الدراسات الثقافية

حصاد 2019 .. جديد الحياة الثقافية العربية

تبقى الثقافة فعلاً إنسانياً قد يكون الأمثل للتقارب بين الشعوب، سواء عبر الفعاليّات الثقافيّة، أو من خلال الترجمة بوصفها جسر عبور للثقافات. عامٌ آخر يمرّ ولا تزال منطقتنا في أوج الاشتعال، وعلى الرغم من كل ذلك، ثمّة نافذة مضيئة هنا أو هناك، كتب عديدة صدرت، وفعاليّات ومهرجانات ثقافيّة تقام في معظم العواصم والمدن.


في هذا الاستفتاء السنوي نستطلع آراء مجموعة من الكتاب والمثقفين حول أبرز الكتب التي صدرتْ في العام 2019 وكذلك حول أهم الفعاليّات من معارض ومهرجانات ونشاطات أخرى، أدبيّة أو ثقافيّة.
هنا الجزء الثاني:

عبد الفتاح بن حمّودة (شاعر تونسي): خمسمئة عمل أدبيّ وفكريّ

كلّ يوم لا أقرأ فيه نصيباً من كتاب هو يوم ضائع من العمر. فالحياة قصيرةٌ وتلزمنا أعماراً ثانية لنقرأ ما لم نقرأه. من الأدب التونسي قرأت أعمالاً خطيرة لن أنساها طوال حياتي وهي أخطر ما يوجد في تونس والوطن العربيّ، «كشيء دافئ في ثلاّجة» للشاعر منصف الخلاّدي و«الربيع ليس صُدفة» للشاعر السيد التّويّ و«أصابع النّحّات» للشاعر ميلاد فايزة.

و«الغابة ليست على ملك أحد» للشاعر رضا العبيدي ومختارات شعرية صدرت في بغداد بعنوان “مرّ صيفان ولم يأت الشتاء” للشاعر التّونسي عبد الواحد السويح.

أمّا في الرواية فلن أنسى أبداً روايات سيكون لها شأن كبير تونسيا وعربيا وهي «فلامنجو» لمحمد فطومي و«قطعة قماش زرقاء» لكمال الزغباني «وطن في قاعة الانتظار» لطارق الشيباني وأربع روايات ومجموعتين قصصيتين للروائي والقاصّ فؤاد خليفة شابير (الصوت المفاجئ الذي أعتبره اكتشافا في الأدب التونسي) ومجموعة شعريّة «أخطاء فادحة» لفاطمة كرومة و«لا تلتفت لنراها» للشاعرة سامية ساسي.

وفي الترجمة كتاب لأندرو شافر «كتّاب متمرّدون» ترجمة الشاعر منير عليمي. وكذلك العمل القصصي المدهش «حقائب الترحال» للقاصّ التونسي بوبكر العيادي وكتاب «لا الأوّل الذي.. لا آخر من» للشاعر يوسف خديم الله.

والمجموعة القصصيّة «الساعة الأخيرة» لسفيان رجب. والمجموعة الشعرية بعنوان «تقريبا» للشاعر والمترجم أشرف القرقني. والكتاب النقديّ حول المسرح بعنوان «مسائل في اللاّهوت المسرحيّ» للأستاذ حاتم التليلي ورواية «مأزق تشايكوفسكي» لشوقي البرنوصي، وروايتين ومجموعة قصصية لاسمهان الفرجاني.


أمّا في الأدب العربيّ فلن أنسى أبداً العمل الشعري للشاعر المغربيّ محمد بن طلحة (الأعمال الشعرية) والكتاب الشعريّ «عيون طالما سافرت» للشاعر المغربيّ مبارك وساط وأيضا «الأعمال الشعرية» الجزء الثالث (الذي قرأت منه جزءاً يسيراً، والكتاب يتطلب جهداً لقراءته بتركيز) وكتاب «رفات جلجامش» للشاعر المغربي صلاح بوسريف، وكتاب «بصوت واضح» للشاعرة المغربية فتيحة واضح وترجمه عن الفرنسية صلاح بوسريف.

وكتاب “رؤى ومضيّة (شذور حول الشعر والحاجة إلى الإبداع)” للكاتب المغربي الرّاحل عبد اللطيف الزكري (الذي ترك اللّوعة في القلوب وقد غادرنا في أيلول/سبتمبر 2019). وكتاب «في كل أرض بئر تحلم بالحديقة» للشاعر زاهر الغافري (سلسلة كتاب نزوى) وكتاب حكايات شعبية أفريقية (الزعيم الذي أحبّ الأحاجي) سلسلة كتاب مجلة الفيصل. والعمل القصصي المرعب «أشياء تنادينا» للكاتب الاسبانيّ خوان خوسيه مياس ترجمة الشقيق أحمد عبد اللطيف.

والكتاب النقدي بعنوان «الثمرة المحرّمة» للشقيق الناقد العراقيّ حاتم الصّكر. وأيضا سيرة روائية بعنوان «ظلال القصب» للشاعر العراقيّ حمدان طاهر المالكي، وكتاب «السؤال المفتوح والجواب الحتميّ» لهانس روبرت ياوس ترجمه عن الألمانية الدكتور المغربيّ رضوان ضاوي. ومجموعات شعرية وقصصية وروايات وكتب نقدية وفكريّة تونسيّة وعربيّة مختلفة يطول جردها.


أشعر أن 2018 و2019 من أجمل الأعوام، فقد قرأت فيهما قرابة خمسمئة عمل أدبيّ ونقديّ وفكريّ. وثمّة كتب وصلتني عام 2018 تنتظر القراءة نظرا إلى أهمّيتها.


  • منذر كاظم (أكاديمي ومترجم عراقي): يوم المترجم

لأن الأدب الروسي المعاصر يستهويني ويشدني إليه بكتابه المميزين ووجوهه التي أخذت تترك بصمات مميزة بانتشاره عالمياً وترجمته إلى أغلب لغات العالم، فقد لفت نظري صدور ترجمة رواية الكاتبة الروسية غوزال ياخينا “زليخة تفتح عينيها” بترجمة المترجم السوري الكبير فؤاد مرعي والتي صدرت عن الدار العربي للعلوم ناشرون في بيروت في أيار/مايو 2019.

وبالحقيقة أنا أتابع باستمرار كل ترجمات الدكتور فؤاد للأدب الروسي المعاصر، فبفضله بتنا نعرف كتابا روس مهمين مثل سيرغي كوزنيتسوف وميخائيل شيشكين وفاديم ليفنتال وفيكتور ريميزوف وغوزال ياخينا وغيرهم.

وغوزال ياخينا كاتبة روسية من أصل تتري ولدت في كازان عام 1977 ودرست في قسم اللغات الأجنبية في الجامعة التترية الحكومية، وحصلت على جائزة الكتاب الكبير عام 2015 عن روايتها “زليخة تفتح عينيها”، وجائزة ياسينايا بوليانا في العام ذاته. وقرأت كثيرا بالروسية عن روايتها هذه وكنت أتمنى أن يتصدى أحد لترجمتها.

وأثارت رواية “زليخة تفتح عينيها” جدلا كبيرا في الأوساط الأدبية الروسية فور صدورها، اذ تدور أحداثها في الفترة من 1930 ولغاية 1946 في إحدى القرى التترية التي سيقت إلى المجهول بعد نفيها إلى غابات منطقة التايغا في سيبيريا الروسية.

ووجدت بطلة الرواية زليخة نفسها مع شيوخ ورجال ونساء وأطفال من أصول متباينة ويعتنقون ديانات مختلفة بعد أن نفيت مع أبناء قريتها في عربات لشحن البضائع.

أما بخصوص الفعالية الثقافية الأبرز فأعتقد أن إقامة معرض بغداد للكتاب في آذار/مارس 2019 هي الفعالية الأبرز، حيث استقطب العشرات من دور النشر العربية البارزة ومنها طبعا السورية التي مثلتها دور نشر معروفة كالهيئة السورية العامة للكتاب والتكوين والحصاد واتحاد الكتاب العرب وغيرها ومن لبنان ومن مصر وغيرها.

والتي جاءت لتشارك بعد سنوات من القطيعة فرضتها ظروف الوضع الأمني المتردي مما انعكس بالسلب والضرر على القارئ العراقي ودور النشر. وكانت فرصة طيبة لي أن التقي بعدد من الأدباء العراقيين المهاجرين مثل علي بدر وازهر جرجيس وغيرهما. وقد اقتنيت كمية لا بأس بها من الكتب المهمة التي كنت أفتقدها طوال تلك السنوات العجاف.

والحدث البارز الآخر يتمثل بحفل تكريم نخبة من مترجمي العراق الذي ساهموا في إغناء الواقع الثقافي بأعمالهم الترجمية، ولحسن حظي كنت من ضمن المحتفى بهم. وقد تبنت الحفل جمعية المترجمين العراقيين في يوم المترجم العالمي.


  • ريم غنايم (كاتبة ومترجمة فلسطينية): تألّق الرواية والقصة والشِعر

لعلّ رواية “عام الجليد” للأديب الفلسطيني السّوري المقيم في برلين رائد وحش، الصّادرة عن منشورات المتوسّط عام 2019، هي الرواية الهبة ومفاجأة موسم الرواية الفلسطينيّة- السوريّة المهاجرة التي جاءت لتُبرهن عافية هذا الأدب متعدّد الموادّ والوجوه والهويّات وتحيدُ به عن مصطلحات المأزق والمحنة واليباس.

الموادّ، التي تشكّل رافعة “عام الجليد”، قوامها مواد حسّيّة وأخرى لغويّة كلّها تتجنّد في سبيل اجتثاث الخيال من قاعدته الباطون وتهجيره عن دفيئته، نفيه، تشكيله، اللعب معه، قتله- قتلنا، وتشبيكه مع الفلسفة وسؤال الوجود بشقّيه آلّة مفتوحة على المَوت الذي يظهر من البداية وصراع النّجاة سدى منه. “عام الجليد” سؤال “متى” تنتهي العبوديّة وأين تبدأ حدود المَوت وهو ينجّس الوجود.

الرواية الثانية التي برهنت حضوراً وتميّزاً في المشهد العربيّ الروائيّ في عام 2019 هي رواية “سيناريو” للكاتب السوري الفلسطينيّ المقيم في باريس سليم البيك. رواية الغموض الذي يكتنف الجسد الذكوريّ في مواجهة الجسد الأنثويّ، واختراق سؤالات الهويّة الصّعبة من خلال انتهاك مواطن الضّعف والقوّة في هذا العالَم اللحميّ الذي رنّخ الرّواية بمناخ الخوف والتوتّر لصوت البطل وهو يواجه نساءه ومعهنّ يواجه المنفى والانتفاء، الوطن والتوطن، الهجرة والتهجير، مُتلِفاً مفهوم الجسد الماديّ، مؤكّداً صورته المنفويّة وعلاقته بوَهن الإقامة في سؤال الهوية.


“ألبيريتا يكسب دائماً”، الصادرة أيضاً عن دار المتوسّط، 2019، رواية الموسم الروائيّ التونسيّ للكاتب كمال الرياحي. الرواية التي تطرح في توريات سرديّة سيرة مسدّس حقيقيّ يُشتبه في كونه الأداة التي نُفذ عبرها اغتيال السياسيّ شكري بلعيد. ثلاثة أجناس أدبيّة تتلاقح في رواية واحدة، ديستوبيا، يوميات ورواية تحرٍ: انتحار كاتب أميركيّ يتمّ تزوير سيرته في تونس، يوميات صحافيّ ومترجم

وهو يزوّر ويخلع ويقترض ويعبث في سيَر الآخرين بينما يوثّق حركيّة خياله العصابيّ والمجنون ليتحوّل إلى بطلٍ بامتياز، وحكاية المؤامرات والتحقيقات التي تحدث في دهاليز السلطة المنتحرة التي يمثّلها المحقق علي كلاب. في تقاطعات تقوم على حدث البداية العبثيّ- التحقيق في مقتل الكلب، يقودنا الكاتب إلى سلسلة من ضحك لا ينتهي نكتشف عبره واقع تونس بين الرعب واليأس والجنون، وأن هذا الواقع المحليّ لا يبتعد كثيراً عن العالَم الكبير.

“الطلبيّة C345″ للقاصّة الفلسطينيّة شيخة حليوى، والصادرة عن منشورات المتوسّط 2019، حالة متفرّدة في سياق كتابة القصّة كشفت ما يمكن تسميته بـ”العصيان” وإعلان الثورة على اكتساح صَوت الرواية في “زمن الرواية” مؤسسةً لخصوبة جديدة في حقل القصّة الفلسطينيّة الرّاهنة. مجموعة قصصية لا تتجاوز 76 صفحة،

تشكّل حفريّة طويلة في سؤال البشريّ والرعبّ، والبشريّ والخطيئة، والبشريّ ورؤيته للجمادات، والبشريّ في مواجهة ذاكرته ومذبحة ماضيه. مثلّ كلّ الحالات المتفرّدة الواردة أعلاه، يبحثُ هذا الصّوت الأدبيّ الجادّ عن طريقه من خلال الأسلوب الرياضيّ الذي يحسب بدقّة عدد الكلمات وتوزيعها طولاً وعرضاً في عالم القصة، مثل شاعر حريصٍ على سطوره الشعريّة.

من هنا، يضفي يقينُ المفردات ووضوحها دون إسهال ودون ضبابيّة، بعداً باطنياً على النّصوص الحادّة.

“كَونٌ لا زمنٌ” قصيدٌ شعريّ للشاعر والموسيقار الفلسطينيّ وسام جبران، صدر عن دار جدل/ دالية الكرمل، عام 2019، وهو عملٌ شعريّ يؤسس لتراكيب شعريّة هرميّة قاعدتها دلالاتٌ تفتحُ أفقَ الخصومة والمصالحة بين العالَم البرّانيّ والعالم الجوّانيّ للذات.

على نحو مراوغ وأكثر نضجاً، يواصل جبران مشروعه الشّعريّ وهو يسقطُ قصداً في بحرٍ من صياغات لغويّة سائلة تسبحُ في برزخ فضائها الهلاميّ الذي يترنّح بين قرار تهجير الزّمن عن مكانه، وبين إحلال العدل والتكافؤ بينهما ترطّبُ المفهوم الوجوديّ لهذه الذّات يحرّرها من الاكتمال ويصلُ بها إلى سؤال الغواية الحرّة المتحرّكة في كل الاتجاهات، في دقّة أحياناً وعشوائيّة مقصودة أحياناً، حتى في تدنيس الكمال، وشقيقه النّقص.

الوجود المجنون بالآخرين، يذوب، أفقياً وعمودياً، في نقصانه اللامتناهي، وهذا ما يجعل من عالم هذا القصيد الشّعريّ الخافت بدايةُ حقيقية لسؤال الحريّة الحاضرة- الغائبة، المتقشّفة، أو المتقشّرة حتّى من انتمائها لدفيئة الأصوات المتعدّدة التي يقدّمها الشّاعر في هذا العمل الشعريّ.

لعلّ أهمّ النشاطات الثقافية التي تركت بصمة في المشهد الأدبيّ، هو ما يقدّمه مشروع بيت الخيال في مدينة الثقافة في تونس، والذي يُشرف عليه الروائيّ والإعلاميّ التونسيّ كمال الرياحي، وفريق العمل المتميّز الذي يرافقه.

المشروع الذي يتّسم بحركيّة ثقافيّة واسعة ويقدّم مساراتٍ هامّة في الفكر والثقافة والأدب يستقطب كتّاباً من داخل المشهد الأدبي- الثقافيّ التونسيّ، وينزاح إلى العربيّ ويوطّن العالميّ في رحم المكان المحليّ، وذلك بحضور الآداب العالميّة سنوياً، كاستضافة الأدب البرتغاليّ والإيطاليّ والاسبانيّ وفق برنامج محدّد وأجندة واضحة يرقيان بالمشهد الأدبيّ العربيّ.


  • علي سفر (شاعر سوري): وقائع ثورة لم تكتمل

تركيزي اليومي على الصفيح الساخن في الشأن السوري، يجعلني أتبع معياراً خاصاً للأهمية، ولهذا فإن أهم كتاب صدر هذا العام بالنسبة لي هو كتاب الدكتور برهان غليون “عطب الذات وقائع ثورة لم تكتمل”، حيث يمكن تصنيف الكتاب بأنه أبرز الإصدارات التي تتحدث عن وقائع السنوات الأولى للثورة السورية،

ولعل أهميته تعود أولاً إلى كون مؤلفه واحداً من البارزين في صناعة المشهد السياسي السوري من جهة المعارضة، وهذا يجعله كتاباً إشكالياً، حيث يعتبر مذكرات مرحلية، ولكنه في الوقت نفسه محاولة لنقد التجربة من زاوية شخصية،

وهذا يقود إلى ثاني عناصر أهميته، حين يفتح المجال واسعاً للنقد السياسي ونقد النقد السياسي، وصولاً إلى المحاججة حيال ما جرى وحدث.

وبمعنى من المعاني فإن السجال الذي فُتح على خجل بعد إصدار الكتاب والذي لم يستمر طويلاً للأسف كان مقدراً له أن يكون أوسع وأعلى حدة، ولكن رغم ذلك يبدو لي أن سردية الثورة السورية على الصعيد السياسي لم تكتب بعد، وهذا الكتاب محاولة في السياق، يجب أن تضع جميع من كان له دور فيها أن يحاول توثيقها، لكي لا يترك المشهد فارغاً وبما يناسب السرديات المضادة التي كانت وما زالت تشوه واقع حراك الثورة السورية السلمية الديمقراطية.


لا توجد فعالية سورية ملفتة وهامة، إنما كان من الملفت تراكم الخسارات في المشهد الثقافي، ولا سيما رحيل عدد كبير من المبدعين السوريين في الداخل السوري وفي المنافي، وفي المقابل لهذه الخسارات كان وما زال ملفتاً تعاظم حضور نتاج الأفلام الوثائقية السورية.

فقد بدأ العام بحضور فيلم “عن الآباء والأبناء” لطلال ديركي ضمن الأفلام الأربعة المرشحة لجائزة الأوسكار، مترافقاً بجدال سوري- سوري واسع حول خطابه ورؤيته وتأويل تفاصيله من قبل الجمهور، وها هو العام يكاد ينتهي.

وقد أعلن عن وصول فيلمين سوريين لقائمة ترشيحات الأوسكار هما فيلم “إلى سما” لوعد الخطيب وإدوارد واتس وفيلم “الكهف” لفراس فياض، وهنا يجب أن أشير لمسألة مهمة، علينا أن ننتبه لها ونحن نتحدث عن الفيلمين، ألا وهي موضوعهما، فكلاهما يجول في واقع المشافي السورية التي كانت تعالج الجرحى من المدنيين السوريين الذين كانت مقومات حيواتهم هدفاً ثابتاً للطيران الروسي وطيران النظام السوري.

ضمن هذا المسار يصبح الاحتفاء بحضور الفيلمين عالمياً عبر سلسلة جوائز سابقة، وعبر منافستهما على جائزة الأوسكار، إنما هو تأكيد على حضور مأساة السوريين وترسيخها في المنابر حول العالم، بعد أن ساهمت الميديا بخلخلة الصورة، إذ حولت الشاشات إلى مساحة لعرض المواد عن الإرهاب وداعش، حتى بات الإنسان السوري الحالم بحريته مجرد تفصيل عابر في السياق!


  • مأمون الزائدي (مترجم ليبي): ارتفاع عدد الإصدارات الأدبية غير المترجمة

من الملحوظ في هذه السنة المنصرمة ارتفاع عدد الإصدارات الأدبية غير المترجمة وتمكن عدد كبير من الكتاب والشعراء من نشر إنتاجهم وتقديم تجربتهم للمرة الأولى، حيث كانت الصدارة للترجمات في السنوات السابقة. ومع هؤلاء نشرت لي دار نينوى للدراسات والنشر خلال هذه السنة روايتي الأولى “رمل أزرق” التي حاولت فيها أن اختط فيها منحاً سردياً مغايرا تاركا الحكم النهائي للقارئ.

ومن العناوين التي استوقفتني: “وزارة السعادة القصوى” وهي رواية نشرت عام 2017 للكاتبة والروائية الهندية أرونداتي روي، الحاصلة على جائزة البوكر عام 1997 عن روايتها “إله الأشياء الصغيرة”، وبعد عشرين عاما أصدرت روايتها هذه “وزارة السعادة القصوى”، التي تتناول فيها الواقع السياسي والاجتماعي الهندي المثير للاهتمام بما يضمه من صراعات طائفية وطبقية من خلال شخوص وحيوات مختلفة تنسج الكاتبة تفاصيلها ببراعة ودقة.

قيل عن الرواية “متاهة فاتنة، استحقت الانتظار طويلا”، و”قطعة منسوجة من السرد، مضحكة، ومثيرة، ومؤلمة”. وصدرت بترجمة أحمد شافعي عن الكتب خان المصرية في كانون الثاني/يناير 2019.

وصنعت الكاتبة الكويتية الناشطة بثينة العيسى عالما خاصا في روايتها المميزة “حارس سطح العالم”، التي يمكن وصفها بالديستوبيا، والتي يصبح فيها كل شيء ممنوعا وكل فعل خطرا، والعالم ليس سوى مكان موحش، ولكن بطل الرواية يخطئ ويقترب من أهم الممنوعات وهي الكتب، فيبحر داخلها، ويتماهى مع شخصياتها. صدرت الرواية عن الدار العربية للعلوم ناشرون في أيلول/سبتمبر 2019.


“كتاب تقشعر له الأبدان، لكنه مفعم بالأمل. منير. وساحر”- هكذا وُصف “ظلام مرئي: مذكرات الجنون” لواحد من أعظم الكتاب الأميركيين وليام ستايرون، فهو واحد من أفضل 100 كتاب في التاريخ، حيث استطاع كاتبه أن يرصد من خلاله الاضطرابات والحالة النفسية التي وقع بها وعايشها عند إصابته بالاكتئاب، ووقوعه في قبضة الشعور بالسخط واللامبالاة واليأس،

وأصدر كتابه الأصلي في أيلول/سبتمبر 1990، محاولا عرض تجربته الذاتية في شجاعة. ترجم الكتاب أنور الشامي، وصدر عن دار الكرمة في كانون الثاني/يناير 2019،
وهناك أيضا: كتاب أغوتا كريستوف “أينك يا ماتياس؟ يليه: لين، الزمن”. من ترجمة: محمد آيت حنا.

وإصدار دار الجمل. وكتاب “رسام الحياة الحديثة” لشارل بودلير ترجمة الدكتور قاسم المقداد ومن إصدار دار نينوى للدراسات والنشر. وكتاب “عصيان الوصايا، كاتبة تجوب أقاليم الكتابة” وهو سيرة أدبية للأديبة والكاتبة العراقية الكبيرة لطيفة الدلّيمي وصدر عن دار المدى. وكتابان لبورخيس من ترجمة الراحل صالح علماني هما “التانغو” و”صنعة الشعر” من إصدارات دار الجمل.

ربما هذا ما جادت به الذاكرة وسط خضم الانشغالات دون أن أنوي عمدا إغفال العديد من العناوين الجميلة الأخرى فأنا في العادة أقسم وقتي لمتابعة الإصدارات باللغة الإنكليزية بحثا عن كتاب يستحق الترجمة والتقديم لقراء العربية وقد شرعت بالفعل في ترجمة أحدها.

أما عن أهم الفعاليات فهو معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أنه عكاظ الناشر العربي وفرصته التي يتحينها ليقدم جديد إصداراته، دون أن نغفل معرض الشارقة ومعرض الرياض والنشاط المتنامي لمعرض بغداد وحركة النشر العراقية ومعارض عربية أخرى.


العربي الجديد

عماد الدين موسى

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى