التضخم في المغرب يُحلق إلى 8.3% لأول مرة منذ سنة 1995م
جاءت البيانات الرسمية حول التضخم التي أعلن عنها المغرب، أمس الخميس، كي تدعم تمثل الأسر لتطور قدرتها الشرائية في الأشهر الأخيرة، حيث ما فتئت تؤكد على تراجعها بسبب الغلاء.
فقد أعلنت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، عن تفاصيل تطور أسعار المستهلكين في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، حيث أكدت ارتفاع التضخم بنسبة 8.3 في المائة، مقابل 8 في المائة في أغسطس/آب و7.7 في المائة في يوليو/تموز.
وتفيد المندوبية، التي تعتبر المؤسسة الرسمية التي توفر البيانات حول الاقتصاد، أن ارتفاع التضخم في الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري ناجم عن تزايد أثمان المواد الغذائية بـ14.7 في المائة.
ولاحظت أن أثمان المواد غير الغذائية ارتفعت بنسبة 4.4 في المائة، حيث تراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية ما بين ارتفاع قدره 0.1 في المائة بالنسبة لـ “الصحة” و12.9 في المائة بالنسبة لـ”النقل”.
ولم يكف التضخم عن الارتفاع منذ بداية العام الجاري، متأثرا بتداعيات الحرب في أوكرانيا على الأسعار وسلاسل التوريد في العالم، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل في العام الحالي إلى 6.2 في المائة، مقابل 4.1 في المائة في العام الماضي.
ويعكس معدل التضخم المسجل في الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، توقعات الأسر لوضعيتها، حيث كشفت المندوبية السامية للتخطيط أول من أمس الأربعاء، عن أن مؤشر ثقة الأسر تراجع ليسجل أدنى مستوى له منذ انطلاق العمل ببحوث الظرفية سنة 2008.
وصرحت 81.5 في المائة من الأسر بتراجع مستوى المعيشة في الاثني عشر شهرا الماضية. تلك نسبة تصل إلى 49.8 في المائة عند استطلاع رأي الأسر حول توقعها لتطور مستوى المعيشة خلال الاثني عشر شهرا المقبلة.
وتؤكد 53.5 في المائة من الأسر أن إيراداتها تغطي مصاريفها، بينما تفيد 4.7 في المائة بأنها استنزفت مدخراتها أو اضطرت للاقتراض.
وبعدما كانت الحكومة تؤكد أن التضخم مستورد منذ الحرب في أوكرانيا، إلا أنه تجلى، حسب ما عبر عنه بنك المغرب في الشهر الماضي في أنه يهم منتجات مصنعة بالمغرب، لا علاقة لها نسبيا بالمدخلات أو سلاسل التوريد الأجنبية.
وكان البنك المركزي ارتأى في سبتمبر/ أيلول زيادة معدل الفائدة الرئيسية بنصف نقطة كي يقفز من 1.5%، إلى 2 في المائة، حيث جاء ذلك في ترقب بلوغ التضخم 6.3 في المائة في نهاية العام الجاري.
وأكد البنك المركزي أن الظرفية الدولية تظل متأثرة بالأزمة الصحية وبتداعيات الحرب في أوكرانيا، وهو ما يتضح عبر استمرار ارتفاع أسعار المنتجات الطاقية والمواد الغذائية وكذا الاضطرابات على مستويات جد مرتفعة.
وشدد البنك المركزي على أن التضخم يتأثر بالضغوط الخارجية كما تجلى أكثر منذ الحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أن محافظ البنك عبد اللطيف الجواهري، سجل أن التضخم بدأ ينتقل بشكل سريع إلى أسعار السلع المتبادلة التي توفر داخليا.
ويؤكد الاقتصادي علي بوطيبة، في حديثه لـ”العربي الجديد” أن تدهور القدرة الشرائية للأسر بالمغرب في الفترة الأخيرة، ليس مجرد انطباع أو إحساس لدى الأسر، بل حقيقة تعكسها البيانات الصادرة عن المؤسسات الوطنية التي تتولى إنتاج البيانات.
ويشير إلى أن الجميع يترقب التدابير التي ستتخذها الحكومة عبر مشروع موازنة العام المقبل من أجل دعم القدرة الشرائية، علما أن الحكومة دأبت على التأكيد على أن دعم بعض السلع غير ممكن، لأن ذلك قد يؤدي إلى خفض نفقات الاستثمار، بما له من تأثير على مشاريع التنمية.