أبو القاسم الشّابي – Abou el Kacem Chebbi
صاحب البيت الشهير “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”، كان شاعرا وجدانيا عميق الإحساس، نادى بتحرير الشعر العربي من صورته النمطية القديمة، والانفتاح على الفكر والخيال وأشكال التعبير الجديدة.
- المولد والنشأة
ولد أبو القاسم الشابي يوم 24 فبراير/شباط 1909 في قرية الشابة في محافظة توزر عاصمة الواحات بالجنوب التونسي. نشأ في أسرة متدينة مثقفة، تخرج أبوه محمد الشابي من جامع الأزهر، وأصبح قاضيا.
رافق أبو القاسم والده لما كان طفلا في جميع تنقلاته بين المدن التونسية التي عمل بها، ما أكسبه معرفة بالكثير من المناطق وخلق لديه حبا كبيرا بجمال الأماكن التي زارها.
- الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي باللغة العربية دون غيرها في الكتاتيب القرآنية في مدينة قابس (جنوب)، وكانت له ذاكرة قوية مكنته من حفظ القرآن وهو في التاسعة، وبدأ يتعلم أصول العربية والدين على يد والده إلى أن أرسله عام 1920 إلى العاصمة، وهو في الثانية عشرة لمتابعة الدراسة الثانوية في جامع الزيتونة.
لم يكتف بالدروس التي كانت تلقى في الجامع، فأكثر من المطالعة لتوسيع معارفه، وكان يرتاد مكتبتي قدماء الصادقية والخلدونية لينهل من الأدب العربي القديم والحديث، وكذلك الأدب الأوروبي اعتمادا على بعض الترجمات.
حصل الشابي عام 1927 على شهادة ختم الدروس الثانوية من جامع الزيتونة أرفع الشهادات الممنوحة في ذلك الوقت، ثم التحق بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج فيها عام 1930.
مكنه وجوده بالعاصمة تونس من ارتياد المجالس الأدبية والمنتديات الفكرية وانضم للنادي الأدبي بقدماء الصادقية. أخذت مواهبه الأدبية تبرز في قصائده ومحاضراته التي كانت تنم عن رغبة في التجديد وتجاوز للمألوف، ما جلب عليه انتقادات المحافظين.
يمكنك الإطلاع على المقالات التي كتبها الشابي؛ وعددها 46 مقالا؛ من خلال الرابط التالي:
- المسار الأدبي
كان تعليم أبو القاسم مرتكزا بالأساس على اللغة العربية، لكن فكره كان منفتحا على الثقافات الأخرى فراح يطالع الأدب الأوروبي، والأميركي.
وفي فبراير/شباط 1929 ألقى الشابي أول محاضرة في حياته الأدبية في مكتبة الخلدونية عن “الخيال الشعري عند العرب” مستعرضا كلّ إنتاج العرب من الشعر في مختلف الأزمنة وفي كلّ البلدان، وقد أصبح بعدها كاتب مجلس جمعية الشبان المسلمين حديثة النشأة.
عشق الجلوس بين كبار الأدباء التونسيين لما كان تلميذا في جامع الزيتونة، ارتاد بكثرة النادي الأدبي للاستماع إلى المحاضرات ومجلس الشعر ومنتديات الفكر.
نادى بتحرير الشعر العربي من كل رواسب القديم، والاقتداء بأعلام الغرب في الفكر والخيال ووجه نقدا حادا خلال محاضرته تجاه عقلية الجمود الراسخة في أذهان بعض رجال الثقافة والسياسة الذين يرفضون الانفتاح وتطوير الشعر والأدب والإبداع.
أثارت محاضرته ردود فعل منتقدة له لدرجة دعوة بعض المحافظين لمقاطعته، الأمر الذي حز في نفسه، وهو ما ترجمه في بعض أشعاره، وقد زاد وضعه النفسي سوءا بعد وفاة والده ورحيل محبوبته.
تنوعت قصائده، وكان أبرزها في الطبيعة والغزل والوطنيات، وقد اتخذ من مجلة “أبولو” بالقاهرة منبرا، ونشر فيها عددا من قصائده، الأمر الذي جعل رئيس تحريرها الشاعر أحمد زكي أبو شادي يطلب منه أن يكتب مقدمة ديوانه “الينبوع”.
رغم شهرته في ميدان الأدب العربي الحديث، فإنه لاقى الكثير من الرفض والنفور من جانب الأدباء المحافظين في تونس.
كان الشابي من الشعراء الذين تغنوا بالمستقبل وآمنوا بالتجديد، ورفضوا الجمود والتقليد وسكبوا ذاتهم في واقعهم الاجتماعي، فتغنى بالحياة والفن والوطن والطبيعة والثورة وإرادة الحياة.
وتعد قصيدة “لحن الحياة” من أشهر قصائد الشابي، وقد تضمنت البيت الشعري الشهير “إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر”، وهو البيت الذي كان الشعار الأبرز الذي رفعه الشباب الغاضب إبان ثورات الربيع العربي.
- المؤلفات
من أشهر أعماله ديوان أغاني الحياة، والخيال الشعري عند العرب، وقد كتب جزءا من مذكراته، وله مقالات أدبية وأشعار متنوعة نشرها في مجلة “أبولو” المصرية التي كانت باب شهرته إلى العالم العربي.
- الوفاة
توفي أبو القاسم الشابي -وهو في 25 من العمر- يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 1934 بمستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة تونس (المستشفى الإيطالي سابقا) بعد صراع طويل مع المرض.