللغوية التي وضعها اللغويون القدماء هي الحد الذي يجب أن يقف عنده اجتهادنا في البحث عن ترقية لغتنا إلى مستوى حياتنا.
والثاني يرى أن هذه القواعد أن صلحت لتكون حدا ينتهي عنده اجتهاد أهل اللغة في العصور القديمة فإن حاجات هذا العصر تحملنا مرغمين أكثر من أي وقت مضى على الرجوع إلى ما وضعه أحرار الفكر من اللغويين لتأخذ منها ما يلائم حاجات حياتنا المعاصرة فنوسع من أفق اللغة ونجعلها قادرة على مجازات اللغة الحديثة من حيث القدرة على الوضع والابتكار(1)
وقبل أن نمضي في هذا البحث علينا أن نسأل هل العربية في عصرنا الحاضر قادرة على الوضع والابتكار؟
إن الذين كرسوا جهودهم لخدمة اللغة، اعترفوا ضمنيا بعدم قدرتها إذا بقيت تعيش على أحلام الماضي… وعلى مناهج القدماء الذين أكل عليهم الدهر وشرب.
فهذا الأستاذ الخوري مارون غصن يجيبنا بكل صراحة، ويقول: “ما من كاتب عصري عانى صناعة الإنشاء باللغة العربية أو الترجمة بها ولم يشعر بعجز هذه اللغة عن التعبير عن آلاف المخترعات الحديثة والأمور الخيالية والتصورات التي استحدثها الزمان”.
أجل لو نهض الشعراء الجاهليون والمخضرمون والإسلاميون والأمويون والعباسيون وأقطاب اللغة في جميع تلك العصور وحاولوا التعبير بلغاتهم عن مستحدثات العصور المتأخرة لوقفوا عاجزين حائرين(2).
كما أجاب الأستاذ إبراهيم اليازجي وهو من علماء اللغة العربية ومن أدبائها الكبار الذين لهم باع طويل في النهضة الأدبية المعاصرة، يقول: “ليت شعري ما يصنع أحدنا لو دخل المعارف الطبيعية والصناعية ورأى ثمة المسميات العضوية من أنواع الحيوان وضروب النبات وصنوف المعادن وعاين ما هناك من الآلات والأجزاء وأراد العبارة عن شيء من هذه المذكورات، ثم ما هو فاعل لو أراد الكلام فيما يحدث كل يوم من المخترعات المتنوعة وما لكل ذلك من الأوضاع والحدود والمصطلحات التي لا تغادر جليلا ولا دقيقا إلا وتدل عليه بلفظه الخاص.
فهل يغنيه في مثل هذا الوقف من عنده ثمانون اسما ومائتان للطير وخمسمائة للأسد وألف للسيف وأربعة آلاف لفظة للداهية؟”(3)
إلا أننا مع هذا نلاحظ بكل استغراب تقدم الإنشاء العري في المدة الأخيرة وخاصة منه الأدبي، حيث اكتسب طلاوة جديدة ودقة في التعبير تتساوى في كثير من الأحيان مع طلاوة الكتابات الغربية الحديثة[4]. في الميدان الأدبي.
ولكن اللغة الحية ليست لغة أدب فقط…
إن اللغة الحية هي التي تجول في جميع دروب المعرفة والعلوم وتكون لغة أدب حي ولغة علم حي، ولا حياة للغة تلازم النهضة في الأدب وتلازم الجمود في العلوم ذلك لأن العلوم صارت بالنسبة لحياتنا المعاصرة جزءا من كياننا ومن وجودنا.
إن اللغة العربية – وهذا ما نقوله بلا منازع وبلا براهين – لغة فسيحة المعاني كثيرة الألفاظ، كثيرة المترادفات والاشتقاقات ولكنها التزمت على يد رجالها منذ قرون خدمة الأدب والفقه والتصوف والشريعة الإسلامية، وأشاحت –مع كل الأسف- بوجهها عن العلوم وما يستجد مع العلوم في الحضارة.
-3-
ولهذه الأزمة اللغوية أسباب:
السبب الأول والرئيسي يرجع لانهيار الحضارة العربية وتوقفها عن السير، فلما انهارت الحضارة العربية في الشرق ثم في الأندلس انكب العرب بكليتهم على دراسة العلوم الدينية، وانصرفوا بنفس الكلية على دراسة العلوم العملية، واستمروا على ذلك قرونا طويلة.
وفي هاتيك الأثناء كان فجر الحضارة الغربية، قد انبثق بفضل علوم الحضارة العربية التي اختنقت فسار العالم الغربي كله يغلي وراء المخترعات والمكتشفات ويسير بلغاته إلى الرقي العلمي خطوة خطوة مع العلم.
وهكذا أصبح العالم الأوربي يقفز إلى الأمام، وبقي العالم العربي يجتر ما تركه له الماضي فقط، ويضيع خطوة، خطوة مع العلم.
وأصبح شباب العالم العربي يدرسون العلوم الحديثة في المدارس الأوربية باللغات الأوربية سواء في البلاد العربية أو في الأقطار الغربية. وهكذا زاد اندثار العربية وتأخرها، وفوضويتها.
وأصبح الشباب العربي يطلقون عليها لغة العلوم القديمة.
ونقدم في هذا العرض تلخيصا لرأي كتبه الدكتور عبد العزيز الأهواني يتساءل[5] فيه هل تعتبر اللغة العربية التي نكتب بها ونخطب بها أحيانا لغة حية كالفرنسية والأنجليزية أو هي لغة ميتة كاللاتينية واليونانية؟ ورغم أنه لم يجب عن سؤاله جوابا مباشرا فإنه أوضح أن العربية لا تعد لغة حية بملء معنى الكلمة، بل هو يصرح أنه في حين من الأحيان يحس أنها لغة ميتة.
وبنهي الدكتور بحثه قائلا إن أمام العربية طريقين: إما الموت لأن القوى الرجعية في العالم العربي تذهب بالعربية إلى أن تجعل مصيرها مصير اللاتينية أو ما سماه التطور الضخم والذي يعرفه بأن تحل العامية محل اللغة العربية”.
هذا رأي شاب عربي ينظر من زاوية الواقعية إلى مكانة اللغة العربية.. ويحلل ذلك بأن الحضارة حين توقفت، توقفت معها اللغة العربية أيضا… واللغة بالحضارة كما يقول الفلاسفة…
والحقيقة أن العوامل الحضارية والاستعمارية خنقت اللغة العربية ووقفت سيرها عن التقدم إلى غاية نهاية القرن التاسع عشر حيث بذلت يعض المحاولات لارتقائها من طرف أساتذة المدارس العربية في العالم العربي ولكن تلك المحاولات بأجمعها باءت بالفشل ذلك لأن المصطلحات اللغوية وخاصة منها العلمية صارت تستعمل في غير موضعها… وتكونت بذلك فوضى لغوية لا تحمد عقباها…
ويشرح هذا الدكتور محمد جميل الحاني[6] قائلا إني على اصطلاحات العلوم والفنون لاسيما الفنية منها حين من الدهر وهي تتخبط في ديباجي الإبهام، فاعتراها التشويش والتحريف واستولت عليها الاغلاط والتصحيف حتى أصبح اللفظ يوصع لغير ما سمي به، فانتشر الالتباس في الألفاظ وسرت الفوضى في الأسماء فأصبح كل ما يسمى الشيء فما تهواه نفسه مما أدى إلى توالي العقبات في سبيل التفاهم وسد في وجوه مريدي العلوم أبواب السهولة والإقبال…
حتى لا يكاد الإنسان ينتهي من قراءة صفحة إلا ويمأ عليه من المصطلحات أنواع وألوان من عربية وفرنسية ولاتينية ويونانية وغير ذلك…
ويزيد الدكتور الخاني، قائلا: ولما كنا قد أخذنا علومنا عن الترك سرت إلينا بالطبع عن الفوضى اللغوية، وأصبح الإنسان يتردد في كلامه مع غيره في حديث علمي خوفا من أن يتفوه بألفاظ لا يفهمها سامعه، وكان كل منا يظن نفسه متقنا لمصطلحات العلوم، ولما تبين لنا أننا نخبط خبطة عشواء، أسفنا لذلك…”
ولكن هذا كله لا يمنعنا من القول إن اللغة العربية تقدمت خلال الخمسين سنة الأخيرة، وكسبت بالنسبة لما كانت عليه مكاسب كثيرة يمكن أن نقدمها في النقط التالية:
1/- لم تكن تسمع اللغة العربية الفصحى إلا في الصلوات وخطب المنابر ودروس المساجد طوال قرون عديدة، في العالم العربي بأسره، وهي الآن تسمع في المدارس التي لا تخلو منها قرية في العالم العربي، وهي اليوم في كثير من البلاد العربية لغة المحافل والمصالح الحكومية والإذاعات والبلاغات والجرائد الشيء الذي ساعد على انتشارها في الدور والشوارع والقرى والمداشر…
2/- لم تكن تبلغ نسبة الفاهمين من مستمعي الفصحى في الشعب العربي خمسة في المائة، واليوم لا تكاد تجد في الأميين واحدا في المائة من لا يفهمها إذا قرأت عليه جريدة أو استمع هو إلى إذاعة.
3/- كانت اللغة الفصحى التي تسمع ركيكة سقيمة ميتة في قبر الاشجاع والقوالب المسجوعة لا تخرج عن موضوع الوعظ الجاف، فأصبحت اليوم مشرقة، واضحة سهلة سلسلة طوعت لنفسها كل الميادين الأدبية والحضارية اليومية.
4/- كانت التركية في الشرق لغة التدريس ولغة العلم، فصارت الفصحى لغة العلم والتدريس… وهذا أعطى للعربية صورة راقية أخرى…
وهذه المقاييس أيضا لا يمكن أن تغرينا، ولا يمكن أن تصرفنا عن البحث في مشاكل لغتنا التي نريد منها الزحف على العلوم والفنون، والتي نريد منها الوصول إلى ما وصلت إليه اللغات المتقدمة الأخرى التي غزت العالم طولا وعرضا…
إن اللغة العربية مما لاشك فيه لغة أدبية كلامية، بل صارت لغة أدبية كلامية بعد سقوط الحضارة العربية… حيث ابتعدت عن العالم مع ابتعاد الدول العربية عن الحضارة… وللعلم لغة خاصة به يجب أن تنزل عنده اللغة… وإذا لم تستطع اللغة النزول عند العلم، فستكون لغة كلامية فقط..
ولقد سبق لنا القول[7] إن الدول العربية في الشرق العربي حاولت بعض المحاولات في استخدام العربية للعلوم في النصف الأول من هذا القرن دون أن تنظم لذلك الوسائل الضرورية أو بمعنى أصح دون أن تصقل اللغة ودون أن ترفعها إلى مستوى العلوم… فكانت بطبيعة الحال محاولات فاشلة…
ويتحدث الأستاذ نقولا الحداد عن هذه التجربة، فيقول: [8] لقد جربت الجامعة السورية الامريكية في بيروت تدريس العلوم والطب باللغة العربية، وألف بعض أساطينها معظم العلوم الطبية وغيرها بهذه اللغة، وبذلوا كل مجهود في جعل العربية وعاء للحقائق العلمية الحديثة ولاسيما الطبيعية فما نجحت التجربة وغيرها بهذه اللغة… ومثل هذه التجربة حدثت في مدرسة الطب المصرية لأول عهدها ولم تنجح، ويركز الأستاذ الحداد حكمه بأن للعلم لغة خاصة به لا يمكن أن تتصرف بها أمة من الأمم بمقتضى قواعد لغتها ومعجمها، ويقول إن لغة العلم ليست انجليزية ولا فرنسية ولا ألمانية ولا إيطالية إلخ. بل هي لغة قائمة بنفسها لأحكامها وتسع مصطلحاتها ومفرداتها…”
لذلك فإن المشتغلين بالمواضيع اللغوية في القرن العشرين كان معظمهم يفكر في أن ينحث من اللغة العربية علمية أو فنية أو ما إليها لفظة عربية تقابلها، فيفسد بذلك الصبغة الجمالية للغة العربية من جهة، والصبغة العلمية للغة من جهة أخرى.
هوامش:
[1] رجع تجديد اللغة العربية لإسماعيل مظهر، صفحة 4.
[2] من مقالة نشرها في مجلة الهلال، يبراير سنة 1928.
[3] من مقالة نشرها بالهلال تحت عنوان “اللغة والعصر”
[4] على حد تعبير الأستاذ توفيق المدني في كتابه تقويم المنصور.
[5] مجلة الآداب ، أبريل 1956
[6] في مقال نشرته مجلة المجمع العلمي العربي في تموز 1929 )المجلد 4/315)
[7] مقال لكاتب هذه الدراسة نشر بجريدة العلم في 5 يبراير 1964
[8] في مقال نشر بمجلة الهلال – أبريل 1960 وزارة الثقافة المغربية @ 2009
محمد أديب السلاوي.