محمد أركَون – Mohammed Arkoun
د- محمد أركون، ناقد ومفكر وفيلسوف عربي حداثي، ولد في الجزائر وعاش في فرنسا ودفن في المغرب، آمن بما وراء الحداثة، لكنه شعر باليأس والإحباط من نظرة الأوربيين إليه كمسلم تقليدي. كان ينتقد العقل الإسلامي بلسان فرنسي وبعقل استشراقي غربي.
ولد محمد أركون يوم 1 فبراير/شباط 1928 بقرية تاوريرت ميمون بولاية تيزي وزو في منطقة القبائل الكبرى، ونشأ في عائلة أمازيغية فقيرة، وذكر في مراسلاته الشخصية أن عائلته تركت موطنها الأصلي في قسنطينة وقصدت تاوريرت ميمون بحثا عن الحماية.
بدأ تعليمه الابتدائي في تاوريرت ميمون، والتحق بوالده في محافظة عين تموشنت بالغرب الجزائري وهو في التاسعة من العمر، فتعلم العربية والفرنسية.
بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة لعائلته لم يتمكن من السفر إلى العاصمة الجزائر لمواصلة تعليمه الثانوي، فدرس في ثانوية يشرف عليها الآباء البيض (نخبة من المعلمين ذوي النزعة التبشيرية) بولاية وهران ما بين (1941-1945).
استكشف في تلك المرحلة الثقافة والأدب اللاتينيين، وتعرف على القيم المسيحية وآباء الكنيسة الأفريقية تورتوليان وسوبريانوس وأوغسطينوس.
التحق بكلية الآدب في جامعة الجزائر ما بين (1950-1954) ولم يكتف بدراسة الأدب بل انخرط أيضا في دراسة الفلسفة والقانون والجغرافيا، وفي منتصف الخمسينيات التحق بجامعة السوربون بتوصية من المستشرق لويس ماسينيون، وفيها حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة في يونيو/جزيران 1969.
تولى عددا من الوظائف والمهام، حيث عمل أستاذا في العديد من الجامعات العالمية كجامعة السوربون تخصص التاريخ الإسلامي (1961-1969)، وجامعة ليون (1970-1972)، وجامعة كاليفورنيا (1969)، وجامعة نيويورك (2001-2003).
حصل على العضوية في مجلس إدارة معاهد الدراسات الإسلامية في لندن (1993-2010)، ولجنة تحكيم في هيئة إدارة جائزة آغا خان للهندسة (1989-1989)، وعضو اللجنة القومية للأخلاق والرؤيا العالمية والصحة (1990-1998).
كما كان عضوا في اللجنة الدولية لجائزة اليونسكو لأصول تربية السلام لسنة 2002، وعضوا لجنة تحكيم الجائزة العربية الفرنسية لسنة 2002، وعضوا بالمجلس العلمي للمعهد السويدي بالإسكندرية.
وعمل مديرا علميا لمجلة “أرابيكا” ما بين (1979-2008)، ومستشارا علميا لمكتبة الكونغرس بواشنطن (2000-2003)، ورئيس لجنة تحكيم جائزة الشارقة الثقافية 2010.
- التجربة الفكرية
اشتغل بنقد العقل الإسلامي من خلال دراسة النصوص الدينية وأصول الفقه التي أصلها علماء الشريعة الإسلامية على مدار القرون الثلاثة الأولى، والتي جسدت حينها قدرة العقل الإسلامي على التحليل والتفسير والاستقراء والاستنباط.
وظلت تلك الأصول -حسب رأيه- فيما بعد قوانين مقدسة لا يمكن تغييرها بتغيير الظروف التاريخية والاجتماعية، ولذلك سعى أركون وحاول فهم النص الديني من خلال تركيبته الأدبية والقرائن التي تحفه.
اعتبر عدد من المتخصصين في الفكر الإسلامي والمفكرين الإسلاميين أن نظرية أركون “نقد العقل الإسلامي” تمت بمنهجية غربية، وسعت لنزع الثقة والقدسية عن النص الديني، وفي هذا السياق قال الدكتور محمد بن حامد الأحمري إن النظرية المذكورة سعت لـ”نزع الثقة من القرآن الكريم وقداسته، واعتباره نصا أسطوريا قابلا للأخذ والرد”.
كما ذهب بعض النقاد إلى أن مشروعه الفكري -في معظمه- لا يعدو أن يكون اجترارا لتجربة الفكر الفرنسي وموقفه من التراث اللاتيني المسيحي الأوروبي.
ورغم إيمانه بما بعد الحداثة وانصهاره في بوتقة الفكر الغربي، فقد شكا أركون بمرارة من نظرة الأوربيين إليه بوصفه مسلما تقليديا.
- مؤلفاتــه
ألف باللغة الفرنسية العديد من الكتب أبرزها “الفكر العربي”. ترجمه الدكتور عادل العوا إلى العربية،
– “الإسلام بين الأمس والغد” ترجمه علي مقلد،
– “تاريخية الفكر العربي الإسلامي”،
– “الفكر الإسلامي قراءة علمية”،
– “الإسلام والأخلاق والسياسة”،
– ” الفكر الإسلامي نقد واجتهاد”,
– “استحالة التأصيل”.
– “نزعة الأنسنة في الفكر العربي”،
– “من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي”
– “معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية”،
– “قضايا في نقد العقد الديني”،
– “العلمنة والدين”
بالإضافة إلى مقالات ودراسات متعددة.
- الأوسمة والجوائز
حصل على عدد من الجوائز والأوسمة من قبيل ضابط “بالمس” الأكاديمي 1 أغسطس/آب 1979، وضابط لواء الشرف 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، ونال دكتوراه فخرية من جامعة أكسيتر 18 أبريل/نيسان 2008.
كما حصل على جائزة ليفي ديلا لدراسات الشرق الأوسط كاليفورنيا 10 مايو/أيار 2002، وجائزة ابن رشد للفكر الحر برلين ديسمبر/كانون الأول 2003، وجائزة الدوحة عاصمة الثقافة العربية فبراير/شباط 2010.
توفي محمد أركون يوم 15 سبتمبر/أيلول 2010 عن عمر ناهز الثمانين عاما، ودفن بمقبرة الشهداء في العاصمة المغربية الرباط تنفيذا لوصيته.