أخبار ومتابعات

المؤتمر الدولي الثالث: القراءة وإنتاج المعنى في النص: من المعيارية النقدية إلى الانفتاح القرائي المتعدد

 

  • ديباجة المؤتمر

لقد عرفت مقاربة النص الأدبي في الدراسات الأدبية العربية خلال النصف الأخير من القرن العشرين طفرة نوعية، تجلت في انفتاح النقد الأدبي على حقول ومجالات معرفية مختلفة، لم يعد النص الأدبي معها بنية مغلقة على ذاتها، بل أضحى مجالا لتداخل وتفاعل وتقاطع نصوص أدبية وغير أدبية، فأصبح حقل الدراسات الأدبية يوظف مفاهيم تدل على عمق طبيعة العلاقة القائمة بين النصوص، كمفهوم “التناص” و”جامع النص” و”التعالي النصي” و”الحوارية” و”النص الغائب” و”البنوة والانتساب” وغيرها من المفاهيم التي انتقلت بحمولاتها الدلالية من مجالات توظيفها الأصلية إلى مجال الدراسات الأدبية.

إن طرح سؤال التجديد في مقاربة النص الأدبي العربي الحديث والمعاصر أو قراءته، جاء نتيجة التطور الذي حصل في بنية النصوص الأدبية من جهة، وما فرضته المستجدات السوسيوثقافية التي عرفتها الثقافة النقدية الأدبية على المستوى العالمي بشكل عام، وفي العالم العربي على وجه التحديد من جهة ثانية؛ وهي عوامل بعضها داخلي -فرضت على القارئ العربي ضرورة إعادة النظر في طريقة تناول النص الأدبي الحديث- وتتجلى في التغييرات العميقة في بنية النص الجمالية، وفي وظيفته الدلالية، فضلا عن ارتباط البنية النصية الشكلية والدلالية بعدد من المعارف والنصوص المعاصرة والقديمة، مما جعل استيعاب احتمالات التدليل مرهونا بالكشف عن تلك المشارب المعرفية التي تدخل في تشكيل النسيج النصي.

أما العوامل الخارجية التي تحكمت في إعادة النظر في قراءة النص الأدبي العربي الحديث والمعاصر – والتي خلصته من الكثير من التعسفات التي فرضتها منظورات محكومة بخلفيات دينية حينا، وإيديولوجية أحيانا أخرى، وكرست أحادية المعنى في تلك القراءات ()- فتنقسم إلى صنفين اثنين:
صنف يتعلق بالتطورات التي طرأت في المجال الأدبي، ويتعلق الأمر بتراجع ما كان يعرف بالاتجاهات الأدبية وانمحاء الحدود الوهمية بين الأنواع الأدبية، وكذا التحولات التي طرأت في مجال التنظيرات الأدبية ما بعد البنيوية، كنظرية التفكيك ونظرية التلقي ونظرية التناص….

أما الصنف الثاني، فيتعلق بالتحولات المعرفية التي طرأت على العديد من المعارف والعلوم الإنسانية، والتي ألغت وهم الحدود الفاصلة بينها، وقضت على أرثودوكسية المنهج الواحد، وأفضت إلى حقيقة التكامل والتفاعل بين مناهج وحقول المعرفة الإنسانية، ونذكر بهذا الصدد إفادات الدراسات الأدبية، من علوم اللسانيات والتاريخ والهيرمينوطيقا الفلسفية والدراسات الثقافية والسيميولوجيا والأنتروبولوجيا….

ينضاف إلى هذين العاملين عامل آخر، ويتعلق الأمر بالترجمة الأدبية التي شكلت آلية لانفتاح الدراسات الأدبية العربية على مستجدات الدرس النقدي الغربي، ذلك أن تأكيد أهمية الترجمة في المقارنات الأدبية تعود إلى ظهور نظرية النسق المتعدد، وهي نظرية تستند خلفياتها المعرفية والمنهجية إلى حركة ما بعد الحداثة، التي تجاوزت مفهوم النسق المنغلق لتطرح تصورا يؤمن بحتمية التفاعل والتداخل والتلاقح بين الأنساق الثقافية بمختلف أنماطها وتلويناتها، وخاصة في مجال التعبيرات الأدبية التي تنتمي إلى المشترك الثقافي الإنساني.

تأسيسا على ما سبق، ارتأينا في مركز المولى إسماعيل للدراسات والأبحاث في اللغة والآداب والفنون أن نجعل من موضوع ثنائية الوحدة والتنوع في مقاربة النص وتجديد آليات قراءته، مجالا للسؤال والنقاش والحوار والمطارحة في المؤتمر الدولي السنوي الثالث لعام 2020 للبحث عن مدى وجود آليات معرفية ومنهجية، تنتمي إلى حقول معرفية مختلفة تسعف في قراءة وإنتاج معرفة جديدة بالنص الأدبي، لا تقف عند حدود البعد الفني الجمالي، بل تتجاوز ذلك لمعانقة الأبعاد الجوهرية في النصوص، باعتبارها رؤى إنسانية حول مبادئ في المعرفة والقيم والوجود، تستمد أصولها من خلفيات ومرجعيات أدبية جمالية وثقافية فكرية تمتاح من “شجرة الأدب” حسب تعبير الكاتب والروائي الإسباني خوان غويتيسولو، كتشكيل إبداعي وجمالي يكتنز من الحمولات الثقافية والفكرية ما يجعله ينتمي إلى مجال المشترك الإنساني.

وهكذا فإن هذا المؤتمر يعيد صياغة طرح العديد من الأسئلة حول قراءة ومقاربة النصوص بشكل عام، والأدبية منها على وجه التحديد؛ ومن هذه الأسئلة: كيف يدل النص؟ وعلى ماذا يدل؟ ما الذي تغير في بنية ووظيفة النص الأدبي العربي المعاصر والذي فرض على الممارسة النقدية الانفكاك من “مأساتها” حسب تعبير يمنى العيد، و”تغيير عاداتنا في قراءة النصوص” من منظور حميد لحميداني، وتحرير النص الأدبي من الخضوع إلى”سرير بروكست” بتعبير عبد الفتاح كيليطو؟ ما المستجدات المعرفية والثقافية التي استند عليها حقل الدراسات الأدبية والتي أدت إلى تحرير القارئ وإغناء المقروء؟ ما السر في تنوع وتعدد القراءات للنص الواحد؟ وكيف تسمو القراءة من مجرد البحث عن الأبعاد والدلالات الجمالية إلى معانقة الجواهر الثقافية والحضارية في التعبيرات الأدبية. تلك إذن مجموعة من الأسئلة ارتأينا تضمينها في المحاور التالية:

المنظورات النقدية العربية المعاصرة، نحو فك أسر النصوص.

قراءة النص الأدبي من الدراسة إلى المقاربة، مجالات الاغتناء المعرفي والثقافي:
أ – الدراسات اللسانية والدرس الأدبي: من تذوق النصوص إلى إنتاج معرفة أدبية بها.
ب- لسانيات النص وتحليل الخطاب: من الاشتغال بقضايا الجملة إلى معالجة قضايا النص والخطاب.
ج- الأدب والتاريخ والهيرمينوطيقا الفلسفية: القراءة باعتبارها أفعالا إجرائية ثلاثة: تفسير وفهم وتأويل، والنص الأدبي باعتباره حاضنا لمبادئ في المعرفة والقيم والوجود.
د- الأدب والسيميولوجيا: النص علامة ثقافية تتشكل من رموز وإشارات وشفرات … والتأويل آلية لتفكيكها.
الترجمة والمثاقفة الأدبية: النص الأدبي مجال لتقاطع نصوص أدبية وغير أدبية
سابقة عليه ومتزامنة معه.
المدخل الثقافي لقراءة النص الأدبي: التأويل والقصدية بين السياق والنسق، والقراءة باعتبارها تقاطعا لقصدية الكاتب وقصدية النص وقصدية القارئ.
قراءة النص الفني وتأويله، نحو انفتاح قرائي متعدد ومنتج.
النقد الفني وخلخلة المسلمات المؤطرة لفعل القراءة: من الثبات المنهجي إلى المرونة
والانفتاح على مناهج ونظريات ومجالات معرفية متنوعة.


باقي تفاصيل المؤتمر 

 

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page