برنامج بريسم (PRISM)، الذي بدأ في عام 2007، يُعتبر واحدًا من أبرز برامج التجسس الإلكتروني وأكثرها إثارة للجدل في القرن الحادي والعشرين. أطلقته وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) كأداة لجمع وتحليل البيانات من الإنترنت، مُركِّزًا على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، لكنه أثار قضايا واسعة تتعلق بالخصوصية والحرية الشخصية. في هذه المقالة، سنقدم تحليلًا شاملًا حول برنامج بريسم من حيث النشأة، الآليات، الأهداف، والجدل الذي أثاره.
- نظرة عامة على برنامج بريسم
برنامج بريسم هو جزء من عمليات وكالة الأمن القومي الأمريكي ضمن قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA). يهدف البرنامج إلى جمع البيانات من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل، فيسبوك، مايكروسوفت، وغيرها. يتم جمع المعلومات مباشرة من خوادم هذه الشركات عبر طلبات سرية مُصدق عليها قانونيًا من محكمة الاستخبارات الأجنبية.
بريسم لا يستهدف فقط المشتبه بهم في قضايا أمنية بل يشمل أيضًا جمع بيانات المستخدمين العاديين، مما يُظهر مدى توسع عمليات المراقبة الرقمية.
- كيف يعمل برنامج بريسم؟
- جمع البيانات: يتم استخراج البيانات من البريد الإلكتروني، مكالمات الفيديو والصوت، الرسائل النصية، نقل الملفات، وحتى نشاطات وسائل التواصل الاجتماعي.
- الشركات المشاركة: تشير تقارير إلى أن شركات تقنية عملاقة مثل آبل وياهو وسكايب قدمت بياناتها لوكالة الأمن القومي تحت إطار برنامج بريسم.
- التحليل: تُحلل البيانات المجمعة باستخدام تقنيات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الأنماط المشبوهة أو العلاقات بين الأفراد.
الأهداف المعلنة والخفية
- الأهداف المعلنة: مكافحة الإرهاب، حماية الأمن القومي، والتصدي للجريمة المنظمة.
- الأهداف الخفية: التجسس على حكومات أجنبية، شخصيات عامة، وحتى مواطنين أمريكيين.
في عام 2013، كشف إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي، عن وثائق سرية تُظهر أن بريسم كان يُستخدم لمراقبة نطاق أوسع بكثير مما هو معلن عنه، مما أشعل موجة انتقادات عالمية.
- الجدل القانوني والأخلاقي
- انتهاك الخصوصية: يرى منتقدو برنامج بريسم أنه يتعارض مع مبادئ الحريات الشخصية والخصوصية التي ينص عليها الدستور الأمريكي.
- ردود الفعل الدولية: أظهرت تسريبات سنودن أن العديد من الحكومات الأجنبية، بما في ذلك حلفاء للولايات المتحدة، كانت تحت المراقبة، مما أدى إلى توتر العلاقات الدبلوماسية.
- دور الشركات الكبرى: واجهت شركات التكنولوجيا انتقادات حادة بسبب تعاونها مع وكالة الأمن القومي، مما أثَّر على سمعتها وثقة المستخدمين بها.
- آثار برنامج بريسم على المجتمع الرقمي
- تصاعد حملات الخصوصية: أدى الكشف عن برنامج بريسم إلى ظهور حركات تدافع عن الخصوصية الرقمية وتطالب بالشفافية في جمع البيانات.
- تغيير سياسات التكنولوجيا: بدأت الشركات الكبرى بتبني سياسات تشفير أكثر صرامة لحماية بيانات المستخدمين.
- الوعي المجتمعي: زاد وعي الجمهور بمخاطر التجسس الرقمي وكيفية حماية أنفسهم باستخدام أدوات مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN).
برنامج بريسم يُمثل نموذجًا صارخًا للتحديات التي يفرضها التقدم التكنولوجي على الخصوصية. ورغم الأهداف الأمنية المُعلنة، فإن الجدل المستمر حول البرنامج يسلط الضوء على الحاجة لتحقيق توازن بين الأمن القومي وحقوق الأفراد.